آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  • التعليم السوداني بين العزلة وإعادة إنتاج الأمية
  • أصداء أزهري محمد على نقد متجدد للحكم في السودان 
  • معركة الكرامة: بين الخيانة والوفاء للوطن
  • بين رفقة الأحلام ورفقة التكنولوجيا أحلام تزهر بالمعرفة
  • طقوس الزواج السوداني بين الأصالة والمفارقة: من قطع الرهد إلى إشعار البنك
  • لقاء السحاب
  • يا صديقي.. لو كنا تزوجنا من زمان
  • رسالة بين القلب والعقل
  • ما وراء الغيم الأسود
  • حين عاد الصوت من الغياب
  • على حافة الفراغ.. حكاية قلب يبحث عن أنس
  • أمسية على ضفاف الذاكرة
  • تهت في عيونك
  • جاء موعد كتابتي إليك
  • عبارات مبالغ فيها لإبن تيمية
  • ابن تيمية فى مواجهة الوهابية 
  • لابوبو الجزء ٤
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد فتحي
  5. كلام في العلم

مقدمة

حينما شاهدت أثر شاهد يرجع لعام 1302هجرية أي بين عامي 1884م و1885م يقول "هو الحي الباقى..لما دعى رب العباد شفيقه..ليزين جنته بحسن قدومها..فرحت بها الحور الحسان و ارخت ..و شفيقه دار الهنا لمحلها"..داعبتني الأفكار وتدافعت الأسئلة في رأسي سراعا..جميل أن يعيش الإنسان على حلم أن تكون الجنة مآله ومستقره ومستقبله الأبدي ورحم الله الست "شفيقه" التي كتب على شاهدها هذه العبارات المبهجة الأنيقة ولكن بالتأكيد للجنة خطوات وسعي وأجل هذه الخطى وأرحبها طريق العلم فعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ)..لكن هل كل العلوم سواء؟!..بالطبع لا فالعلوم المقصودة هي العلوم النافعة التي تفيد البشرية ومنها العلوم الحياتية التي تختص بصحة الإنسان وحفظ حياة البشر ..

لم يكن الشاهد السبب الوحيد أو المحرك لنفسي في إعادتي إلى محراب الكتابة العلمية مرة أخرى - وقد كانت بداياتي في الصحافة بمقالات علمية وطبية -بل كان لخلو المكتبة العربية من مؤلفات منتظمة في نشر العلوم الحديثة وما طرأ عليها أعظم الأثر علي في العودة مرة أخرى لهذا المضمار ...

أقول أن حبي للتاريخ والتأليف في مجاهله قد أبعدني لسنوات - وإن حرصت أن أضيف لهذه المؤلفات لمسات من العلوم - عن استكمال مشروعاتي في الكتابة العلمية والتي تتطلب مجهودا كبيرا في اختيار الموضوعات الشيقة والبحث الواسع بين المؤلفات والأبحاث الأجنبية بالأخص والترجمة منها للعربية لنقل أهم المعارف الحديثة وتطوراتها وتغييراتها وهذه نقطة شديدة الأهمية في الكتابة العلمية فالبعض يظن أن العلوم الحديثة ثابتة وأن إعادة تقديم ما تناوله بعض المختصين من سنوات كاف وواف وهذا خطأ جسيم فالعلوم دائمة التقلب والتغيير والإضافة والتصويب والشرح والتحليل وعليه كان لزاما أن أطرح في كتابي ما يساير العصر وتغيراته وتقلبات معارفه ..

بقيت نقطة أنني وأنا أعد لهذا الكتاب كان لدي طموح كبير في تضمينه موضوعات شتى وأن يكون حجمه أكبر من ذلك لكن وللأسف الشديد أن ظروفا مهنية حلت بي فجأة واضطررت على إثرها إلى تغيير عملي مما جعلني في عجلة من أمرى لأسرع الخطى في إنجاز ما قمت بكتابته فعليا والزيادة عليه على أن يكون لهذا الكتاب أجزاء أخرى بمشيئة الله أخط فيها الموضوعات التي فاتني تضمينها لعدم اكتمالها بسبب انشغال البال مع السعي لتغيير العمل ..

وفي النهاية أتمنى أن يكون ما قدمته مفيدا ونافعا ومرشدا وأن ينال المكانة اللائقة في المكتبة المصرية والعربية ..

