آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  • التعليم السوداني بين العزلة وإعادة إنتاج الأمية
  • أصداء أزهري محمد على نقد متجدد للحكم في السودان 
  • معركة الكرامة: بين الخيانة والوفاء للوطن
  • بين رفقة الأحلام ورفقة التكنولوجيا أحلام تزهر بالمعرفة
  • طقوس الزواج السوداني بين الأصالة والمفارقة: من قطع الرهد إلى إشعار البنك
  • لقاء السحاب
  • يا صديقي.. لو كنا تزوجنا من زمان
  • رسالة بين القلب والعقل
  • ما وراء الغيم الأسود
  • حين عاد الصوت من الغياب
  • على حافة الفراغ.. حكاية قلب يبحث عن أنس
  • أمسية على ضفاف الذاكرة
  • تهت في عيونك
  • جاء موعد كتابتي إليك
  • عبارات مبالغ فيها لإبن تيمية
  • ابن تيمية فى مواجهة الوهابية 
  • لابوبو الجزء ٤
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد فتحي
  5. هوامش على دفتر أحوال مصر

 (قراءة في أرشيف الصحافة المصرية )

مقدمة

يعد التاريخ المصري تاريخ ممتد وحاشد وثري وقد أخذ قسطا وافرا من اهتمام الباحثين للتنقيب فيه وإظهاره والحكم عليه لكن لا يزال هناك تاريخ معاصر قريب العهد من زماننا لم يقربه أحد بعد بالبحث والتنقيب والدراسة وهو بحاجة إلى عقول واعية واقلام تعمل على تجميعه وترتيبه وتبويبه ليغدو محلا للدراسة والاستفادة منه للأجيال الحالية والقادمة التي تجهل الكثير من خفاياه وعظاته ودروسه.

في هذا الكتاب سوف أخط لك تاريخا جم أبطاله من العوام والبسطاء والمجهولين من واقع أرشيف الصحافة المصرية الممتد ستجد جدي وجدك وقريب لي وقريب لك وستجد هؤلاء الذين مروا بهذه الأرض وزرعوا ولو بذرة صغيرة في أرض قاحلة ولم يحفظ لهم التاريخ ذكرا أو بعض من أثر مع غياب التكريم والحفاوة لجميل صنيعهم.

سنعود بآلة الزمان معا إلى الماضي وآلتنا هي أرشيف الصحافة المصرية ذلك الكنز الثمين الذي قلما يلتفت إليه أحد لنفهم قضايانا وقضايا من رحلوا بشكل أكثر ملامسة لواقع الناس وأحلامهم ..

د.محمد فتحي عبد العال

" فوالله الذي لا إله إلا هو إني حين بليتُ بمسجد الأزهر، وشاهدت ما شاهدت من انحراف المصريين، وعزلت نفسي باختياري رجاء حصول نعمة الفراغ والتباعد عن الناس؛ فما تمكنت من ذلك، فصرت أتحيل في التخلي، وأفر من طرف إلى طرف، بحيث لو أمكنني أن أتخذ حجابا من حديد يحول بيني وبين الخلطاء والقرناء والدعاوي التي لا أستطيع حملها ولا أتحمل ثقلها لفعلتُ، وغاية ما في وسعي أن أتوجه إلى الله سبحانه أن يخرجني من هذه الدار غير مفتون، بمنه وإحسانه".

الشيخ حسن العطار

"ثُمَّ اِنقَضَت تِلكَ السُنونُ وَأَهلُها فَكَأَنَّها وَكَأَنَّهُم أَحلامُ"

شعر أبو تمام

"كونوا نارا تضئ... لا نارا تحرق"

الملك فاروق الأول ملك مصر السابق

الفصل الأول

من ملفات حوادث وقضايا الماضي

أولا : القضايا الجنائية :

 -حوادث القتل :

1- من أطرفها قضية مصرع إسماعيل بك رضا (33 سنة -مدير جراج به 80 سيارة وناظر وقف من 300 فدان) والمتهمة فيها زوجته السيدة فاطمة هانم كريمة حسن بك صبحي بدس السم له في الطعام والشراب (القرع والليمون) في مرضه الأخير وقد وردت حيثيات القضية في العدد 58 من مجلة الدنيا المصورة في 1 مايو 1930 م والتي بدأت في 14 يوليو 1929 م ببلاغ للنائب العمومي يتهم السيدة فاطمة صبحي بأنها وراء وفاة زوجها بدس السم له كما أرسل البلاغ نفسه لشركة التأمين التي أمن فيها المجني عليه على حياته فأمرت النيابة باستخراج الجثة وعرضها على الطبيب الشرعي ...جاءت شهادة الطبيب الشرعي الدكتور محمود ماهر أن أعراض التسمم بالزرنيخ واضحة لكنه لم يستبعد حدوث هذه الأعراض جراء استخدام مقويات فيها زرنيخ ..

