اول معرفتي بالشاعر الكبير صلاح جاهين.. كنت لسه اول يوم في اولى ابتدائي " بس في المدرسة اللي بحبها اللي كان بيشتغل فيها بابا.. لانهم في الاول بعدوني عنه وودوني مدرسة محبتهاش وكنت بصرخ من اول اليوم لاخره.. دي حدوته طويلة هحكيها بعدين".. المهم ان انا بحسب مسيرتي الدراسية من اول يوم اتنقلت فيه للمدرسة اللي فيها بابا وماما برضو في نفس المدرسة.. بس مكنتش مشغولة بيها ولما كانت تقول لحد دي بنتي كنت بزعل قوي.. انما لازقة في بابا طول اليوم عادي..
المهم انه من اول يوم ماما حفظتني مربع من مربعات جاهين وقالتلي قوليه في اذاعة المدرسة وكل يوم احفظي مربع من دول وروحي الاذاعة امسكي المايك والقيه..
انا فاكرة كويس قوي اول مربع القيته والمدرسين انبهروا بيا..
دخل الربيع يضحك لقاني حزين
نده الربيع على إسمي لم قلت مين
حط الربيع أزهاره جنبي وراح
وإيش تعمل الأزهار للميتين
عجبي
كنت بقوله بحماس شديد جداً وتأثر زي م اكون وحدة عدت سن اليأس والكهولة من بدري قوي لدرجة ان المدرسين كانو بيخافو يتكلموا معايا كانو فاكرين ان انا ملبوسة بشخص كبير وفاهمة كل حاجة.. في الحقيقة انا مكنتش فاهمة الكلام.. ولما كنت بقول حاجة في الاذاعة مكنتش ببقى باينه من كتر قُصري ورفعي.. بس كان عليا عقدة حواجب تقطع الخميرة من البيت ومبعرفش اضحك.. مبعرفش اضحك بجد مش مبحبش.. لا يعني ممكن ابقى مبسوطة وتلاقيني مكشرة برضو.. المهم انه بالرغم من عدم فهمي للكلام بس كان ممكن اعيط وانا بقول مربع او قصيدة لجاهين.. وده كان شئ غريب قوي.. بس لحد النهاردة بيحصلي.. ممكن اسمع غنوة فرنساوي "لاني بحب قوي المزيكا الفرنساوي".. وانا مبفهمش كلمة فرنساوي فتلاقيني بعيط او طايرة من الفرحة وبرقص..
المهم انه انا فضلت خمس سنين ابتدائي كل يوم بقول مربع وبكررهم طبعا.. ولو في مناسبة او زائر او ضيف من الوزارة لازم تبقى قصيدة طويلة بقى مش مربع..
وأغلبهم لجاهين..
لما كبرت وكتبت شعر.. ماما زعلت.. مكانتش حابة اني امشي في السكة دي.. كانت بتحلم اني ابقى مهندسة.. وامشي في طريق روتيني جدا اتجوز واخلف وحاجات من العادية دي.. مكانتش عارفة ان اشعار جاهين.. هي البذرة اللي بتزرعها فيا عشان احصد بعد سنين عشقي للكلمة واحترامي ليها واخلاصي.. واني اسيب كلية العلوم بعد م درست فيها الجيولوجيا واتخرجت بتقدير جيد جداً.. واشتغل في الشعر والصحافة.. مكانتش تعرف اني كنت طفلة لا تتعدى ٦ سنوات وقبل م انام بردد المربع اللي هقوله بتاع جاهين ف لما بغمض عيني بحلم بيه بطاقيته وقاعد جنبي وواخدني في حضنه وبيحفظني اشعاره.. قابلت جاهين كتير قوي في احلامي.. وكنت بعتبر ده سر بيني وبين جاهين.. مكنتش اصحى احكيه لحد.. بس كنت بصحى حافظة قصيدة مقريتهاش قبل كده.. ولا سمعتها..
لحد دلوقتي فاكرة قصيدة بتقول
وبهية في المحاكم شدت واحد وكيل
عند البوفيه كان واقف بيشرب جنزبيل
والجنزبيل ده اصله للصوت مالوش مثيل
مكتوب عليه في مجلد مرافعات هابيل
يشرب منه المحامي
يمسح اجدع زميل
ويفحم النيابة
ويقصف النخيل
وبهية ماشية جنبه في كوريدور طويل
تشرحله وهي تبكي
وتبل المناديل
وتقوله كتير عليا
يقولها قليل
اتنين ريال يا ولية
مبلغ تافه ضئيل
خدى بالك م الفصاحه، ... ومن العلم الاصيل،
والإش لما يحصل، ...مفعول الجنزبيل ..
عنها، ودخل ع القاضى، ... دخلة أَبو زيد تقيل،
خبط الترابيزة و قال له، ... أنا طالب التأجيل
انا لحد دلوقتي بكتبها بصوت جاهين.. سامعة صوته في ودني.. وهو بيحفظهالي.. صحيت قولتها في الاذاعة وماما كانت مستغربة قوي قوي قوي.. لحد النهاردة متعرفش اني قابلت جاهين وهو حفظهالي..
جاهين كان هو اللي عرفني ع الشعر والكلمة.. وجينات حمدي منصور وعبد الرحيم منصور كملت الطريق لحد النهاردة..
بلاش نشوه رموزنا سيبو حاجة للي جايين يتسندوا عليها ارجوكم.