والله من وراء القصد

د.محمد فتحي عبد العال

كاتب وباحث وروائي مصري

إهداء

إلى روح والدتي العزيزة السيدة ناريمان عبد الفتاح زردق

وإلى روح أخي الغالي الأستاذ أحمد فتحي عبد العال

 أهدي هذا العمل المتواضع متمنيا من الله أن يكون ثمار غرسه في ميزان حسناتهما ..ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).

الحلقة الأولى

السكر فوائده وأضراره

يظن البعض أنهم إن كانوا من غير المصابين بمرض السكري فهم في مأمن من أضرار الإسراف في استعمال السكر الذي يعشقه الكثيرون في أكلاتهم المتنوعة..والحقيقة أنهم في هذا الاعتقاد واهمون فالسكر شأن أي طعام يزيد ضرره حينما يتعدى حده ومقداره ومصادره أيضا ..فالمصادر الطبيعية للسكر كالحبوب الكاملة والألبان والفواكه الطازجة كفيلة بتزويد الجسم بالفوائد الخاصة بالسكر في إمداد الخلايا بالطاقة بشكل ثابت ومستمر حيث يكون الهضم ببطء بعكس السكر المضاف في الأغذية المصنعة كالمشروبات الغازية والحلوى والزبادي المنكهة والعصائر والكاتشب وغيره فالسكر في هذه الحالة يحمل أضرارا جمة وبالغة على الصحة من أبرزها السمنة حيث يؤثر السكر على هرمون "اللبتين" المسؤول عن تقليل الشهية والإحساس بالشبع وبالتالي تزداد شهية المرء سعة ويتدفق الطعام لجوفه بلا رادع ..من المخاطر الأخرى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وكاتب هذه السطور من فرط تناوله للمشروبات الغازية في مرحلة ما أصيب به حيث أن فرط السكر في هذه المشروبات وغيرها يؤدي لإفراز كميات كبيرة من الأنسولين في المقابل مما ينهك البنكرياس على المدى الطويل ويسقط المرء فريسة لداء السكري الذي يمكنه تفاديه لو تحلى بثقافة الاعتدال ودائما ما أكرر "في الاعتدال حياة" ولا خاسر مع الاعتدال في كل شىء وأي شىء ..

من المشاكل الأخرى أمراض الكبد والكلى والمفاصل وضعف الانتصاب حيث يؤثر السكر على تدفق الدورة الدموية بشكل كبير علاوة على ظهور حب الشباب وتآكل مينا الأسنان والتسوس فالسكر هو الوسط الذي تشتهيه البكتريا وتبث ضررها من خلاله على الأسنان ..

أضرار السكر لا تتوقف عند الإضرار بأجزاء الجسم المختلفة بل تتعدى ذلك إلى الحيلولة دون وصول العناصر الغذائية الهامة للجسم عبر عرقلة الامتصاص السليم لهذه العناصر ومن ثم تقليص نسبة المعادن والفيتامينات التي تحتاجها الخلايا ..ذلك أن السكر يقلل من امتصاص الجسم لفيتامين C- ( مصادره : الفلفل الأحمر والأخضر-البروكلي-الزهرة-اللفت - الطماطم - البطاطا-الأناناس-الحمضيات - المانجو-الكيوي-الجريب فروت-الشمام-البطيخ-الزعتر - البقدونس)- وبالتالي لا يحصل الجسم على احتياجاته اليومية بالشكل الكافي من هذا الفيتامين شديد الأهمية للجهاز المناعي بخصائصه المضادة للأكسدة ودوره في امتصاص الحديد وتخزينه ومن ثم الوقاية من فقر الدم ..الأمر نفسه يحدث مع فيتامين D -( مصادره: الأسماك الدهنية كالسلمون والماكريل والسردين - زيت كبد الحوت - صفار البيض - المكسرات - الفطر المتعرض للأشعة فوق البنفسجية، سواء من ضوء الشمس أو من مصباح الأشعة فوق البنفسجية، كما ينتجه الجسم بشكل طبيعي عند التعرض لضوءُ الشمس المباشر) - ومن ثم الكالسيوم حيث أن الإكثار في السكر يقلل من امتصاص فيتامين D بخصائصه المضادة للأكسدة والالتهابات والواقية للأعصاب وخلايا الدماغ والجهاز المناعي والعضلات وبهذا النقص يقل تبعا امتصاص الجسم للكالسيوم -(مصادره: فول الصويا -الطحينة المصنوعة من السمسم الكامل -بذور الكتان-الخضروات الخضراء كالبروكلي والملفوف والفاصوليا-البطاطا الحلوة -بذور دوار الشمس-اللوز-البقوليات والحبوب كالفاصوليا البيضاء)- المكون الرئيسي للعظام والأسنان المعتمد على فيتامين D مما يؤدي في المحصلة إلى الإصابة بالالتهابات وبعض أنواع السرطانات ومشاكل العظام والأسنان ..عنصري الكروميوم- ( مصادره : البروكلي-صفار البيض-المحار-الطماطم- المكسرات البرازيلية-اللحوم-الحبوب الكاملة - منتجات الحليب ) - المهم في التحكم في معدلات السكر بالدم عبر تعزيز عمل الإنسولين والماغنسيوم -( مصادره: الشيكولاتة الداكنة-الكينوا-الموز-الخضروات الورقية الداكنة مثل السبانخ-اللوز-الأفوكادو- الكاجو-الفول السوداني-العدس-البازلاء - الفاصوليا السوداء ) - المهم في تنظيم وظائف العضلات والأعصاب..العنصران يهدران ويقلل امتصاصهما بسبب الإكثار في السكر حيث يؤدي لزيادة إفراز الكروم والماغنسيوم وطرحهما في البول دون أن يستفيد منهما الجسم بالكميات المطلوبة ..