الطريف في شهادات الشهود بالقضية شهادة عبد العاطي الطباخ الذي فجر أثناء المحكمة مفاجأة أن المحقق ضربه وهدده بالسجن وأرغمه أن يقول في التحقيق أنه طهى للفقيد قرعا في ليلة الوفاة ..

جاءت شهادة أم المتوفي وتدعى تفيدة هانم عزت بأن العلاقة بين الزوجين كانت متأزمة وكانا كثير الشجار وأن الزوجة طلبت الطلاق مرارا وحول أسباب الخلاف تطرقت شهادة محمد مظهر ابن خالة القتيل والذي اتضح أنه "من قدم البلاغ للنيابة دون إمضاء " أن المتوفي كان يقضي أوقات كثيرة في جرسونير استأجرها في سافوي شامبرز باسم مظهر ليخفي ذلك عن زوجته فيما جاء في شهادة علي رضا أخي المتوفي تفاصيل أخرى أن الزوجة كان تشكو باستمرار من إدمان زوجها الراحل للسكر والسهر والاتصال بالنساء وتبذير ماله في المنكرات..

المثير في القضية أن النيابة بنت اتهامها لفاطمة هانم بقتل زوجها على أنها كانت تعمد للسحر لتستميل زوجها "وأن التي تعتقد في السحر تستعمل السم فإن السحر والسم يسيران معا !!"..

استند دفاع المتهمة مرقص بك فهمي إلى أن صاحب البلاغ كيف عرف بأمر السم إن لم يكن هو الفاعل أو الشريك وأن البلاغ كتب في منزل علي بك رضا وهو من أوعز لمظهر بكتابته لعلمهما أن جسد المتوفي يمتلىء بالزرنيخ بحكم مرافقتهما له لوقت طويل معتقدا أن السبب في ذلك يعود لاستخدام المتوفي له كدواء من مرض خبيث أخفاه عن طبيبه الخاص وكان يعالج منه في الجارسونير!!! كما انتفى في مرافعته أي دوافع للزوجة لقتل زوجها خاصة وأنها ثرية تمتلك مائتي فدان يزيد إيرادها عن ثلاثة آلاف جنيه وأنه ليس حقيقي أنها عزلت زوجها عن زيارات ذويه أثناء مرضه الأخير ..

في النهاية صدر الحكم ببراءة المتهمة وسط التهليل والتصفيق ..

في الإطار العام للقضية وبعيدا عن الحكم فإننا نلحظ في أجواء قضايا الماضي أنها تميل إلى الخطابة والبلاغة بعيدا عن فحص الأدلة ومقارنتها بعناية فمثلا ما هو المرض الخبيث الذي ورد بالمرافعة؟! وما هو الدواء أو المقوي المستخدم ؟! وهل يتناسب مع الحالة المرضية أم لا ؟!وكم الجرعة ؟!وما هي نسبة الزرنيخ فيه؟! وهل تم تتبع السجل المرضي للمتوفي في أي مستشفى أو عيادة للوقوف على حالته أو أي شكوى سابقة من أي مرض؟! كلها أسئلة تبقى دون إجابة ؟!..

2-في المصور العدد 230 في 8 مارس 1929 وتحريض السيدة منيرة كمال على قتل المطرب المعروف الشيخ حامد مرسي بمسرح الماجستيك بالاستعانة بأربعة من الصعايدة العاطلين أحدهم كان يحمل عصا غليظة لكن أحد ضباط البوليس تمكن من إنقاذه في اللحظة الحاسمة وقد أفرجت النيابة عن السيدة بكفالة مالية قدرها مئة جنيه ..

