ملف أساء للمجلة ولم يضف جديدا
في العدد رقم 418 الصادر في يونيو 2025 تضمنت مجلة الثقافة الجديدة ملفا كبيرا عن الكاتب الدمياطي الراحل مصطفي الأسمر قدمه رئيس التحرير طارق الطاهر وأعده نجل الراحل الكبير أيمن مصطفي الأسمر وشارك بالكتابة فيه كتابا لهم جميعا كل الاحترام والتقدير وهم أيمن الأسمر وإبراهيم حمزة ومحمد سمير عبد السلام ومجدي القشاوي وناصر العزبي وآخرون للأسف منهم من كان صادقا مع نفسه فقرر أنه لم يعاصر مصطفي أو يعرفه عن قرب ومنهم من اعتذر أنه رغم معرفته به لم ينهل أو يتعلم منه بما يكفي؛
المدهش أن أيمن الأسمر النجل الأكبر للكاتب الراحل مصطفي الأسمر كنت بعد تخرجه من الجامعة قد عينته في قصر الثقافة من خلال مسابقة للتوظيف إكراما لوالده وأيضا لكفاءته في العمل علي الحاسب الآلي ثم آثر الانتقال إلي جامعة دمياط ندبا ثم نقل نهائيا إليها ولم أمانع في ذلك وقتها والمثير أيضا أنه حاول أن يقتدي بوالده فحاول الولوج إلي ميدان كتابة القصة لعله يرث مكانة أبيه وهو مالم يحدث فالموهبة قطعا لا تورث .
نأتي إلي الملف وما جاء به من شهادات بداية يستحق الأستاذ طارق الطاهر رئيس تحرير الثقافة الجديدة كل الشكر والتقدير علي فرد هذه المساحة إكراما لذكري مصطفي الأسمر وطارق كان في عصر الثقافة الذهبي أحد الأصدقاء القدامي الذين كنا نحرص علي دوام الاتصال بهم في مختلف الصفحات الأدبية والفنية بالصحف والمجلات وكان مداوما علي حضور كثير من الفعاليات الثقافية والفنية التي أقمناها في دمياط ولكني أعتب عليه هنا مهنيا في طريقة عرضه لهذا الملف فكيف تنشر شهادات لكتاب أفاضل قرروا في متن ما كتبوا أنهم للأسف لم يعاصروا مصطفي الأسمر ولم يتعرفوا عليه عن قرب فما جدوي شهاداتهم إذن ؛
حفل الملف ببعض الأخطاء البسيطة ولكن وجب التنبيه إليها توثيقا للتاريخ فقد ذكر أيمن فيما كتب نقلا عن والده ( أصدر السيد حافظ بدوي وزير الشئون الاجتماعية قرارا وزاريا بدمجها ( أي جمعية رواد الأدبية) قسرا بجمعية رواد قصور الثقافة ولم تكتف الجمعية الجديدة باستلاب أموال الجمعية المدمجة بل استولوا علي اسمها أيضا ) وهذا الكلام مناف تماما للحقيقة ولما جري فقرار الدمج جاء بناء علي توصية جهات أمنية وسياسية لأمن الدولة والاتحاد الاشتراكي عندما اعتبروا أن جمعية رواد الأدبية قد انحرفت عن مسارها واتخذت منحي سياسي يساري ويومها تم إيقاف بعض أعضائها ورئيسها عن العمل في وظائفهم الأصلية كما وأن جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط كانت فرعا للجمعية المركزية الأم بالقاهرة والتي كانت تحمل اسم رواد قصر وبيوت الثقافة ليس نقلا ولا استلابا كما قال أيمن فيما قال كما وأن الجمعية الجديدة التي أشار إليها وهي جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط لم تسع ولم تكن مرحبة بدمج جمعية رواد الأدبية إطلاقا ولكنها أجبرت علي ذلك ولم تكن الجمعية الأخيرة تمتلك أي أموال ولا منقولات وكل ما آل منها كان عبارة عن سجلات العضوية والاشتراكات ومحاضر الاجتماعات الاسبوعية وقد تم تسليمها يومها للاتحاد الاقليمي للجمعيات برئاسة الحاج علي الحطاب رحمه الله وأنا هنا أقرر بما أعرف كرئيس لمجلس إدارة جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط في ذلك الوقت .
