كلنا جنائز مؤجلة ، أمانات يستردها خالقها في أي وقت و أي حين ، لا نعلم متي؟ ....كيف؟ ولا أين فلنعد العدة و نحزم أمتعتنا لهذا اليوم.
شغلتنا الدنيا و أخذتنا فدرنا في سواقيها دون توقف و لا هوادة ، بتنا لا نفكر سوى بتلك الفانية البالية ....التي هي مجرد رحلة طالت أو قصرت لا بد أن تنتهي ....شغلتنا دار الفناء عن دار البقاء ، وتركنا حقائبنا خاوية خالية من متاع دار البقاء ، ولكن لعلها تذكرة وعبرة مازالت الفرصة باقية ....فلنعمل و نعد لأنفسنا فكم من سليم مات دون عِلةٍ ، و كم من عليل عاش أبد الدهر ، لم يعد المرض سبب الموت و لا السن ، كثر موت الفجأة و أصبح سمة هذا الزمان ، كثر موت الشباب ، أنها الدنيا ....مخادعة كاذبة ....تفتح لك أحضانها و عندما تجري عليها تدير لك ظهرها في برهة بل أقل .
لا تعطي لها الفرصة و لا تكن ضحية ، سامح من ظلمك ، صل رَحِمك ، اقترب من الله تهجد و ابتهل قبل أن ترفع صحائفنا و ينفرط منك العقد ،فتجد العمر كحفنة ماء في يديك ، تبحث عن لحظة منه لتعمل عمل واحد تُثاب عليه و لا تجد ، و تأكد أن تلك الدنيا فانية لا تستحق قدر جناح بعوضة أن تنام و في قلبك حقد و غل لأي شخص مهما كان ، فقد نغلق أعيننا و لا ندري هل سنفتحها مرة أخرى أم لا ما بين عشية و ضحاها قد نغادر و تنتهي رحلتنا في تلك الدار فلنعد العدة و نعتبر ، اترك أثر ....يخطوا على خطاك من خلفك في دروب الخير ، اترك بصمة جميلة لك في كل شيء ، وأبدا لا تستهين بعملك الطيب مهما كان بسيط ....سيبقى ، فقد تفنى أجسادنا و تبقى سيرتنا يتوارثها أحفادنا عبر الأجيال فهي حقا الإرث الحقيقي ....غادر .....لكن سيبقى الأثر....... فما بالك لو كان جميل يفوح شذاه في كل مكان لامسته أقدامك ولك بصمة طيبة فيه...... افعل الخير و اتركه فإن لم يكن في أهله فأنت أهل له و لا تندم أبد على عملٍ طيب قدمته ، ستجده بأمر الله عنده باقيا فالله لا يضيع أجر من أحسن عملا .