يفخر البعض بأنَّهُ قد أدخلَ بناتهُ مجال التعليم؛ طلبًا للعِلمِ ورِفعةً للوطنِ وهكذا مُسمّيات، تَمُّر الأيَّام وتتدرج البنات في مراحلِ التعليم المُختلفة حتّى يَبلغنَّ الجامعة، وبعدها يَبحثنَّ عن عملٍ لإثباتِ ذواتهنَّ ولتعزيزِ كرامتهنَّ ولضمان مُستقبلهنَّ، وكُلّها مُصطلحاتٍ صهيوغربية دسّوها بعقولهنَّ.
لم يُكلّف بعض الآباء أنفسهم في تربيةِ بناتهم، فطالما تتعلم إذًا ستتربى، أمَّا عن بعضِ الأُمّهات فيزرعنَّ في نفسِ الفتاةِ أنَّهُ لا فرقَ بينها وبينَ الرجُل، بل ويُشجعنها على أنْ تكونَ مُترجلة.
تحول الأحوال وتبحث الفتاة عن سبيلٍ للزواجِ بعدَ أنْ حصلتْ على شهادة جامعية وعَمِلَتْ بها، تبحثُ عن شريكٍ لها ليطمئنَّ قلبها، ومن ثَمَّ تَكون رّبّة أُسرة، هذا جيّد وهكذا هي الحياة؛ فلا يُمكنُ للشهاداتِ مهما عَلتْ رُتبتها أنْ تُغني الفتاة عن الزواج، كما أنَّهُ لا يُمكنُ للعملِ مهما كانَ شاقًا أنْ يُلهي الرجُل عن الزواج، فللذكرِ خُلِقَتْ الأُنثى ولها خُلِقَ الذكر.
ما ليسَ جيّدًا أنْ تأخذ المرأة مكانةَ الرجُل وخصوصًا إنْ كانا زوجان؛ فتلغي وجود زوجها بمُعاملتها وتحمّلها ما ليسَ من شأنها تحمُّله، حتّى تُصبِحَ أُنثى مُترجلة.
حينَ تتزوج المرأة فإنَّ الزوج هو رّبّ الأُسرة والقائم على شئونها، وهو المُتحمّل لمسؤوليةِ البيت، كما أنَّهُ هو المُكَلّف بالإنفاقِ على زوجهِ دونَ إسرافٍ أو تقتير.
أيضًا وَجَبَ على الزوجِ أنْ يأمرها بطاعةِ اللَّهِ سبحانهُ وتعالى وألَّا يتركها لهواها؛ فلا يسمح لها بلباسٍ مُتبّرج، ولا أنْ تخرجَ مُتطيّبة، ولا مُتجمّلة بمساحيقِ التجميل، لأنَّهُ إنْ فَعَلَ سُيُعاقب بحقّ قوامتهِ عليها كما سَتُعاقَب هي عن نفسها.
أيضًا يُذكّرها بالصّلاةِ بل ويُصلّي معها، ويُعلّمها ما جَهِلتْ من أمورِ دينها إنْ كانَ هو عالِمًا، وإنْ لم يَكُن فليتعلّما سويًا.
قال اللَّهُ تعالى في كتابهِ العزيز: "وأمُر أهلكَ بالصّلاةِ واصطبر عليها" لم يَقُل سُبحانَهُ وتعالى وأمُر أهلكَ بغرضٍ من أغراضِ الدُنيا، لكنَّها العِبادة التي لأجلها خُلِقنا وعلى أساسها نتزوج، لم يَقُل سُبحانَهُ وتعالى "واصبر عليها" وإنَّما قال "واصطبر عليها" والإصطبار أبلغ درجات الصبر، وهذهِ لفتة للزوجِ بأنْ يصطبرَ على زوجهِ ويُعاملها بالرِفقِ واللين حتّى تعتادَ العِبادة ثُمَّ تُتقنها ومن ثَمَّ تؤديها بإخلاص.
أعودُ بالحديثِ عن المرأة العاملة المُترجلة، والمُترجلاتِ نوعان؛ أمَّا أحدهما فالتي لا عائل لها أو قُلْ ولي أمرها ذكرًا وليسَ رجُلًا، أجبرتها الحياة أنْ تحِلَّ محلّهُ، مغلوبةٌ على أمرها، تراها مُترجلة لكنَّها ما زالت مُحتفظة بأنوثتها لذاتها، وأمَّا الآخر فالمُترجلة عن عمدٍ، غايتها أنْ تأخذَ مكانةَ الرجُل، تحتقر أنوثتها، تنقم على جِنسِ خِلقتها، تَرى نفسها رَجُلًا أكثر منهُ امرأة، هذهِ إنْ تزوجتْ أضحتْ حياة زوجها جحيمًا بمعنى الكلمة؛ فجمود المشاعر، وعدم الصداقة، والعِناد، وعدم النِقاش، وعدم الإهتمام بالزوجِ أو لأجلهِ، بالإضافةِ للطِباعِ الحادّة.
أتساءل: طالما أنَّ المرأة العاملة تدّخر مالها لذاتها، ولا تُنفقُ على البيتِ الذي لا حاجةَ لهُ بعملها، إذًا عَلَاَمَ تعمل؟؟
طالما أنَّكِ رُزقتِ رَجُلًا قبلَ أنْ يكونَ زوجًا، يحملُ أعباء البيت، ويتولّى الإنفاق عليكِ، ولا يجعلكِ تحتاجينَ لشيءٍ، بل ويُعينكِ على طاعةِ اللَّهِ، لا تهدري عُمركِ بُنيّة في فِعلِ أشياءٍ أنتِ في غِنى عنها، الحياة لحظات اقضيها مع زوجكِ ببيتكِ ولتعلمي بأنَّ اللَّهَ قد نسبَ البيت لكِ؛ وذلكَ لعلو قدركِ وعِظمِ شأنكِ ورِفعة مقامكِ، قال تعالى في كتابهِ العزيز: "وقرنَ في بيوتكُنَّ".
بُنيّتي العاملة أعانكِ اللَّهُ لا تجعلي الحياةَ تُنسيكِ أنَّها دُنيا وستنقضي، ثُمَّ يُحاسَبُ كُلٌّ منّا على كلّ صغيرةٍ وكبيرة، حينها لن ينفعَ مالٌ ولا بَنون إلَّا مَن أتى اللَّهَ بقلبٍ سليم.
لا تعمل المرأة إلَّا إذا احتاجتْ وهذا ما أثبتهُ الواقع؛ فقد رأيتُ بأُمِّ عيني نساءٌ عاملات يعملنَّ إمَّا ليُنفقنَّ على أبنائهنَّ اليتامى، أو ليُساعدنَّ أزواجهنَّ في الإنفاقِ على البيت، أو أنَّها مُطلقة فتعول أبنائها بعد أنْ خلا بها زوجها، أو فتاةٌ لم يسبق لها الزواج وليسَ لديها عائل فتعمل لتعفّ نفسها عن سؤالِ الغير.
لا حرجَ في عملِ المرأةِ إنْ كانتْ مُضطرة ما دامتْ مُلتزمة بالضوابط الشرعية، فتُحافظَ على نفسها وحقّ مَن لهم عليها حقّ بسُمعتها وحُرمتها، لا تلين ولا تميل ولا تختلط، فقط تؤدي عملها وتعود لبيتها كما ذهبتْ.
خيرُ النساء العارفاتِ حدود اللَّهِ، فحيّاهُنَّ رَبّي وأعانهنَّ على أمور الدين والدُنيا، وحفظهنَّ أينما حللنَّ.. ولقلوبهنَّ منّي السلام.