وحول كميات السكر المصرح تناولها يوميا عبر الأعمار المختلفة فبحسب موقع "ويب طب" : البالغين: لا تتعدى 30 غرامًا من السكر - الأطفال بين 7و10سنوات: لا تتعدى 24 غرامًا -الأطفال بين 4 و6 سنوات: لا تتعدى 19 غرامًا .

ينبغي الإنتباه أن المحليات الصناعية ليست بديلا آمنا للسكر فهي إن أردت الحقيقة أوخم مردا من السكر ذاته فهي تتسبب في الإصابة ببعض أنواع السرطان والمشاكل الصحية الأخرى . ومن أمثلتها مادة "إريثريتول" البديلة للسكر والتي تصنع عبر تخمير الذرة أو الجلوكوز مع خميرة مونيليلابولينس وقد وجد الباحثون مؤخرا أنها قد تزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وذلك بحسب مجلة "هيلبراكسيسنت" الألمانية

الإقلاع عن العادات الغذائية المتأصلة بلا شك أمر صعب ولكني دائما ما أضع نصائحي للمرضي الذين أولوني ثقتهم في النصح في قالب قصصي موجه ليكون على مقربة من ذاكرتهم وأقول لهم: حينما يستعصي عليك الاستغناء في شىء تذكر الحمار "ديزل" المملوك للسيد "دروري" قرب بحيرة "كلير ليك " في كاليفورنيا والذي قرر أن يتمرد على حياة مفروضة عليه وينطلق في أثر حياة اختارها بنفسه ولم يبال فغادر مالكه عام 2019م وعاش وسط الغزلان خمس سنوات كواحد منهم فتأقلم معهم وتأقلموا معهم ..بالتأكيد نستطيع دوما نحن البشر- ونحن أولى من الحمار في هذا المنحى -أن نعيش حياة صحية بإرادتنا الكاملة والواعية فنستبدل حياة فيها هلاكنا بحياة تجمعنا مع الأصحاء.

الحلقة الثانية

زيت السمك ..الحقائق والأوهام

 تزعم الأسطورة اليابانية القديمة "نامازو" أن أسماك "المجداف Orafish" والتي يطلق عليها "ملك الرنجة " وهي ذات شكل مميز حيث الجسم الطويل الفضي المضغوط للغاية وتعيش في المياه العميقة على عمق واحد كيلومتر ونادرا ما تطفو على السطح فإذا حدث وعلت وصعدت إلى سطح البحر فذلك فأل شؤم وعلامة على أن زلزال واقع ليس له من دون الله دافع وأن الهلاك قاب قوسين أو أدنى ..هذه الأساطير لم تكن محض أوهام العامة دون الخاصة فأوقات كثيرة تشملها رعاية رسمية من أولى الأمر ففى فترة حكم "توكوغاوا إياسو " أحد موحدي اليابان كان سمك "القرموط" مقدسا باعتباره إله النهر ذلك أن ظهوره يعني هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات والإنسان في الماضي كان يعبد ما يستعصي عليه دفعه ..لكن ماذا عن العلم الحديث ؟! هل ثمة ارتباط بين حركة الأسماك والزلازل ؟!..للوهلة الأولى والنظرة الأخيرة وبدون أدنى إرهاق للعقل..لا.. فالخرافة هي التي صنعت هذه الأساطير ..والعلم بأدواته لم يثبت مثل هذه المزاعم بل وينفيها طوال الوقت وأن ظهور الأسماك النافقة على مر البصر بالشواطئ يدل على كونها ضحايا كالبشر سواء بسواء من هذه الكوارث الطبيعية فالإرهاق يصيب الأسماك جراء التيارات الموسمية، أو الغازات والمركبات الكيميائية الناتجة عن التصدع مما يسبب الموت المحقق لأعداد كبيرة منها ..

