كانتْ العرب تتباهى في قديمِ الزمانِ بالحِميةِ والرجولةِ والشهامةِ والشجاعة، كما كانتْ تتصف بالكرمِ والمروءة والجَلَد.
كانَ الطفلُ على زمانهم كَرجُلٍ مُكتمِل الرجولة، والفتاة كَسيّدةٍ تستطيع حَمل المسؤولية، أمَّا الرّجالُ فكانوا رجالًا بالمعنى الحرفي للكلمة، فالأبّ هو ربُّ الأُسرةِ وراعيها والقائم على شؤونها والناظر فيما يُصلِحُها.
ذَكَرَ ابن خلدون في مُقدّمتهِ الشهيرة، أنَّ العربَ قد أخذوا الحِمية والغِلظة من الإبلِ التي أكلوها، وراودني سؤال: إذا كانَ الإنسان يتأثر بما يأكُل، فهل لأكلِ الدجاجِ أنْ يَقضي على الحِمية في نفوسِ الرّجال؟
بل هل من شأنِ لحم الدجاج أنْ يُؤأنِثَ الذكور ويُذكّرَ الإناث؟!
أصبحَ لحم الدجاج المُتبّل هو الطعام المُفضّل لدى مئات الملايين من العرب، ولا أدري إنْ كانَ هو سبب ترجُّل بعض النساء وتأنيث بعض الرّجال أم لا؟
عالَمٌ تسودهُ الغرابة؛ فرغم كثرة العِلم إلَّا أنَّ الجهلَ قد انتشرَ بطريقةٍ لم يَسبق لها مثيل، ورُغم صنوف الرفاهية إلَّا أنَّ الروتينَ هو سيّد الموقف، ورُغم ألوان الطعام إلَّا أنَّهُ لا زالَ هُناكَ خوارٌ عقلي رهيب لدى البعض.
كَثُرَتْ مُسبّبات الراحة حتّى غادرتْ الراحة دونَ وداع!