وحامد مرسي لمن لا يعرفه كان معبود العذارى والمراهقات ومطاردا من الحسناوات أينما حل وعرف عنه كثرة زيجاته ومن أشهرها عقيلة راتب وتم طلاقهما في هدوء وهي من اختارت له زوجته العاشرة !!.

كان في بدايته حافظا للقرآن مجودا له وحلمه أن يكون منشدا دينيا وأتته فرصة عمره حينما قرأ قصار السور أمام السلطان حسين كامل في ذكرى المولد النبوي الشريف في إيناي البارود فأعجب السلطان بصوته ومنحه جنيها ذهبيا يحمل صورته ...لكن تيار الفن جرفه وسلك اتجاه الطرب فتعرف على الشيخ سيد درويش في أواخر حياته وراح يغني ألحانه قبل المسرحيات لتسلية الجمهور وبرع في ذلك ومنها لحن (زوروني كل سنة مرة )ومن مسرحياته (سرقوا الصندوق يا محمد)..

3-جريدة النيل لصاحبها فرج سليمان فؤاد وتنفيذ الحكم بالاعدام في 29 مارس 1936 على المدعو أحمد محمد عبد المغيث محمود لأنه بتاريخ 20 مايو 1935 بليمان أبي زعبل ضرب عمدا مع سبق الإصرار المذنب فهمي حنا يوسف بقادوم على رأسه لقتله لاختلافهما على سيجارة !!.

 4- مجلة المصور في 28 فبراير 1941 م عن مقتل ضابط كبير هو القائمقام الحاج محمد شكيب بك في شارع منصور وانتحار قاتله محمد أفندي مصطفى عثمان .

5-في مجلة الجديد العدد 51/92 بتاريخ 13 يناير 1930 م ( خطأ طريف في المجلة في كتابة التاريخ بالإنجليزية 31/1/1930). يحكي مندوب المجلة جون سنكلر عن جناية الدرب الأحمر الفظيعة وتتلخص أن الوالد فتحي قد ترك لأولاده عقارا بقيمة تسعين جنيها قسم فيما بينهم وبينما حافظ الأول ( محمد) على ماله والتحق بخدمة وزارة الأوقاف براتب 270 قرشا شهريا متكفلا بوالده وأخته وأخيه أحمد ففي المقابل أضاع شقيقه الثالث ( مصطفى) ماله في إدمان المخدرات وبدأ يهدد إخوته فطرده أخوه (محمد ) وأبلغ عنه البوليس مرارا وتأججت نيران الكراهية بين الشقيقين إلى حد التشاجر بينهما في وزارة الأوقاف وفي غياب الأم والتي سافرت إلى السويس قام ( محمد) واستل سكينا وارتدى قفازا وتسلل إلى مخدع أخيه ( مصطفى) وكان نائما وطعنه عدة طعنات متتالية على الرغم من توسلات الأخير ليلقى مصرعه وبعد أن قتل (محمد) أخيه (مصطفى) عمد القاتل إلى إلقاء السكين وراء صندوق ثم ارتدى بذلة القتيل وحذائه وتركه وقضى ليلته في حانة!! ..

ملحوظة: اعتقد أن هناك خلط في الأسماء بين الجاني والمجني عليه بين صفحات المجلة ولم يتسن لي مراجعتها من مصدر آخر غير هذه المجلة.