وكما أن الحكايات الشعبية والأساطير المرتبطة بالكائنات صور ذهنية لا تفارق العامة وتتناقلها مجالسهم جيلا بعد جيل وتظل منطقهم في التفسير والإدعاء وتعلو حقائق العلم مهما حاول المختصون وبذلوا من مساعي ..فكذلك الحال فيما يعتقده الناس من تأثيرات الأعشاب والمستخلصات الطبيعية على صحتهم وحياتهم فهم في سكرات المبالغة أسرى ولا حيلة في إقناعهم أن لكل شىء مضار إن تجاوز حده ..وأن التعامل مع هذه المنتجات الطبيعية بعيدا عن منصة العلم ومنطق الطب هو واجهة للأمراض المختلفة جراء أعراضها الجانبية ..لا واحة ظليلة من الفوائد التي لا تعد ولا تنفذ كما يعتقد عامة الناس..

في الماضي القريب كانت مسألة انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين لدى سكان "الإسكيمو" بالقطب الشمالي مثار حيرة ودهشة العلماء ..ذلك أن نظامهم الغذائي الغني بالدهون طلبا للدفء لا يوحي بذلك ..لكن في عام 1970م سافر باحثان دانماركيان هما " دايربيرج و بانج "إلى "غرينلاند" لتقصي الحقيقة فتكشف لهما عبر التحاليل التي أجريت على السكان وجود معدلات مرتفعة من الأوميجا -3 (مصادره : يتوافر في زيت السمك كالسلمون بالمحيطات دون المزارع والماكريل والسردين والتونة والمحاريات بنوعين هما حمضي دوكوساهيكسانويك DHA والإيكوسابنتينويك EPA -يتواجد أيضا في الزيوت النباتية الطبيعية كزيت بذور الكتان وزيت فول الصويا بنوع هو حمض ألفا اللينولينيك-المكسرات كاللوز والجوز والكاجو - البذور كالشيا - البقوليات كالفاصوليا والعدس والحمص - حليب الثدي لذلك يضاف للحليب الصناعي للمواليد-السمك المشوي والمخبوز وليس المقلي ) ومن هنا بدأ الربط بين أحماض أوميجا الدهنية غير المشبعة في زيت السمك كمكملات غذائية وصحة القلب..

بلورة هذه العلاقة في إطار تسويقي وترويجي متسارع كان مسار للكثير من شركات الدواء والمكملات الغذائية التي راحت تتبارى خلال السنوات السابقة في تقديم زيت السمك بتركيزات عدة وبأشكال مختلفة وبأسعار تنافسية في الغلو والارتفاع ..

هذا يدفع لتساؤل ما نصيب هذا كله من الصحة في ضوء الأبحاث العلمية الأخيرة...

بحسب موقع "مايو كلينك "فمكملات زيت السمك ذات أثر محدود وربما منعدم على صحة القلب أي لا تحمل فائدة وقائية للأشخاص الذين يتزايد لديهم خطر الإصابة بالأمراض القلبية ( يشبه تماما الاتجاهات الحديثة في عدم فائدة تعاطي الأسبرين يوميا بشكل روتيني فوق سن الأربعين للوقاية الأولية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية -كما كان في الماضي- ذلك أن مضاره في إحداث النزيف وقرحة المعدة أدهى وأمر ) كما أنه لا يؤدي سوى لانخفاض بسيط لدى المصابين بضغط الدم المعتدل إلى الشديد..وعلى الرغم من دور زيت السمك في خفض مستويات الدهون الثلاثية بشكل ملحوظ مما يقي من تصلب الشرايين ( 3-4 غرام زيت سمك يوميا تقلل الدهون الثلاثية 30%) إلا أن تأثيره على خفض مستوى الكوليسترول يبدو محدودا حيث يبدي تأثيرا متعاكسا ففي الوقت الذي يحسن بشكل طفيف من الكوليسترول النافع HDL فهو يزيد أيضا من الكوليسترول الضار LDL ..

