مُنذُ بدء الحرب على غزّةَ وأُشاهِدُ كمًّا لا بأسَ بهِ من الإدانةِ على ألسُنِ ولاةِ أمور العرب ووزراء خارجيتهم ولرُّبما بعض الأعاجم، وفي كُلٍّ مرّة أرى أنَّ العدو ال ص ه ي و ن ي لا ينتبه لتلكَ الإدانةِ بل على العكسِ؛ فنجدهُ يتمادى في إراقةِ الدِماء، والتمثيل بجُثثِ الرُّضعِ والأطفال، هذا بالإضافةِ إلى قطعِ الماء والكهرُباء ومصادر الطاقة حتّى عن المُستشفيات!
ناهيكم عن القصفِ والتدميرِ والخرابِ الذي أحدثهُ العدو ال ص ه ي و ن ي بقطاعِ غزّةَ مع سبقِ الإصرار والترّصُد؛ إذ كانوا يُبيّتونَ النيّةَ لكُلّ ما حَدَثَ ولا زالَ يحدثُ وبمعاونةِ الأُمّ الداعمة الكولومبوسيّة.
أتساءل: أينَ الجنائية الدولية من الدَمِ الفلسطيني الذي غطّى القشرة الأرضية من قطاعِ غزّةَ؟!
لقد قُتِلَ الإنسان في قطاعِ غزّةَ مرّتينِ بالقصفِ والصمتِ!
يا مَن قلبتم الدُنيا رأسًا على عَقبٍ وتضامنتم مع أوكرانيا.. أينَ أنتم من الجنسِ البشري في قطاعِ غزّةَ؟
ما يفعلهُ العدو الصهيوني ما هو إلَّا استفزاز للعروبةِ والعرب أو قُلْ للحكوماتِ العربية، فطالما أنَّهُ لا يسمح لهم بعبورِ شاحنات الأدوية _والتي تذهب من أرضهم لأرضهم أيضًا_ إذًا يُريدُها حربًا دولية، أنا جاهلةٌ بعِلمِ السياسيةِ كجهلي بطريقة تفكير الحُكّام العرب، لكنَّ الذي لا حاجةَ فيهِ لنقاشٍ هو أنَّنا هُزمنا دونَ حربٍ، ولا حول ولا قوّةَ إلَّا باللَّهِ العليِّ العظيم!
ليتَ مخزون ذاكرتي من اللغاتِ يُسعفني لأسطرها بكُلِّ لُغاتِ العالم.. ما أرخصَ الإنسانية في زمنٍ يُراقُ فيهِ الدّم البشري ظُلمًا وعدوانًا على مرأى ومَسمعٍ عالمي!
بل ما أظلمَ مَن ابتدعَ مصطلح حقوق الإنسان ليُقننَ بها قتل الإنسان لمَن يدفع أكثر!
إبادة جماعية لقطاعِ غزّةَ بتواطؤ عالمي ولا زالَ المُتفيهقونَ يتشدّقونَ بحقوقِ الإنسان؛ تبًّا لهُ من مُصطلحٍ لا جدوى منهُ.
لا أحدَ يُحرّكُ ساكنًا تجاهَ البشائع التي يُحدثها العدو الصهيوني بحقِّ أشقائنا في غزّةَ، أمَّا عن الكلامِ فلا أكثرَ منهُ طالما خلا من الجمارك، وعنِ الأفعالِ فكلّنا كغُثاءِ سيلٍ كثرة بلا فائدة، وأمَّا عن المالِ فبيننا مَن يمتلك منهُ الكثير لكنَّهُ يُنفقهُ في غيرِ موضعهِ الصحيح.
لا سامحَ اللَّهُ مَن أذاقونا شعورًا نَحنُ منهُ براء، شعورُ العجزِ والكسرِ والقهرِ، وحسبنا اللَّهُ ونعمَ الوكيل.
إنَّ العدو الصهيوني يعلمُ كُلّ العِلمِ أنَّهُ غير مُرّحبٌ بهِ في أرضنا، كما يعلمُ أنَّ للصّبرِ حدود حتمًّا ستنفد يومًا ما، عساهُ قريبًا فليرتقبوا.
لا يعنينا كيفَ نبدو أمامَ العالم الذي خلا من الإنسانيةِ قدر ما يعنينا أنَّ لدينا رجال لا تميل وإنْ مالتْ الجبال.. حيَّا اللَّهُ أشقائنا في غزّةَ،
هُم عِبادُ اللَّهِ ولن يُضيّعهم.
حسبنا اللَّهُ وكفى، أجابَ اللَّهُ مَن دعى، اللهمَّ غزّةَ برّها وبحرها وجوّها، يا ربّنا إنَّكَ على ما تشاءُ قدير، وبالإجابةِ جدير وحسبُنا أنتَ ونِعمَ الوكيل.
مريم توركان
12/11/2023