6-من القضايا المثيرة اتهام أم تدعى (منيرة صبري) مأمورة سجن النساء لزوجها السابق أحمد خليل صاحب صحيفة "فتى النيل" بخطف وقتل ابنتهما الشابة "علية أحمد خليل " وأن دماؤها تلطخ سلم رقم 2 شارع دولت فاضل بجوار قسم عابدين ودعم الاتهام زوج شقيقة الفتاة الغائبة ويعمل محام بأن الأب كان سيئا مع ابنته وأنه احتفظ بالقسط الأكبر من مهرها وحينما طلقت الأبنة من زوجها وكان الأخير دائنا لأبيها بثلاثة آلاف جنيه أدعى الأب أنها هبة لابنته وأن الكمبيالة التي مضى عليها صورية وطالب ابنته بالشهادة لصالحه مقابل ألف جنيه فإذا بها تشهد لصالح طليقها ..كما حاول الأب إرغام ابنته على رفع دعوى نفقة على طليقها فرفضت كذلك وبدأت مطاردات الأب لابنته ومنها أن أرغمها على الركوب بتاكسي معه أمام محل روبل في شارع عدلي وكسر أحد أصابعها واستولى على سوارها الذهبي وحاول احتجازها في منزله وهددها بالقتل لكنها لاذت بالفرار ...المرة الأخيرة التي ظهرت فيها الفتاة كان بصحبة خادم لها يدعى عبد الحكيم عند ميدان الأوبرا حيث لمحها والدها فحاولت الفرار منه بركوب تاكسي لكنه تمكن من الركوب معها ومنع الخادم من الركوب معهما ..وفي النهاية ظهرت جثة الفتاة عند ترعة المريوطية على مقربة من شارع الهرم ملفوفة في سجادة صغيرة ادعت الأم أنها سجادة مكتب الأب وحول عنقها حبل غليظ وبجوارها إيشارب من الحرير ربطت فيه حقيبة يدها وحذاؤها وطبقا لتقرير الطبيب الشرعي فيوم الوفاة هو نفس يوم الاختفاء الاخير وبتفتيش مكتب الأب عثر على آثار دماء كما تبين اختفاء السجادة من المكتب فصدر الأمر بالقبض على الأب المتهم بحسب ماجاء في مجلة آخر ساعة في العدد 765 بتاريخ 22 يونيو 1949 م.

7- من قضايا القتل المروعة التي استدعت أن تكون القضية رقم (1) أمام المحاكم العسكرية في مصر والتي بدأت إرهاصاتها مع حوادث حريق القاهرة في 26 يناير..تلك القضية التي حدثت في 2 فبراير عام 1952م وتفاصيلها بحسب مجلة المصور في عددها 1450 في 25 يوليو 1952م أن المزارع (علي جاد الله) استدرج جاره (دميان مسيحه أفندي) ويعمل وكيل مكتب بريد قرية (صول) مركز الصف بمديرية الجيزة إلى داره لتناول الحشيش معا ثم تناول آلة حادة وحطم رأس دميان أفندي لأخذ مفتاح خزينة البريد وسرقة 700 جنيه بها ثم وضع جسده في "طشت الغسيل " ورأسه المحطمة في "حلة". ولإخفاء معالم جريمته حاول قتل زوجة دميان وتدعى (توفيقه ميخائيل إبراهيم ) بشاكوش مشوها وجهها فأطلقت صرخات مدوية فأمسك به الأهالي قبل أن يجهز عليها ..حاول (علي جاد الله) أن ينتقم من العمدة والأهالي الذين قبضوا عليه فأدعى على العمدة ( عبد الحميد غيث) وبعض الأهالي أنهم من أغروه بقتل دميان وهو ما ثبت عدم صحته في التحقيقات كما راح يتظاهر بالجنون ويطلب من القاضي أن يبحث له عن ملك الطير !!!

 -قضايا الإهمال:

 1-ما جاء في العدد 55 من مجلة المصور في 30 أكتوبر 1925 م والفاجعة الأليمة في مولد السيد البدوي بطنطا ففي مساء يوم الاحتفال حدث الحادث حيث أن المولد يقام خارج البلد ويوصل إليه منها كوبري يمر فوق خطوط سكك الحديد يسمى "كوبري سيجر" وكان المعتاد منع السير فوقه بربع ساعة قبل مرور موكب المدير ومن معه من الوزراء وكبار رجال الدولة وإفساح الطريق لهم ..

لكن رجال البوليس تخلوا عن اتباع هذا النظام في هذه السنة وأرادوا إفساح الطريق لموكب المدير وسط جموع الأهالي ومطاردتهم وتصادف في نفس الوقت وجود سيارتين متقابلتين على الكوبري فزادتا الطين بلة فكان ما كان من وقوع البعض ودهس الآخرين عليهم فقتل 54 شخصا وأصيب كثيرون بإصابات مختلفة ولولا عمل مخرج عبر كسر عمال سكة الحديد الحاجز الخشبي القائم على الحائط عند منتصف الكوبري ليتمكن الجمهور من التسرب على ظهر المحطة وإلا لكانت الكارثة أفدح وهي السقوط على خطوط سكك الحديد !!.