من فوائد زيت السمك ومحتواه من الأوميجا 3 -وهو خيار آمن على كل حال لخلوه من الزئبق - أنه يقلل من الولادة المبكرة (جرعة 2.7 غرام يوميا بحسب ويب طب) كما يحد من الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة كما يحافظ على الحيوانات المنوية في صحة جيدة وهو ما يجعله خيارا مفضلا لدى أطباء النساء والولادة ..تستحسن بعض الدراسات من دور مكملات زيت السمك في تخفيف آلام مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي حتى وإن بدا الفعل طفيفيا ..هذا الدور المحمود مع التهاب المفاصل له ما يشبهه في حالات الالتهابات الجلدية حيث تظهر الدراسات الحديثة تأثيرا ملموسا لأحماض الأوميجا 3 في العناية بصحة البشرة ووقاية خلاياها من أضرار أشعة الشمس والتصبغات ( مثل ماسك الأفوكادو الغني بالأوميجا 3) وتخفيف حدة الأكزيما والحكة علاوة على علاج حب الشباب ( البثور) شريطة أن يتزامن ذلك مع نظام غذائي( حمية ) من الخضروات والفاكهة ..

للأوميجا 3 دور فعال في الحد من تدهور القدرات الذهنية والمعرفية لدى الأطفال وكذلك لدى مرضى الزهايمر ومع التقدم في العمر ..الطريف أن نجاح الأوميجا 3 في هذا الغرض كان ملهما للعلماء لمعرفة آلية تسللها ووصولها للدماغ والاستفادة من ذلك في تطوير نماذج دوائية مماثلة .. ففي دراسة بجامعة كولومبيا عام 2021م أمكن التوصل لبروتين ناقل يطلق عليه (MFSD2A) يعد بوابة لأحماض "أوميغا 3" الدهنية لدخول الدماغ،وهو ما يمكن عبر مضاهاة هذه الآلية في تصميم بعض الأدوية التي تستطيع الدخول إلى الدماغ بنفس الطريقة ومن ثم علاج الكثير من الأمراض العصبية.

فيما يخص الجرعة الآمنة.. فالحد الأقصى بحسب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA ينبغي ألا يتجاوز 3 جرامًا من كبسولات أوميجا 3 على مدار اليوم فيما يرتفع هذا الحد لدى هيئة سلامة الأغذية الأوروبية، ليبلغ 5 جرامًا يوميًا..

مما ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : "لا تدمنوا أكل السمك ؛فإنه يذيب الجسد " والحقيقة أن المقولة تصب في خانة وجوب الاعتدال فمن النادر أن تجد من يعانون مشكلات صحية بسبب نقص الأوميجا 3 والتي لن تزيد عن الحكة في أسوء حالاتها لكن في المقابل كثيرا ما تصادفني كممارس صحي الأعراض المنبثقة من الإسراف في استخدامه وأكثرها خطورة النزيف وخطر التعرض للسكتة الدماغية لذلك ينصح بتجنب استخدامه مع عشبة الجنكة ومضادات التجلط والأدوية المضادة للصفيحات كما يمكن أن يقلل من مستويات فيتامين E بخصائصه المضادة للأكسدة ( مصادره : زيت جنين القمح - زيت الزيتون -زيت عباد الشمس- زيت الذرة -اللوز -زيت الكانولا -الفول السوداني -الخضروات كالسبانخ والبروكلي والخس واللفت والبقدونس) علاوة على أعراض أخرى مثل رائحة الفم الكريهة والغثيان والإسهال والطفح الجلدي وعسر الهضم والانتفاخ والحموضة...

