سُبحانَ مَن مَنَّ على عبادهِ بلِينِ القلب!
أحببتُ رَجُلًا من زمانٍ مُنصرم، رُغم أنَّي لم ألحقهُ بعُمري إلَّا أنَّهُ سَكَنَ قلبي، أحببتُهُ بغيرِ شُبهةٍ؛ هو جدّي لأُمّي (عبّاس) لكنَّني أُناديهِ بينَ ثنايا قلبي بالعبّاس تيّمُنًا بحبيبي وسَيّدي العّباس _رَضيَ اللَّهُ عنهُ_ عم حبيبي ومُهجتي وبهجتي رسول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أحببتُ جدّي _رَحِمَهُ اللَّهُ_ من رواياتِ أُمّي عنهُ.
كانَ أسدي الحبيب يتمّلك القلوب بلِينِ قلبهِ، ورحابة صدرهِ، ورجاحة عقلهِ، وطِيب مَعشرهِ، بالإضافة للعسلِ المُصفّى الذي يَقطُرُ من لسانهِ فرَحِمَهُ اللَّه.
جدّي العزيز جميل القلب والقالب، طّاهر الرَّوح، نفيس الطبائع، كريم الخِلال، حسنُ الخُلُق والخِلقة؛ فقد كانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أحمرًا _أي أنَّ لونَ بشرتهِ أبيض ممزوج بالحُمرة_ عسليُ العينان بلمعةٍ ساحرة، طويلُ القامة، رائع الطلّة، يمتاز بغمازاتٍ تُزين وجنتيهِ.
سُبحانَ مَن خلقَ من نسلكَ نبتة تسطُرُ ذِكراكَ بعدما أضنى الشوق قلوب أحبّتكَ جَدّ!
جدّي رُغم أنَّني لم أراكَ إلَّا أنَّ في قلبي سُكناكَ، فحديث أُمّي عن حميدِ صفاتك، وكرم أخلاقك، وحُبّك للَّهِ الأحد ولرسولهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ جعلني أبني لكَ في قلبي قصرًا مقصورًا عليكَ جدّي ولا يتسع لسواكَ.
يا قلبُ صّبرًا، هي دُنيا، والمُلتقى في الجنّة بفضلِ اللَّهِ ورحمته.
رَبّي اغفر لعبدٍ أنجبَ ليا الحياة.. أنجبَ لي أُمّي.