2- من قضايا إهمال البناء وما أكثرها في مصر حتى يومنا هذا ما جاء في العدد 557 من الطائف المصورة بتاريخ 12 أكتوبر 1925م ففي شارع الشرفا في حي السكاكيني سقط فهيم أفندي مليكه من موظفي مصلحة الأملاك وزوجته الحامل وقريب لهما فتى يدعى وديع أفندي صليب من الشرفة العليا بشقة كانوا ينون استئجارها بمنزل حديث البناء في شارع الشرفا ملك عبد الجواد أفندي حسن وحدث السقوط من الشرفة الصغيرة التي لم تحتمل ثقلهم مع الدرابزين ( تصور هشاشة المبنى لذا لا تسمع كثيرا لعبارات مباني زمان ومتانة مباني زمان) فتوفيت الزوجة في الحال أما الزوج والغلام فأسلما الروح بالمستشفى...

3- من هذه الحوادث ما قد تكشف في تفاصيلها عن قصور جسيم ومنها حادثة غرق الراقصة عزيزة سامي بسيارتها في النيل وبرفقتها مرشد أخرس يدعى سيد هاشم كانت تستعين به في الكازينو لإرشاد الزبائن إلى أماكنهم وخدمتهم .كشف الحادث أنه لا يوجد بالقاهرة سوى غواص واحد عمره اكثر من خمسين عاما ولا يعمل سوى بدوام جزئي بين الساعة الثامنة صباحا والرابعة بعد الظهر وعلى هذا ظلت السيارة مستقرة في قاع النيل من ليل اليوم السابق وحتى ظهر اليوم التالى حتى بدأت جهود انتشال السيارة والجثامين !! وذلك بحسب مجلة آخر ساعة في عددها 916 في 14 مايو 1952م.

4- حوادث الترام في مصر: في 26 ديسمبر 1921 م نشرت اللطائف المصورة عن واحدة من ضحايا الترمواي وهي مسألة كانت شبه يومية في مصر وجاء توصيف المجلة لهذه الحوادث على النحو التالي :"لا تزال مركبات ترمواي العاصمة تحصد أرواح الناس حصدا وشركة الترام ساكنة وحكومتنا لاهية " وحملت المجلة صورة إحدى الضحايا وهي المرحومة ماري كريمة حبيب أفندي فهمي بتفتيش حسابات السكة الحديد التي تدحرجت بين مركبتي الترمواي لأن رجلها خانتها فوقعت .. الطريف أن والد الفقيدة فند الواقعة في تحصيح نشرته اللطائف المصورة يوم 3 يناير 1922م يجعل من الحادثة مسألة قدرية لا قصور خلفها فالفقيدة بحسب التصحيح لم تكن واقفة على سلم الترمواى لعدم وجود محل لها بين مقاعد النساء ذلك لأن القطار لم يكن مزدحما بالركاب كما زعمت المجلة وأن حقيقة الواقعة أنها حدثت حينما كادت الفقيدة تضع قدما على السلم تريد الركوب والقدم الأخرى على السلم في نفس الوقت الذي كان الكومساري ينفخ للرحيل فقام القطار دفعة واحدة في منتهى القوة "فسقطت المسكينة من قوة الجذبة".

وتحت عنوان "فوضى الترمواى في مصر" استعرضت المجلة بعض الأسباب منها تعنت بعض كومسارية الترمواى أو بعض الناس الرافضين دفع المليم "زيادة" معترضين على الستة ملليمات مما يؤدى إلى تأخير القطار كله وفيه أكثر من مئة راكب وراكبة فلا يقوم القطار إلا بمليم يتكرم به واحد من الركاب والعوض على الله كما تتحدث المجلة عن تشجيع شركة الترمواي للأطفال وأولاد الشوارع على الجري والوثوب على مركبات الترمواي في أثناء مسيرها والتسلق على السلم المقفول..( مصر الماضي والحاضر لا يتغيران).

وميزة صحافة هذا الزمان أنها لم تكن تطرح المشكلات فقط بل تقرنها أحيانا بالحلول فهي تقترح مثلا صنع سلما متحركا وإطلاق مجرى كهربائى خفيف في أسفله بحيث يرهب الأطفال فلا يتسلقونه كما تقترح وضع شبكا عريضا يفتح ويغلق بين المركبات أسوة بأوروبا حتى لا تعرض حياة الناس للموت بسقوطهم بين المركبات أثناء سيرها ..