ويهمني هنا أن أنوه إلي أن علاقتي بمصطفي الأسمر بدأت منذ نقلي للعمل بمركز الثقافة والاستعلامات عام 1965 حيث أسند إلي أي مديره في ذلك الوقت أستاذنا سعد الدين عبد الرازق رحمه الله الإشراف علي المحاضرات والندوات ومنها الندوات المكتبية التي كانت تعقد أسبوعيا بالمكتبة للأدباء والمهتمين بالأدب وتوثقت هذه العلاقة مع مرور الأيام فاستضافني مرة في بيته مع الزملاء كامل الدابي ومحمد عبد الخالق وعمنا الحاج حامد سالم في إحدي ليالي رمضان كما وأنني كنت أحيانا أتردد بزيارته في معرضه في حضور بعض الكتاب ومنهم محمد ابو سعده والسيد الغواب ومحمد عبد الخالق وكامل الدابي والدكتور عيد صالح ورغم أنه رفض عدة مرات علي عدم الانضمام بالعضوية لنادي الأدب إلا أنه كان قاسما مشتركا في كل الفعاليات الثقافية وكنا نكلفه مع آخري بأعمال إشرافية في المؤتمرات الأدبية أو المهرجانات وأيضا كنا نكلفه بالعمل مع طواقم تحرير النشرات المطبوعة الصادرة عن القصر في مهرجانات نادي المسرح أو المؤتمرات الأدبية أو في الاحتفال السنوي بالعيد القومي . وكان يرحب بذلك بل كان من المبادرين إلي المشاركة في هذه المناسبات .
في شهادات بعض الكتاب كتب صلاح عفيفي وهو لم يعاصر مصطفي ولا تعامل معه بالمرة مقررا ( يستعيد دوره المهم في الحركة الأدبية قائلا رحمة الله تعالي علي أديبنا الكبير الغالي الأديب العربي ورائد الحركة الأدبية الحديثة في دمياط علي مدي عقود ازدهارها .) تشكر يا حاج صلاح ثم عاد وكرر ذلك مرة آخري عندما قال ( وكان رائد الحركة الأدبية في دمياط وكبير روادها منبع ينهل ويستفيد منه من عاصره من قرأ أو سمع عن أعماله ممن جاءوا بعده ) وهو هنا يشير ربما إلي نفسه فهو لم يعاصره وبالتالي لم ينهل من منبعه أو يستفيد منه فكيف له أن يقرر ما سبق ؟!!
أما الكاتب عزت الخضري فقد كان أكثر صدقا مع النفس عندما قال ( لم يسعدني الحظ بلقاء والتعرف شخصيا علي الأديب الراحل مصطفي الأسمر ولكنه تعرف عليه من خلال قراءة بعض ما كتب ..
ويقرر الكاتب الدسوقي البدحي في شهادته أنه ( لم يجمعني بالأديب القدير مصطفي الأسمر أي محفل ثقافي ولم أشاهده في قصر الثقافة إلا مرة واحدة يوم استضافة عبد الرحمن أبو عوف .فكيف بالله عليكم لمن لم يشاهدوه أو يعاصروه أو يتعرفوا عليه عن قرب أن يكتبوا شهاداتهم عنه ؟
نقطة غير مهمة جاءت في شهادة الكاتب سمير الفيل ( كان مصطفي الأسمر حذرا في تعامله مع الحكومة كونها تتسلط عليه بالقهر والنهب المنظم وفرض الإتاوات ) ويهمني هنا أن أقرر موقفا متناقضا وبشدة لبعض الكتاب ولست هنا أدافع عن الحكومة أو النظام ولكني أقرر في نهاية عمري ما عشته معهم فكثيرون منهم كانوا علي علاقة بالأمن بشكل أو بآخر ومصطفي نفسه كان يتباهي بعلاقة والده الحاج أحمد رحمه الله بالمحافظين وبالرئيس جمال عبد الناصر كيف إذن كما قال سمير يري في حكومات عبد الناصر القهر والنهب وجباية الإتاوات ؟ بالمناسبة عندما تم دمج جمعية الرواد الأدبية في دمياط وانتهي الأمر بحلها رسميا تم إيفاف رئيسها عبد الرحمن عرنسة رحمه الله عن العمل وكان يعمل موجها عاما للصحافة المدرسية وتم إيقاف سمير الفيل ومحسن يونس وأحمد عجيبة رحمه الله عن العمل أيضا لأسباب أخري بتوجيه من أمن الدولة ,
وأحب أن أذكر الدكتور عيد صالح بأن الأستاذ سعد عبد الرازق عام 1964 كان مديرا لمركز الثقافة والاستعلامات وكانت الجامعة الشعبية قد انتهت قبل تعيينه في هذا المنصب كما وأن الرئييس جمال عبد الناصر عندما زار دمياط لافتتاح مصنع الغزل والنسيج بها وطلب مقابلة الحاج أحمد الأسمر والد مصطفي بدمياط كان ذلك عام 1960 وليس 1958.
في نهاية المطاف يستحق الملف إجمالا التحية والتقدير علي ما تم به من جهد وأشيد بدور العاملين في الثقافة الجديدة التي شرفت بأنني كنت يوما نائبا لرئيس تحريرها في عصر الدكتور عبد المعطي شعراوي آخر رئيس للثقافة الجماهيرية وبداية عهد الراحل حسين مهران أول رئيس لهيئة قصور الثقافة .