مُذ ولدتُ وأنا أُصغي لأصواتٍ نَدية وبرامجٍ عِلمية من خلال إذاعة القرآن الكريم من القاهرة، تلك الإذاعة الرائعة التي عَلّمتنا الكثير والكثير ومازالت، فبرامجها هادفة ومُفيدة وعِلمية.
وقد نجحت في إزالة ظلام الجهل لتُضيء بيوتنا بنور العِلم، لم تقتصر الإذاعة العريقة على إذاعة القرآن الكريم فحسب؛ بل وَسِعَ نظامها ليشمل البرامج العِلمية والتعليمية، وكذا برامج القصص الرائعة والمفيدة لنا ولأطفالنا.
تم تخصيص برنامج تشجيعي للشباب وهو (مجلة الشباب) يستضيف البرنامج الناجحون من الشبابِ في شتّى المجالات، ليكونوا قدوة حَسنة لغيرهم، وللتعبير عن أنفسهم وأهدافهم في الحياة.
كما قامت الإذاعة بعمل العديد من البرامج الخاصّة بالأطفال، منها ما بدا في شكل قصصٍ حوارية يسيرة، ومنها الحكايات ومنها ما دونَ ذلك.
ولأنَّها إذاعة للقرآن فقد خصصت برنامجًا أسبوعيًا لشرح قواعد اللغة العربية كالنحو بطريقة سهلة ومُيَّسرة.
لم تقتصر الإذاعة على تلك النوعية من البرامج، فقد اِحتوت أيضًا على مجموعة من البرامج المُجتمعية الخاصّة بالحياة الاجتماعية بالإضافة للحياة الأُسرية.
ولا أنسى برامج الفتاوى التي تُفيد القاصي والداني، طبقًا لما أنزل اللَّهُ، وشَرّع لرسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولرمضان مَيزةٌ خاصّة مع البرامج المتنوعة التي تُقدّمها الإذاعة، فمنها ما يَخُصّ البراعم، ومنها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو ثقافي وعِلمي، بالإضافة للمسابقات اليومية على مدارِ الشهر.
إذاعة القرآن الكريم وثيقة الصِلة بقلوب الملايين؛ فقد تَربّت عليها أجيالًا ليستْ بالقليلة في العالمينِ العربي والإسلامي.
حينَ تُذكَر إذاعة القرآن الكريم من القاهرة يُذكَر معها ما قدّمتهُ من ابتهالاتٍ ومناجاة، وقبل ذلك قراءة القرآن الكريم بأصواتٍ عذبة ندية ترتيلًا وتجويدًا، وبمختلف القراءات لكبار القُرّاء مِمَن رحلوا عنّا تاركينَ لنا تُراثًا أصيلًا تصدح بهِ أصواتهم، لتظلّ ذِكراهم ما بقيت الحياة.
ومثالًا لذلك القارئُ الشيخ مُحمّد رفعت _رحمهُ اللَّه _ ذلك الصوت النَدي الخاشع المُميّز والفريد من نوعه، الذي طالما تعودنا على سماعهِ قبل أذان المغرب طيلة شهر رمضان، كما أنَّنا نبدأُ صباحنا بهِ أيضًا فعلى دقاتِ السابعة يبدأ _رحمهُ اللَّه _ بالتجويد لينقلنا إلى عالمٍ آخر لا ضوضاء فيهِ ولا صَخب ليكونَ صباحنا صباحَ خيرٍ وبَركَة.
كذلك القارئُ الشيخ محمود خليل الحُصري _رحمهُ اللَّه _ وبرنامجهِ الشهير الوفير بالعِلم والإيمان المُصحف المُعلّم، وفيهِ يُرتل _رحمهُ اللَّه _ آي الذكر الحكيم ويقوم مجموعة من الطُلاب بالترديدِ خلفهُ، وهكذا حتّى يسهُل على الجالس ببيتهِ حفظ كتاب اللَّه.
ولا أنسى صاحب الصوت الخاشع الذي تقشعرُ عند سماعهِ الأبدان، صوتٌ لا يختلف على حُبّهِ إثنان، صوتٌ لا يفيهِ وصفٌ ولا كتابة، فحينَ يبدأ بالإستعاذة مُجودًا يأخذنا باحساسهِ العذب وشعورهِ الفريد إلى حيثُ يقرأ، حتّى نشعرُ بشعورهِ _رحمهُ اللَّه _ عن القارئ الشيخ مُحمّد صدّيق المنشاوي أتحدّث، فرَحِمهُ رَبّي وجعل لهُ في الفردوس الأعلى من الجنّة مقعدًا وجميعِ حاملي وقاريء القرآن الكريم.