الغريب أن شركة الترام تجاهلت كل الحلول التي يمكن بها حل مشكلات الازدحام و"الشعبطة" والنشل ولعل أبسطها زيادة عدد عربات الترام مثلا في أوقات الذروة ولجأت إلى حل غريب لمنع "الشعبطة" على الترام وذلك بأن اتفقت مع الحكومة على أن تدفع لها 8000 جنيه مقابل تخصيص عددا من رجال البوليس للقبض على من يحاولون "الشعبطة" دون أجر وقد نقلت عدسة المصور في عددها رقم 1098 بتاريخ 26 أكتوبر 1945م صورا للقبض على عدد من الأفندية والطلاب والتجار بشكل مزري ممن لا يظهر على هيئتهم عدم القدرة على دفع ثمان مليمات واقتيادهم للقسم لتحرير محاضر على الرغم من استعدادهم لدفع الغرامة ومضاعفة أيضا !!!.

وكما أن هناك حوادث يقف ورائها التراخي فهناك حوادث قدرية ومن أمثلة فواجع الأقدار :

1-من أمثلتها الفاجعة الأليمة عند رأس البر والتي تحدثت عنها اللطائف المصورة في عددها 548 في 10 أغسطس 1925م حيث غرقت الباخرة "الباسل" عند اصطدام الباخرة "سعد" بها في 26 يوليو في النيل ومن أكثر المشاهد مأساوية هو مشهد المرحوم علي أفندي العلايلي والذي كان مع ولديه الطفلين عطيه 4 سنوات ومصطفى 6 سنوات على ظهر الباخرة الغارقة " الباسل" وقد سبح بطفليه مائتي متر ولما اقترب من البر ولم يجدهما خارت قواه ولفظ أنفاسه الأخيرة..

2-في العدد1129 من اللطائف المصورة في 28 سبتمبر 1936م ففي صباح يوم 18 المنصرم وقعت فاجعة مروعة في النيل أثناء فيضانه حينما اصطدم لنش يقل فريقا من عمال ورش السكك الحديدية بمركب شراعي قرب جزيرة محمد في جهة إمبابة للاحتفال بحفلة وفاء النيل ووقع ضحية الحادث 36 شابا ورجلا وطفلا وهي واحدة من الرحلات النيلية التي اعتادت تنظيمها إدارة نقابة عمال العنابر للترفيه عن منتسبيها وقد استأجروا لنشا وسفينتين لنقل ما يزيد على مائتي شخص لكن يشاء القدر أن تكون وجهة بعضهم للموت..

 -جرائم خطف وقتل الأطفال والنساء :

1-من أغرب جرائم خطف وقتل الأطفال ما أوردته مجلة المصور في عددها يوم 17 يوليو 1953م عن سفاح السويس وهو من عبيد أسرة حمد الله التي تقيم في بلدة القلعة التابعة لمديرية قنا وكان يعيش مع أبيه بعد وفاة والدته التي لم يراها وهو من علمه ركوب الخيل والجمال وإطلاق الرصاص في الفضاء وبوفاة الأب أصبح وحيدا لا يملك سوى ثلاثة قروش صاغ وخرقة بالية ( جلباب) فقرر الذهاب إلى القاهرة سيرا على الأقدام لأنه لا يملك ثمن تذكرة القطار وحمل مصحفا وكتيبا قديما واشترى دواة وقلما من البوص علما بأنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة وراح يطوف القرى مدعيا أنه يعرف اسرار الغيب فأقبل عليه الناس وانخدعوا به ..حب السفاح لصور المجلات العارية وكانت موضة العصر وكذلك عرائس المولد جعلته يفتن بمنظر الفتيات الجميلات الفقيرات في الريف فعرض على إحداهن الزواج فردت عليه: " مابقاش إلا أنت يا أسود (كان طويلا ولون بشرته سمراء بحسب الصور) ليه مفيش رجالة !!"..وهنا تولدت عقدة لديه فكان يعتدي على الأطفال ثم يقتلهم والعكس أيضا !!..الطريف في القضية أن خطابا وصل من مجهول إلى "أبو المجد العطار" تاجر الخضر والفاكهة والد الضحية الأولى "حسنه أبو المجد" يعلمه بمكان جثة ابنته والمتهم لا يعرف القراءة والكتابة لذا بدأت الشكوك تساور المباحث أن هناك سفاح آخر على الرغم من اعتراف المتهم بقتل ضحيته حسنه ..ومما عزز من هذه الشكوك شهادة ضحيتين أفلتتا من القتل لصراخهما أكدتا عند عرضه عليهما أنه ليس السفاح الذي أراد الفتك بهما ..الطريف أن السفاح أراد أيضا أن يغذي هذه الشكوك فعاد عن اعترافاته الأولى بعدم وجود شركاء له وبدأ يذكر أسماء أشخاص ذوي صلة به وقد تكون من وحي خياله !!..

