دقت عقارب الساعة المثبتة بمسمار وحيد علي الحائط التركوازي الطلاء كلون طلاء أظافرك الذي أحبه و أعاده دائما،فلا أدري إن كنت جزء من ذلك الحائط أم إنه جزء مني!
أستيقظت بفتور يكسوه سكرة من بقايا حلم لذيذ كنت للتو غارقة به،تقاوم عيني إضاءة المصباح المعلق فوقي كعفريت يتدلي من السقف ،و يخرج لي لسانه ليملئني الغيظ من فكرة حتمية النهوض و مواجهة يوم جديد مجهول،لا يمكنني أن اتبين ملامحه و أنا بنصف عين مفتوحة و نصف عقل واع..
حملني جسدي محاولة الوقوف علي قدمين أصابهما الخدر،فجلست مستسلمة لنملات تدغدغ القدم الصغير،متأملة الخلخال الذهبي ذو الفراشة التركوازية المدلاة من كاحلي الأيسر، و في شرود معتاد ساخر سألت نفسي؛ إيمكن
لتلك الفراشة أن تحملني و تطير بعيدا لأرض أحبها؟! تذهب بس مثلا لبلاد أليس لأري هناك العجائب،أي عجائب تلك التي أريد أن أراها و أنا منقوعة حرفيا بخلاصة العجائب منذ أن قطعوا حبلي السري بين و بين أمي في يوم جمعة مباركة تصاعدت فيه الأدعية و الأبتهالات!
أزعم أن أحدهم دعي لي أن يحقق الله لي جميع أحلامي و لم يحدد أي أحلام تلك التي ستتحقق؛ من كل لون و نوع و نكهة..
أظن إنني سأصبح مليارديرة إذا أردت ذلك المصنع و جعلته واقعا لإنتاج أفخر الأحلام و اعجبها علي الإطلاق! سألني مبالغ لا حصر لها و أبني لي بنكا خاصا يحمل اسمي، و لن اسمح لأحد أن يقترب منه أو يحلم أن يستثمر فيه أحلامه..من له الحق أن يحلم بعد أن يصبح مصنعي محتكرا للاحلام في العالم كله!
انا فقط صاحبة الأحلام و الموزعة الوحيدة لها..
عل ترغب في حلم صغير يأخذك لطفولة بعيدة،لتطلع من شرفة منزلك و تري الرفاق يلعبون الكرة و يصيحون "متنزل تلعب معانا " و أنت تحاول إقناع أمك المنهمكة في إعداد الطعام لصاحب البيت أبو العيال قبل رجوعه من العمل ،و فجأة تنتفض مخضوضا من شهقة الملوخية المباغتة، لتفاجأك أمك بضربة علي ظهرك قائلة: "اسم الله عليك و علي حواليك يا حبيبي" متماسكا أنفاسك المتسللة إليها رائحة الشعرية المحمرة بملعقتين كبار من السمن البلدي إنتاج طوبة ،متوسلا بخجل "ماما ممكن تصبيرة" لتجديد أمامك طبق صيني عتيق تتراقص علي أطرافه جواليت مستندة بكتفها علي روميو في دلال؛تغوص في قلبه غرفتان من الرز بالشعرية في كبشة مرقة فراخ مبهرة بالمستكة و الحبهان مع كبدة الفرخة الوحيدة غنيمة لك وحدك، تأكلها سريعا لتلحق الشوط الأخير بالمباراة..آآه ياله من حلم طفولي بريء،، تري كم يكلفك حلم كهذا ؟! كم تدفع لترجع لطفولتك و لو ليوم واحد؟!
لدي أحلام كثيرة..هل تريد حلك من أحلام الخيال أم البراءة أم المجون أم الجنون؟! هل ترغب في لقاء حبك الأول؟ أن تطرق باب أحد أصدقاء والدك فتخطأ برقم الشقة، لتفتح لك أميرة من أميرات ديزني، بفستان منفوش كفستان فاتن حمامة أو سعاد حسني و بعيون مكحلة و شعر قصير كأنه ليلة صيفية تحيط القمر.. " آسف غلط في العنوان" مرتبكا و أنت لا تدري أين تضع عيناك ،أرضا فتظهر بصورة الفتي المهذب الوديع أم تجول بهما في سمائها الفاتنة و لا تبالي ؟! "مفيش مشكلة حصل خير" بنبرة تفوح منها رائحة زهور البرتقال اللذيذة تقولها لك ،تحملك لبستانها بغمضة عين لتجدها بين يديك تحيط خصرها الرقيق بذراعك و من فوقكما كيوبيد يعزف لحنا عذبا تحاول أن تتذكر أين سمعته من قبل ، و لكنك لا تبالي، فقط ما يشغلك الأن تلك العينان و ذاك العطر..
و في أحلامي لا يغلق الحلم إلا علي حدث سعيد ، أترك نهايته مفتوحة لك تماما و لا البث كثيرا في مجريات الأمور!
لا داعي لمسميات ،إنها مجرد أحلام، و بالحلم كل شيء لك مباح..حتي أنك تستطيع أن تركب علي جناح فراشتي التركوازية المدلاة من خلخالي الذي ارتديه بكاحلي الأيسر!