أنا مي التي لا يعرفها أحد منكم.. مي التي تضحك دائماً عندما تقابلكم.. لم يحدث أن رآني أحدكم وأنا أصارع أيامي.. لم يحدث أن طلبت منكم مشاركتي في حروبي.. التي لطالما دخلتها دون عدة وعتاد.. لم أنتصر كما لم أُهزم.. لم أربح ما تمنيت بل خسرت بعض من روحي..
ها أنا اليوم ازداد عاماً.. عام عرفت فيه الكثير عن من يحيطون بي.. عرفت عن الدنيا.. ربحت العديد من البشر وخسرتهم في آن واحد.. لأرجع في نهاية المساء أواجه نفسي وحيدة.. أتألم وحدي وأربت عليّ وحدي.. أسقط وأتوكأ على همومي لأنهض عليها وبها.. أتعرفون آفة الإنسان بماذا؟!.. آفته في المعرفة.. المعرفة نكبة على أصحابها.. الإدراك نكبة.. والإحساس أيضاً والحدس.. البصيرة أحياناً تكون نكبة.. عندما ترى ما لا يراه غيرك وتحاول أن تصل إليه ما تشاهده بكل السبل وهو يحاول أن يقنعك بمرضك ويحاول أن يساعدك بزيارة أحدهم ممن يعالجون هذه مرض الوهم والخيال والتهيؤات..
لا أعلم أن كان طموحي في الأشخاص يتعدى قدراتهم أو أنهم خلقوا لعلاقات لا تشبهني.. توجست من البشر وملأت الوساوس نفسي.. أكتفيت منهم ولا أود معرفة المزيد.. أيامي الآن لا تسع أحد ممن شوهتهم الحياة وعبث بداخلهم بشر لا يشبهونهم ولا يشبهوني على الأطلاق.. لا يوجد متسع للمزيد..
فهل نظر أحدهم ممن آذوني خلفه.. هل سأل نفسه ماذا فعلت بي هذه المسكينة لأفعل بها هذا.. لا لم يحدث.. هل تذكر لحظة ود وصدق بيننا.. أم أن البشر تعتاد الرياء والكذب ويصبح عادي..
دائماً أتخيل نفسي أركض في طريق طويل لا آخر له.. أركض مسرعة وراء أفكاري التي لا مهرب منها.. وبعد مسافة عميقة لا بأس بها أقف لآخذ أنفاسي التي سلبها مني الليل.. فاكتشف شئ مذهل.. اكتشف أنني في خضم لهاثي وراء أفكاري كنت أهرب من عمري.. لأجدني كبرت ولم يتبق لي شيئاً..
أتمنى أن أعيش سنواتي القادمة في هدوء.. هدوء فحسب.. وعلى من يرغب في مرافقتي أن يتوخى الرحمة.. فداخلي يصرخ من كثرة الآنين.. لم يعد هناك جزء حي.. رحمة بجسد أنهكه الطريق.. رحمة بروح أتعبها الرحيل والفقد.. ورحمة بي.. لقد كان عاماً مليئاً بستر الله ومليئاً بفضله وكرمه ووجوده دائماً وأبداً جواري.. الحمد لله❤️????
مي منصور
#عيد_ميلاد_سعيد