2-ومن الولع بقتل الأطفال إلى الولع بقتل النساء وقضية أحمد أبي الذهب من الوجه القبلي وبحسب جريدة لسان الحال اللبنانية في 6 فبراير 1923 م أنه اشتهر بقتل النساء وسلبهن حلاهن فقتل مومسا في الإسكندرية وامرأة اسمها نعيمة في شارع كلوت بك وقابلة في بولاق وامرأة من أسيوط وكان إبان الحرب العالمية الأولى في فرقة العمال المصريين فقتل خمس نساء وثلاث نساء في الأستانة بالخنق وامرأتين في مرسيليا وقد قبض عليه من قبل لكن هرب وفي النهاية نجح البوليس في القبض عليه في محطة القاهرة وهو يحاول ركوب القطار ..

 -قضايا الرقيق الأبيض:

حينما تعمل مندوبا للدعاية بمحافظة أغلب مراكزها من الأرياف فانت على موعد مع الغرائب و العجائب ..كنت أزور أحد المراكز منتظرا أن تفتح المستشفى الحكومي لمتابعة صنف دوائي لي وجلست على مقهى أمام المستشفى ولم أجد سوى كرسي واحد وسط خمسة من القرويين بالرغم أن الوقت كان لازال مبكرا ...نسي القرويون الخمسة وجودي وراحوا يتحدثون عن أحد الخليجين الموسرين ويريد أرملة أو مطلقة مصرية ليتزوجها وترحل معه للخليج وراح الخمسة يقترحون اسماء الفتيات حتى اتفقوا على إحدى الفتيات المطلقات في منتصف العمر وبيضاء بضة...أخيرا انتبه لي أحدهم وبدأ يتعرف علي ثم اقترح علي عروس وأخذ رقم هاتفي فلم أرد أن أكون قاسيا معه على الرغم من حجم الابتذال الذي رأيته فأعطيته إياه وذهبت إلى المستشفى حيث فتحت العيادات الخارجية أبوابها وظل الرجل يطاردني لأيام بالاتصال ليريني عروس مقابل مبلغا من المال طبعا تهربت منه بلطف..

كنت أظن أن هذه الظاهرة حديثة على مجتمعاتنا لأسباب عدة كالفقر والبطالة والعنوسة لكن مع التجوال في أرشيف الصحافة المصرية قد تفاجىء بأمور مدهشة منها:

المثال الأول: هذا الخبر من مجلة آخر ساعة العدد 989 بتاريخ 7 أكتوبر 1952م بملحق آخر لحظة تحت عنوان : " الملك عبد العزيز يأمر باعتقال تاجر رقيق اختطف 12 سيدة من القاهرة " وخلف الخبر أن القنصلية المصرية في جدة رفعت بشأن سعودي قد تكررت زياراته إلى القاهرة حيث يمضي أسبوعا واحدا يتزوج خلاله ثلاث أو أربع مصريات ويصطحب زوجاته بالطائرة إلى جدة وفي إحدى زياراته أحضر معه ابنه محمد البالغ من العمر 16 عاما وتزوجا سويا كلا منهما ثلاث مصريات وعادا سويا إلى جدة بصحبة الزوجات المصريات .