الحلقة الثالثة

الجديد حول مرض الزهايمر

يعد مرض الزهايمر من التحديات التي تواجه الثورة الطبية الحديثة في استراتيجيتها للحيلولة دون نشوء الأمراض المختلفة عبر التغييرات في أنماط الحياة وفي السيطرة على الأمراض المختلفة بشكل حاسم عبر التدخل العلاجي بطرق شتى وهو الأمر الذي لا زال في مهده تجاه هذا المرض القاسي الذي يعصف بذكريات المرء ويقذف بها في فوهة النسيان مع موت الخلايا ويعطل قدرته على التعايش بشكل مستقل والتواصل الفعال ويؤدي إلى انخفاض كبير في المهارات الفكرية والمعرفية والسلوكية والاجتماعية لديه ...يالها من حياة مضنية تلك التي يقضيها كل من يمر بهذا المرض العنيد ليصبح إنسانا بلا تاريخ وسط حاضر مؤلم أسير فيه للأوهام والاكتئاب...

تزداد عوامل خطر الإصابة بالزهايمر مع التقدم العمري ومع وجود تاريخ عائلي للإصابة بين أقارب الدرجة الأولى ومع المصابين بداء السكري من النوع الثاني في خضم صعوبة السيطرة عليه كما يزيد في أوساط المصابين بمتلازمة داون وبين شريحة من غير المتعلمين أو متعلمين بالمراحل الدراسية الأولى وتخلفوا عن مواصلة رحلتهم التعليمية كالماء والهواء أو هكذا ينبغي أن يكون ...

كما تشير بعض الأبحاث إلى أن داء الزهايمر الذي يصيب الجنسين قد يتزايد لدى النساء بشكل أعلى نسبيا وذلك لحدوث تغيرات كيميائية في البروتين C3 المناعي مرتبطة بفترة انقطاع الطمث لدى النساء لذا تذهب بعض الدراسات إلى أن العلاج الهرموني القائم على الإستروجين لمدة عام على الأقل خلال الفترة المحيطة بانقطاع الطمث أو في بدايات انقطاع الطمث قد يوفر فرص الحماية للنساء من الإصابة بالزهايمر ..

من الطرق التشخيصية لمرض الزهايمر التي لا تزال في طور البحث تلك التي تربط بين ارتفاع حمض الفورميك في بول الأشخاص المصابين بتراجع الوظائف الذهنية والإصابة بالداء ..

لاشك أن إعادة النظر في أنماط الحياة والاتجاه بها نحو الصحي منها يعد أمرا مهما فينبغي الحرص على ممارسة التمارين الرياضية وشحذ النشاط الذهني واتباع نظام غذائي سليم غني بالخضروات والفواكه والأسماك وغيرها والإقلاع عن التدخين..فكل هذه العوامل قد تكون أسلحة للوقاية من داء الزهايمر أو على الأقل تقليل تفاقمه والحد منه..

يربط العلماء بين داء الزهايمر وبين ترسب لويحات أميلويد البروتينية والتي تعوق الاتصال بين الخلايا فضلا عن حدوث تغيرات في أشكال بروتينات تاو...وفي هذين المسارين تتركز أغلب التجارب العلاجية لمواجهة هذا الداء المخيف والتي تهدف لتعزيز نشاط المواد الكيميائية الناقلة في الخلايا العصبية في الأساس علاوة على منع ترسب هذه البروتينات الضارة في الدماغ أو إذابتها..

تشمل المجموعات الدوائية الحالية لعلاج الزهايمر مثبطات الكولينستيراز والتي تعزز من إنتاج الأسيتيل كولين المتوفر في الخلايا العصبية والذي تنخفض كميته أثناء المرض وأيضا بشكل طبيعي مع التقدم في العمر لكن لا تكبح هذه المجموعة داء الزهايمر وقدرته المتفاقمة على تدمير الخلايا العصبية.. نأتي إلى ميمانتين والذي ينظيم نشاط الغلوتامات المادة الكيميائية الناقلة والمشاركة بشكل أساسي في مهارات التعلُّم والذاكرة...

من الأدوية المبشرة والتي تستهدف لويحات بيتا أميلويد في الدماغ وهي العلامة الأبرز على الزهايمر كما أسلفنا : أدوكانوماب و ليكانيماب ودونانيماب وهي أجسام مضادة وحيدة النسيلة موجهة..فيما تجرى التجارب على ساراكاتينيب كعلاج وقائي محتمل ضد التلف وكذلك على عقار سارغراموستيم في تحفيز الجهاز المناعي للحماية من البروتينات الضارة التي تستهدف الدماغ..

إنها رحلة مع مرض الزهايمر لا تتوقف هدفها الحياة ومناطها الأمل وعنوانها بالإيمان والعلم تتذلل الخطوب والمصاعب..

الحلقة الرابعة

هرمون الميلاتونين ..الحلم بنوم هاديء

في الماضي كان تحديد ساعات النوم وأوقاتها اختياريا ومزاجيا بل كان بعض الفلاسفة والمفكرين يناضل من أجل عدم العبث بمكتسباته من ساعات النوم المتأخرة وعددها وحسبنا أن أبا الفلسفة الحديثة ورائد الميتافيزيقا الفرنسي "رينيه ديكارت" كان من طقوسه عشق النوم متأخرا في غرفة مدفأة بواسطة النار وفي ليل دحمس لمدة عشر إلى اثني عشرة ساعة ليستيقظ مع موعد الغذاء وكانت نظريته في ذلك أن النوم يغذي الدماغ والعقل الذي يحلم هو العقل النشط الذي يفكر باستمرار لكن ما أن تم اختياره بواسطة ملكة السويد الملكة "كريستينا أو كريستين " لتعليمها الفلسفة حتى اضطر لتغيير عاداته تحت رغبة الملكة ليستيقظ في الصباح الباكر الساعة الخامسة مع السفير الفرنسي "بيير شانوت" ويدرس لها في غرفة غير مدفأة فتلقفته رزايا أعراض مرض الالتهاب الرئوي لتسلمه لهول المنايا فغادر الحياة في 11 فبراير 1650 م أي بعد أقل من عام على بداية تدريسه لها في أكتوبر 1649 م ..

في الهدي النبوي الإسلامي ارتبط تنظيم الوقت بالعبادات فكانت الدعوة للنوم المبكر والاستيقاظ في الثلث الأخير للقيام فقد جاء في صحيح الترمذي عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : يكرَهُ النَّومَ قبلَ العِشاءِ ، والحديثَ بعدَها .. وكان حديث النبي صلى الله عليه وسلم للبراء بن عازب في صحيح البخاري : (إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مِن لَيْلَتِكَ، فأنْتَ علَى الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَتَكَلَّمُ بهِ. قالَ: فَرَدَّدْتُهَا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، قُلتُ: ورَسولِكَ، قالَ: لَا، ونَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ.) .

الرئيس الأمريكي "بنيامين فرانكلين" كان له نفس الرأي : " النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا يجعل المرء أكثر سلامة وصحة وثراء وحكمة " وذلك في مقالات عنوانها " فن اكتساب الأحلام السعيدة " فكان ينام وفق روتين يومي من الساعة العاشرة مساء وحتى الخامسة صباحا أي سبع ساعات فقط وإن يتشكك بعض معاصريه من مدى التزامه بهذه التدابير فترة حكمه..

على العكس كان القائد الفرنسي "نابليون بونابرت" والذي يرى أن ست ساعات كافية للرجل وسبع للمرأة أما الغبي أو الأحمق على حد زعمه وتعبيره هو من يحتاج لثمان ساعات. .أما رئيس الوزراء البريطاني "ونستون تشرشل" فنظرا لضغوط الحرب العالمية الثانية فقد كان ينام خمس ساعات فقط من الساعة الثالثة صباحا وحتى الثامنة صباحا !!.

البعض ينظر إلى ضرورة تنظيم دورة النوم من زاوية صحية هامة إذ أن العشوائية في مواعيد الاستيقاظ والنوم يضيع على الإنسان فرصة استقرار نظامه الغذائي بشكل محدد يلبي متطلبات جسده فمثلا الاستيقاظ متأخرا وما يتبعه من إهمال وجبة الإفطار يزيد خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية لأنها مصدر للألياف وفيتامينات Cو D و E وغيرها من العناصر الغذائية الهامة لذا فوجبة الإفطار طقس يومي من الضرورة بمكان الحرص عليه وعدم إهماله حيث تقلل من أخطار الإصابة بالسمنة وما تسببه من السكري وأمراض الضغط والقلب والسرطان حيث تعمل وجبة الإفطار

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑14الكاتبمدونة محمد فتحي129
4↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
5↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
6↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
7↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
8↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
9↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
10↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
11↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350758
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205284
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190433
4الكاتبمدونة زينب حمدي176723
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138593
6الكاتبمدونة مني امين118866
7الكاتبمدونة سمير حماد 112766
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103955
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101358
10الكاتبمدونة مني العقدة98637

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

661 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع