بلغت احداهن عقدها الخامس من العمر ، ولم يستطيع الزمان أن يضع بصمته أبدا على جبينها ، مازالت جميلة ...نضرة و متألقة ، تسكنها روح الطفلة و تتملك ثغرها الجميل لترسم علية أرق ابتسامة ، مازالت عيناها لامعة يسكنها بريق الأمل و حلم الحياة الوردي ، مازالت جميلة رغم ....كل ما تركته لها السنين من إرث ، تعجب الجميع من ذاك السر ....فهي لم تضع أي نوع من المكياج و لو حتى القليل ، وعندما سُألت عن السر أجابت ....لعلهما الراحة و هدوء البال سر جمالي ، لعله بريق الحب الذي لا ينطفئ الذي يمنحه لي كل من حولي ، لعله الأمل الذي يملء قلبي يقين بالله أنه لن يتركني و لن يخذلني يوما طالما كنت معه .
على العكس تماما تلك الفتاة العشرينية التى وضع الزمان بصماته الواضحة على جبينها ، وتملكت الهالات السوداء من عيونها الجميلة...فأطفأت بريقها ، وظهرت الشعيرات البيضاء لتحتل هامتها ، وتكتسي بها ، و تغلب عليها المشيب ، تلك الدموع التي تسكن مقلتها لتفيض على وسيادتها أنهارا من الدموع ، أما ظهرها فقد بدأ في الإنحناء من كثرة ما يحمله من هموم الدنيا ، وقدميها المورمتان لا تقوى على حمل جسدها النحيل ....و السبب هنا فقط الفكر و المسؤولية ، الهموم التي تسكن رأسها الصغير و احتلتها ، المشاغل التي لا تترك تلك العين تغفل ولا تنام .
العمر ليس مجرد رقم في بطاقة ، عمرنا يقاس بما تحمله أكتافنا من هموم و مسؤولية ، اعمارنا تقاس بعدد فرحنا و عدد دمعاتنا ، اعمارنا تحددها الظروف و الأحمال التي تتحملها كواهلنا ، ليست مجرد رقم في بطاقة ولا شهادة ميلاد ، أعمارنا تقاس بعدد المواقف... الدموع ، بعدد من يحبك و تستند عليه وقت ضعفك ، ويشتد عضدك به ، بمن نتوكأ عليهم ...فلا ننهزم ابدا أمام تلك الحياة...فكم من شخص يعيش تلك الحياة بشهادة وفاة لروحة قبل جسده !
..ابحثوا عن الحب في كل مكان و تمسكوا بأحلامكم الصغيرة مهما كانت و انثروا بذور الأمل لتطرح حبا .... كي تظل قلوبكم خضراء ....لا يعرف طريقها المشيب.