حينَ تَبِعَ فرعون _لعنهُ اللَّهُ_ سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ كانَ على يقينٍ بأنَّهُ سيُمسك بهِ لا مَحالة؛ فمَن كانَ أمامهُ البحر ووراءهُ جيشٌ ضخمٌ حتمًّا سيكون لا مفرَّ لهُ، وهذا ما وَقَعَ بنفسِ بني إسرائيل لضعفِ يقينهم باللَّهِ، أمَّا سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ فكانَ على يقينٍ بأنَّ اللَّهَ لن يتركهُ وسيجعل لهُ مخرجًا، بل وسيجعل لهُ الغَلبة على فرعونَ وجيشه.
وقفَ سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ أمامهُ البحر وخلفهُ فرعون بجشيهِ، إرتبكَ بنو إسرائيلَ حتّى أنَّهم تعجبوا من ثباتِ نبيّهم _عليهِ الصلاةُ والسلام_ فقالوا لهُ: إنَّا لمدركون!
وهُنا نَطَقَ سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ ليُجيبهم بنفي مقالتهم: كلا إنَّ معي رَبّي سيهدين، قالها بقلبهِ قبلَ لسانهِ.. إنَّ معي رَبّي سيهدين غيّرتْ بفضلِ اللَّهِ مجرى الأمور؛ فكانت الغَلبة لسيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ حينَ أمرَ اللَّهُ سيدنا جبريل _عليهِ السلام_ فشّقَ البحر بعد أنْ ضربهُ سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ بعصاهُ فكانَ كالطودِ العظيم.
ومرَّ سيدنا موسى _عليهِ الصلاةُ والسلام_ ومعهُ بني إسرائيل بينما الأمواج مُرتفعة على جانبي طريقهم، خُيّلَ إلى فرعونَ أنَّهُ سيذهب خلفهم ويلحق بِهم ومن ثَمَّ يَقضي عليهم، فأمرَ جُندهُ بتتبُعِهم وكانَ هو مُتقدمهم حتّى إذا ما وصلوا إلى المنتصفِ أطبقَ اللَّهُ عليهم البحرَ فماتوا غرقًا.
دلفَ البارحة خنازير الأرض قطاع غزّةَ العِزّة وقاموا بقطعِ الإرسال ووسائل الإتصال؛ ظنًّا منهم أنَّهم سيقضونَ عليهم طالما تخلّى عنهم العرب والمُسلمين، فهذا يُقيمُ مرقصًا وذاكَ يفخرُ بالتطبيعِ، وهؤلاء منشغلونَ بأحوالهم، وأولئكَ مغلوبونَ على أمرهم، لكنَّهم تنَاسوا أنَّ اللَّهَ معهم وهو بِهم كفيل.
فَرِحَ خنازير الأرض بسطوتهم على مَن يملكونَ من وُلاةِ أمور العرب فعاثوا في الأرضِ فسادًا، لكنَّهم تنَاسوا أنَّ اللَّهَ مُنجِزُ وعدهُ لعبادهِ المؤمنين، الذينَ وثقوا بهِ سبحانهُ وتعالى وتوكّلوا عليهِ، مُستعينينَ بهِ _عزّ وجلّ_ على خيانةِ مَن خانوهم من العربِ قبلَ خنازير الأرض المُعتدين.
أمَّا عنّي فقد أودعتُ رَبّي أشقائي وتاج راسي الفلسطينين كافة وأهل غزّةَ خاصّة، لذا فلا خوفٌ عليهم من خنازيرِ الأرضِ، ولا هُم يحزنونَ من خيانةِ العرب والمُسلمين.
للعِلمِ أقولُ أنَّ ما نكتبهُ لن يُغيّر شيئًا قد تمَّ الإتفاقُ عليهِ مُسبقًا على مرأى ومَسمَع من العالمِ أجمع، لكنَّنا نُعزّي أنفسنا، وعن المظاهرات الحاشدة في بُلدانِ العالم المُختلفة، شَكَرَ اللَّهُ سعيكم، لكن كُلّ هذا لن يُجدي طالما الفاعل ليسَ بمُتخذ قرار، المؤثر حقًّا هو صاحب القرار.. وإلى أنْ يُعرّفَ بنفسهِ ادعوا لأشقائنا الفلسطينين فإنَّهم الآنَ يُحرقونَ ويُقصفونَ ويُقتلونَ ولا عزاء للسيدات!