جبلني رَبّي على بعضِ الغَيرةِ تجاهَ قاطني قلبي وفقط، كما أنَّني عنيدةٌ بعض الشيء، لكنَّني أتنازلُ عن عِنادي أمامَ رغبةَ مُحِبّيني.
ذاكرتي كَالدولفين مع مَن يُسدي إليَّ معروفًا حتّى وإنْ كانَ كلمةً طيّبة قِيلتْ لي أو عنّي، وخصوصًا النصائح الصادقة، من قلوبِ الراغبينَ في مُشاهدتي الأفضل دومًا.
وقِسْ على هذا مُعلّميني على مَرّ حياتي، فمَن يُعلّمني ولو حرفًا أجعل لهُ من ذاكرتي مكان، كذلكَ فإنَّ ذاكرتي لا تحملُ مَن طالني آذاهُ ولو بكلمة، وهذا فضلٌ كبير، أنْ تكونَ ذاكرتي جميلة بجميلِ ما تحمله، ماحيةٌ ما كانَ دونَ ذلك، فهي نفيسةٌ ولا تُضيّفُ إلَّا النفائس.
إنْ أحببتُ رأيتني فارسة مغوارة، أُغشي مَن أُحِبُّهم بالحنان، وأحملهم بقلبي، وأجعل لهم من فؤادي مَهوى، ومن رَّوحي ملاذ، ومن عقلي سُكنى.
أُشفِقُ عليكَ منّي يا مَن جُعِلتُ حظًّكَ من نساءِ الدُّنيا، قبلَ أنْ يخلقَ الرحمٰنُ السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، إذ أنَّني أتعجبُني في بعضِ الأحيان، فبالكادِ قد فَهمتني، فكيفَ بكَ من فَهمي؟
هل ستعرفني كما أنا عرفتني؟
أم ستكون سطحيّ المعرفةَ بي، تَرضى بظاهري ولا تغوصُ بأعماقِ باطني، هل سيتحقّق مفهوم الشراكة بيننا رَّوحيًا، ونفسيًا، وعاطفيًا، وأخيرًا جسديًا.
هل ستصدُق مقولة أنَّكَ نصفي الثاني، وأنا كذلكَ نصفكَ الثاني؟
هل ضروريًا أنْ يكونَ بيننا بعض الشبه الشكلي، كَالملامح، والعيون، والشعر مثلًا؟
هل لا بُدَّ من تقارُبِ نبرة الصوت الخاصّة بكلينا؟
أتعلمُ يا نصفي الثاني الذي يعلمهُ رَبّي أنَّ كلينا سيكون مُختلفًا عن الآخر، كي يُعوَّض نقصنا، إذ ما ينقصني مُتوّفرٌ بك، وما ينقصكَ مُتوّفرٌ بي، وهكذا نُكمِلُ بعضينا.
أُشفِقُ عليكَ منّي لندرةِ حُبّي، فقلبي مُميّزٌ بفضلِ رَبّي، لذا ستُذهل حينَ يجمعُنا القدر، فيأذن الرحمٰن بالنصيب، ستعلمُ أنَّ الحقَّ معي حينَ أَشفقتُ عليكَ منّي.. لأنَّكَ ستَرى قلبًا ليسَ كَسائرِ القلوب، حتّى أنا أتعجبُني!