فقال لي بصوتٍ مُتهدج يُخالطه الرجاء وعينين دامعتين:
يا صاحبًا تَعي هَمساتي باللهِ قُـلِّ لي
كيف الخلاصُ من عشقٍ أذابني كُلّي
ثم سالت عبراته تسيل كأن بحر دموعٍ قد هاج بمقلتيه، وانتحب بشدة حتى كانت عينيه كأنهن الجمر، فكنتُ أسمع دقاتُ قلبه تزأر بوحشية، فضمَّ رأسه على ركبتيه وتقوقع بجسمه كأنه يمنع روحه من التسرب من بين جنبيه .. فانتظرته حتى هدأ...
نظر إليَّ بعينينٍ يصرخ فيهما الدم ثم أنشد:
الرُوح ثَمُلت بلا كأسٍ من العشقِ
والنفس قد ألِـمَت من جَفا الـقربِ
يا حادينَ دُروبَ الأحلام تَـمَهَّلوا
لا تأمنُوا لـحُـلمٍ يُسقى مـن الحُبِّ
قلـوب قــومـي قَـد أبــدلوا كَـنْهَـهُ
مـن طـهرٍ إلـى زيــفٍ إلـى كذبِ
فالقلب إن خَالَطَهُ حَنـينٌ سَأقـتلهُ
لم الـحنين وبالألـمِ بـتّ يا قلـبي
هَـيْهَاتَ تُسقى رَحيقًا من الشوقِ
هَيْهَاتَ لِلـحُب مـن قـلبٍ عَـطِـبِ.