المثال الثاني : من مجلة الدنيا المصورة العدد 1 في 22 مايو 1929 م وتقرير عن إطباق البوليس على "عزبة العبيد" بقيادة القائمقام (سالم بك مباشر ) وكانت العزبة متاخمة للجامعة المصرية في سراي الزعفران ( جامعة عين شمس حاليا) وتتألف من ستين دارا تقطنها نساء ساقطات يعملن بالبغاء وتم اقتياد النساء أمام نقطة البوليس حيث جلسن القرفصاء وعددهن مائة امرأة سافرات واشتركت كل ثلاثة منهن في ملائة ..الطريف ما جاء في التقرير من أنه أثناء نقلهن بالسيارات راحت جارية عجوز من بينهن تلطم خديها قائلة " عين صابتنا" فيما قالت أخرى " عقبال اللايم"

كانت النساء في هذا المستنقع الأسن طبقات فنجد سبع نساء هن صاحبات دور البغاء من الوزن الثقيل بيض البشرة ما عدا واحدة جارية سوداء ترتدي كل منهن ملاءة من الحرير وخلخالا من الذهب غير المصوغات والملابس الثمينة وكان من بينهن شقيقتان إحداهما في الثلاثين والأخرى في الأربعين من العمر وكانت إحداهما على علاقة بجاويش مفصول في قسم الوايلي وشيدت له محلا تجاريا وكان بمثابة المستشار القانوني لها بشأن الإجراءات في قضايا البغاء!!!.

في القسم يرصد التقرير حادثة طريفة أخرى وهي قيام إحداهن بمطالبة رجال البوليس بحماية مصوغاتهن وأثاثهن وما تركنه خشية أن يقع في قبضة متعاطي المخدرات ..

ومن السبع الكبار الموسرات الحاكمات في إمبراطورية البغاء إلى المحكومات ومن بينهن أربعة عشر فتاة قاصرات أرسلن مع رجال البوليس الأوروبي إلى قسم الوايلي ومن التحقيقات أتضح أنهن كن خادمات ألقت بهن صاحبة مكتب للتخديم إلى "أحضان النسوة السبعة" بقصد الخدمة ثم تحولن إلى ممارسة البغاء كرها وإن إمتنعن يضربن وكانت تمارس عليهم إجراءات صارمة فإن خرجت إحداهن لقضاء مصلحة كان يرسل معها من يلازمها كظلها وإذا جلب لإحداهن فستانا لا يزيد ثمنه عن خمسين قرشا كانت توقع في المقابل على سندات تتراوح قيمتها بين خمسة وعشرة جنيهات لتظل أسيرة الابتزاز ويتم تهديدها بها من وقت لآخر كما كان يودعن مصاغهن لدى النسوة السبعة الكبار..

 -قضايا مخلة بالشرف والواجب الوظيفي :

1-من القضايا الطريفة تحت هذا العنوان ما ورد في مجلة المصور في عددها 1362 في 17 نوفمبر 1950 م وحادثة اختلاس ستين ألف جنيه في 6 أكتوبر الماضي بفرع بنك مصر بدمنهور وبطلها عبد الحليم المغربي أفندي والذي اختفى تماما ثم بعد نشر صوره في الصحف والقبض على زوجته بتهمة الاشتراك في إخفاء المبالغ المختلسة ظهر المتهم بعد يوم واحد وسلم نفسه مدعيا أن اختفائه لثلاثة أيام كان مدعاه الذهاب إلى مكرم عبيد باشا لسؤاله عن موقفه من المبالغ التائهة قانونيا فلما لم يجده اختار مكانا هادئا لكتابة مذكرة لمكرم باشا ثم العودة له مرة أخرى أفضل من الارتجال..

2-ومنها ما جاء في مجلة المصور العدد 232 في 22 مارس 1929م وقضية تزوير أوراق بنكنوت من أوراق البنك الأهلي من فئة عشرة جنيهات وبطلاها بحسب المجلة أحمد عبد الغفار أفندي الموظف بمصلحة المساحة في قسم التصوير المعهود إليه في صنع طوابع البريد المصري وتوفيق فام أفندي تاجر الأحجار الأثرية ومن أهالي قوص حيث ضبط بوليس مكتب المباحث الجنائية في

 

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
4↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
5↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
6↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
7↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
8↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
9↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
10↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350483
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205134
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190222
4الكاتبمدونة زينب حمدي176673
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138465
6الكاتبمدونة مني امين118840
7الكاتبمدونة سمير حماد 112663
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103876
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101227
10الكاتبمدونة مني العقدة98572

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

336 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع