سُبحانَ مَن جعلَ في الصمتِ راحة!
الصمت تلكَ النعمة الثمينة التي تحوي بداخلها راحة ما بعدها راحة، فحينَ ألجأُ لعالَمِ الصمت العميق، فهذا معناهُ أنَّ الدُّنيا قد ضاقتْ وأحكمتْ حلقاتُها حتّى يُخيّلُ أنَّهُ لا اِنفراجَ لها، لكنْ هذا إنْ كانَ العبد ضعيف الإيمان؛ فقوّي الإيمان كُلّما ضاقتْ عليهِ دُّنياهُ قَوِيَ إيمانهُ أضعافًا مُضاعفة، فالدُّنيا خلقٌ من مخلوقاتِ اللَّهِ العظيم، لذا فالعبد يلجأُ إلى الخالقِ حينَ يُتعبهُ المخلوق.
الصمت لُغةً الكفُّ عن الكلام، والإكتفاء بالنظرِ للأشياءِ بعُمقٍ بعيدًا عن السطحية، لكنَّ الذي لا يعرفهُ الكثيرينَ أنَّ الصمتَ عالَمٌ في حدِّ ذاتهِ؛ عالَمٌ صاخبٌ ليسَ كما يبدو من الهدووووء المُبالغ فيهِ، حقًّا قد كَفَّ اللسانُ عن الكلام، لكنَّ العقلَ لم يفعل، بل فَرِحَ بفعلةِ اللسان؛ ليُفسحَ لهُ المكان لينشَطَ ويعمل حتّى صارَ عالَم الصمت صاخبًا!