الصالونات الثقافية في مصر حديثًا تشهد انتعاشًا ملحوظًا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من قبل المثقفين، والشباب، وبعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بإحياء الدور الثقافي والاجتماعي لهذا النوع من النشاط الثقافي ؛
والصالونات الثقافية هي تجمعات دورية يتم فيها مناقشة قضايا فكرية أو أدبية أو فنية أو اجتماعية وتجمع مثقفين وأدباء وفنانين ونشطاء في أجواء حوارية حرة تختلف عن الندوات في طابعها الحميمي وغير الرسمي وقد تُعقد في منازل خاصة أو مراكز ثقافية أو مكتبات عامة أو في مقاه تأخذ الطابع الثقافي ومن سمات هذه الصالونات الثقافية الحديثة في مصر الانفتاح على الشباب فلم تعد حكرًا على كبار المثقفين، بل بدأت تستقطب شباب الجامعات والموهوبين في مجالات الكتابة والفنون وتتنوع الموضوعات فتشمل الأدب، التاريخ والفلسفة والفن وقضايا المرأة والتكنولوجيا وتحولات المجتمع المصري اعتمادا على وسائل التواصل الاجتماعي حيث تستخدم الصالونات الحديثة الإنترنت للدعوة لنشاطاتها وتبث بعضها لقاءاتها عبر "فيسبوك" و"يوتيوب وتوفر هذه الصالونات مساحة نادرة للحوار بين أجيال مختلفة من المثقفين والكتاب كما أن الطابع التطوعي والمستقل كثير منها لا يتبع جهة رسمية بل ينشئه مثقفون مستقلون بدافع الشغف بالثقافة وهناك نماذج بارزة من الصالونات الثقافية الحديثة مثل الصالون الثقافي العربي – ينظمه الكاتب والصحفي المعروف طارق الطاهر ويضم نخبة من المفكرين والصحفيين. وهناك صالون دار الكتب والوثائق تابع لوزارة الثقافة وهو يناقش موضوعات تاريخية ووثائقية نادرة وصالون مكتبة مصر العامة الذي يعقد بصفة غير دورية متقطعة في عدة فروع مثل دمياط والدقي ويستضيف محاضرات وأمسيات شعرية وهناك صالونات خاصة مثل: صالون "نهى محمود" للأدب النسائي وصالون "أم كلثوم الثقافي" في بيت أم كلثوم بالمنيل وصالون "الوراقين" في القاهرة القديمةوصالون التوارجي في دمياط الجديدة وتواجه هذه الصالونات تحديات ضعف التمويل والدعم المؤسسي. بالإضافة إلي غياب التوثيق المنتظم والتنافس مع المحتوى الرقمي السريع على الإنترنت وضعف الحضور الإعلامي الرسمي. وترجع أهمية هذه الصالونات إلي كونها تساهم في نشر الوعي الثقافي وتعيد إحياء تقاليد الحوار الفكري وارتباط المثقفين بالشباب يخلق منصات بديلة للنشر والمناقشة ؛
وقد جاء إنشاء وانتشاربعض هذه الكيانات الثقافية بعد أحداث ما يسمي بثورة 25 يناير 2011 مواكبا لأحداث هذه الثورة دعما وتعضيدا لبعض الاتجاهات السياسية في المقام الأول تحت مسميات مختلفة كلها تؤدي نفس الدور ظاهريا كفاعليات ثقافية ومستترا لدعم وترويج سياسات بعينها بعيدا عن الكيانات السياسسية المعروفة والمراقبة عادة فتسمي بعضها باسم ورشة مثل ورشة الزيتون وتسمي الآخر باسم صالون ( فلان ) الثقافي وهي كيانات عادة نشطة ثقافيا وتستضيف كتابا مرموقين وفنانين أصلاء وتقوم بدور فعال في ترويج انشطة ثقافية وبالتأكيد هناك من يمولها ولو كان بالنذر اليسير فبعضها ليس في مقدور الأشخاص العاديين استضافة تلك الفعاليات والإنفاق عليها حتي وإن كان أقل القليل .
وفي دمياط علي وجه التحديد نعم هناك ارتباط واضح وموثّق بين نشأة الصالون الثقافي في دمياط الجديدة وترشح حمدين صباحي للرئاسة وظهورارتباط لحالة نجل صاحب الصالون بشباب 6 أبريل وارتباط الصالون وحملة صباحي حتي تم القبض عليه ضمن مظاهرة في ميدان سرور بدمياط شارك فيها شباب 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين مما يكشف عن وجود شبكة علاقات سياسية ونشاط شبابي مرتبط بأفكار توجيهية لصالح تيار سياسي معين مما يُظهر أن الصالون الثقافي بات يحمل بُعدًا سياسيًا عمليًا لا يقتصر على كونه مجرد ملتقى فكري مما يشير إلى أنه قد يكون جزءا من استراتيجية بناء قاعدة دعم ثقافي واجتماعي قبل الانتخابات يحمل الطابع السياسي المستتر الفعلي للصْالون وربطه بحراك شعبي سياسي ثقافي مدني ممول رغم الطابع الثقافي
وهذه الأيام وقبيل الانتخابات التشريعية الجديدة لمجلسي النواب والشيوخ ظهر علي السطح بشكل مفاجئ بعض من رجال الأعمال الذين نجحوا بإمكانياتهم المادية في الوصول إلي مراكز القيادة في بعض الأحزاب القائمة أو حتي في إنشاء أحزاب جديدة تولوا قيادتها ومنهم من لم يعرف عنه أي تاريخ سابق عن علاقته بالفن والثقافة ناهيك عن غموض الظهور المفاجئ له بما يملك من مال يمنحه هذه الوجاهة الاجتماعية فتفتق ذهن بعض من استعان بهم من أصحاب الخبرة الثقافية والأدبية السابقة عن إنشاء صالون ثقافي يكون وسيلة سهلة تمكن من التغلغل إلي صفوف المثقفين والأدباء والفنانين من أبناء دمياط وبدأ في الدعوة لعقد اجتماعات هذا الصالون في حديقة منزله المنيف الأشبه بقصور النبلاء في العصور الوسطي بأوربا ليتمكن من خلال تلك النخبة من الوصول إلي الجماهير والي القاعدة البسيطة من أبناء الشعب الذين يعطون تلك النخبة الثقافية مساحة من الاحترام والثقة .
ومن المؤكد أنه بعد انتهاء مولد الانتخابات ستغلق أبواب مثل هذا الصالون لانتهاء الغرض من إنشائه سواء وفق صاحبه أو لم يوفق في تلك الانتخابات والأمرالمؤكد في نهاية المطاف أن تلك الصالونات ستحدث حراكا ثقافيا مفقتدا هذه الأيام خاصة في غياب قصر الثقافة ليس في مدينة دمياط فحسب ولكن في كل مدن محافظة دمياط التي تدهورت أحوال البنية الثقافية والمعمارية الخاصة بها في الحقبة الأخيرة بفعل الاهمال وانعدام الصيانة . والمتوقع مع نجاح التجربة واهتمام المثقفين بها أن تلقي رواجا وقتيا وربما تدعو الآخرين إلي الدخول في حلبة المنافسة وتنشئ صالونات مماثلة أخري ( وأهو كله فايدة ) ربنا يزيد ويبارك ويبعد عنهم شر الأرزقية والمبتزين والطفيليين .