كان اليوم فى تلك الليلة شديد البرودة وهكذا هو الحال دائماً فى طوبة كانت السماء مُلبدة بالغيوم كُل شئ يُوحى بأن المطر قادم...قررت هى التخلى عن سيارتِها تلك الليلة والسير على الأقدام حتى أخذتها قدماها نحو الشاطئ فقررت التخلى عن حذائها أيضاً لتستشعر إنسياب البحر والرمال أسفل قدميها...وكأنها قررت فى تلك الليلة أن تضرب بجميع قواعد عائلتِها فاحشة الثراء عرض الحائط...وكأنها بتركها لسيارتها وخلع حذائها تَحرَرت من كل تلك القيود التى تُكبِلها...لم تدرِ فى هذه الليلة بأنها ستراه لم يختلف شكله عن ماكان عليه مازال على هيئته طويل القامة عريض المنكبين شعره البنى الطويل يُغطى عيناه العسليتان يكادُ يُخفيهم...أما هى فلاتدرى هل تغيرت عن ذى قبل أم لا؟!!...هل استطاع التعرف عليها أم لا؟!!....ماكادت تُكمل تفكير إلا وقد أقترب منها هامساً...مازِلتِ كما أنتِ ياقمر...هل تَعرفتِ عَلىَّ؟!!...كادت أن تقول له وكيف لا أَعرفُكَ يا نَجم وأنا لم أنساك....حتى قاطعها ذلك الحارس اللعين الذى عينه والدها لتتبع سيرها...فهى ليست حرة فى الذهاب لأى مكان وحدها....السيارة فى إنتظارك سيدتى والِدك بداخِلِها...لم تستطع أن تخبره بأنها أشتاقت إليه كثيراً...فلقد نزل أباها من السيارة وقام بسؤالها من هذا؟!!...نَظرت لوجهه مطولاً ولم تستطع أن تنطق بأنه حُبها الأول من الميتم الذى أمضت فيه مراهقتِها كاملة...فلايُناسب عائلة "ألفريدو" هذا، فكيف لفتاةٍ تحمل كِنيَتهم أن تُناسِبَ شاباً ليس لهُ أصل حتى وإن كانت مُتبناه هى أيضاً وليست إبنتهم الحقيقية حتى فبمجرد إنضمامِها لتلك العائلة فقدت حُريتِها....عندما سألها والدِها هذا السؤال...كانت تعرف جيداً بأن إجابتها ستُغير الكثير...فإما تختاره أو تختار عائلتها التى قامت بتبنيها حتى يكون لها أصل تعود إليه...فهى لم ترى أمها وأباها الحقيقين من قبل ولا تعرف لماذا تم التخلى عنها....ولا تتحمل تِكرار هذا الأمر مَرَةً أُخرى...فلم تجد نفسها إلا أن قالت "لقد كان يسألُنى عن الطريق وقد قُلتُ لَهُ أننى لا أعرف"... لقد أختارت أن تَترُكهُ حتى لا تُترَك....