قال الرسول يوحنا: "وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (1يو2: 25)
وقال رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا...
بقالي فترة من يوم وفاة الأستاذ مفيد فوزي وانا حابة اتكلم واحكي عن حاجات كتير قوي... يوم وفاته انا عملت بلوك لناس كتير جداً مش لأنهم شتموا او شمتوا في الموت أو استهزأوا لا خالص.. بس لأني استشعرت الجهل فيهم وربما مكنش جهلهم ده مكشوف بالنسبالي قبل كده.. انا مؤمنة تماماً أن المواقف بتبين حاجات كتير.. وموقف زي ده كشفلي سطحية البعض وجهلهم..
مفيد فوزي الصحفي العظيم والمحاور اللي مجاش ولا هييجي بعده والمثقف والواعي والمحترم جداً..
اول م اشتغلت في مؤسسة روزاليوسف مجلة صباح الخير كنت بخاف منه جداً.. كنت بشوفه جي من بعيد استخبى في اي مكتب واقعد اتفرج عليه وهو بيتحرك وبيتناقش مع كل شخص يقابله في أدق التفاصيل من عامل البوفيه لرئيس التحرير السكرتارية والمحررين الصغيرين والكبار..
ماعدا أنا.. لأني حرفياً كنت بستخبى.. وفي يوم من الأيام عملت حوار صحفي كبير قوي.. وأحد الزملاء انتقدته انتقاد في غير محله وفُسر هذا الانتقاد بالغيرة من جميع الزملاء ورئيس التحرير وانا تركت الاجتماع يومها بدون النطق بكلمة.. كنت زعلانة قوي... بس سبحان الله الموقف ده كان سبب في فرحة ليا لما بفتكرها ببقى عايزة اشكر هذه السيدة ولا أقول عليها صحافية حتى يومنا هذا.. المهم أن بعد الموقف ده جاتلي تليفونات كتير قوي حتى من بره مصر يشيدوا بالحوار وبمهارتي الصحفية وأنهم بيقرولي ومتابعين شغلي ومن ضمن التليفونات كان تليفون من الأستاذ مفيد فوزي.. اول ما سمعت منه قبل أن أقول آلو هو آلوووو أستاذة مي منصور انتي صحفية ونقطة ونقلب الصفحة ونغير الموضوع.. طبعا عرفته من صوته ومقدرتش ارد لأن دموعي كانت قد سبقت لساني انهمرت وكأنها حبيسة لقرون.. تخيل الأستاذ أنني ابكي حسرة وحزناً على ما حدث بينما كانت دموع الفرح لسماع صوت الأستاذ مفيد فوزي وهو يشيد بشغلي ويعطيني وسام الاستحقاق والشرف الصحافي..
وفيما سمعت من حكايات صديقي وأبي الصحافي الكبير لويس جريس أنه عندما كان يرأس تحرير مجلة صباح الخير كانت المنافسة على أشدها بين الأستاذ الصحافي الكبير رؤوف توفيق والأستاذ مفيد فوزي فكان دائما كل أسبوع موضوع الغلاف للاستاذ رؤوف توفيق ولكن كان دائما وقت النشر شئ آخر كان يجتهد مفيد فوزي ويأتي بسبق لابد وان يكون غلاف مجلة فبالتالي يتم استبدال الموضوعات وهكذا كل اسبوع...
كانت منافسة شريفة ومهنية وصادقة وعلى أساس مصلحة العمل ليس إلا...
اتذكر أيضاً عندما كنت اتصل على الأستاذ مفيد فوزي لأخبره بأن الاستاذ لويس جريس يحتاج التحدث إليه في أمر ما ولا ألبث أن أكمل جملتي حتى يقول لي بصوته المعتاد المعاد والمكان يا مي هانم بسرعة فأخبره لينهي المكالمة قائلاً سأكون قبل المعاد إلي اللقاء وبالفعل يكون في انتظار استاذه كما كان يدعوه... ظللت لفترة طويلة جداً أظن أن فرق السن بينهم عشرات السنون من كثرة أحترام وانحناء مفيد فوزي للويس جريس أثناء الاستماع إليه.. وعدم مخالفته في اي أمر.. وكيف أن كل كلمات لويس بالنسبة لمفيد كانت دروساً يتعلم منها مفيد.. وفوجئت أن فرق السن كان اربع سنوات فقط لصالح لويس..
ولكنك سوف تعلم على الفور أنه طبع من طباع الأستاذ مفيد فوزي هو احترام الجميع عندما تعلم أنه كان يناديني ب أستاذة مي أو مي هانم...
لا انسى مكالمته لي عندما رحل الأستاذ لويس جريس وانا منهارة شد من ازري وقال لي بصوت يشوبه الأمر مي سيرة لويس مسؤوليتك اكتبي عن لويس أبي الذي لا يعرفه أحد... وكانت أول مقالاتي عن لويس جريس بعد عودتي للعمل عقب الرحيل مقال بعنوان"أبي الذي لا يعرفه أحد" ...
رحمة الله على الأساتذة ولا رحمة ولا لطف ولا شفقة بالسفهاء السطحيين بالجهلة والحاكمين على الناس من الظاهر...