المتَّهَمُ البريء، هكذا يُنظَر إلى الذكاء الاصطناعي في أغلب المجالات، وخصوصًا في المجالات الإبداعية؛ إذ يُعَدُّ استخدامه في حقول العلوم والطب أمرًا مساعدًا لتوليد أفكار ونظريات تُسهم في اكتشاف علاجات جديدة، أما في ما يخص الإبداع، فالأمر مختلف تمامًا.
مع بداية القرن العشرين، بدأ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما والموسيقى والكتابات الإبداعية المختلفة، ومع تطوّر هذه التقنيات وتنوّعها، ازداد استخدامها في صناعة المسرح بكل مكوّناته؛ بدءًا من إنشاء نصوص جديدة أو معالجة نصوص قديمة، مرورًا بتأليف موسيقى العروض، وصولًا إلى رسم سينوغرافيا كاملة لها. وهنا يُطرَح السؤال: هل يُعَدّ اقتحام الذكاء الاصطناعي وجعله عنصرًا من عناصر العمل المسرحي أمرًا إيجابيًّا أم سلبيًّا؟
ربما يقدّم الذكاء الاصطناعي حلولًا جديدة، ويُسهم في عنصر التجديد والإبهار من خلال دمج الواقع الافتراضي بعناصر العمل المسرحي، وإيجاد بدائل للمشاهد السينمائية عبر تجسيدها بتقنيات خاصة على خشبة المسرح. كما يمكنه تطوير المؤثرات الصوتية والإضاءة، مما يجعل العمل أكثر احترافية وجذبًا للجمهور.
ولكن، ماذا عن حقوق الإبداع؟ وهل يقتل الذكاء الاصطناعي روح المبدع بالاعتماد عليه؟
قد يؤثّر الذكاء الاصطناعي في المبدعين، فيجعلهم أكثر اتكالية عليه، فيسلب العمل المسرحي روحه الإنسانية التي تُعَدّ عنصرًا رئيسًا فيه. كما تظهر إشكالية الحقوق الفكرية: فلمن يُنسَب العمل؟ غير أن المنطق يرجّح أن مستخدم الذكاء الاصطناعي هو من يمنحه مدخلات فكرته ليُعيد صياغتها في صورة أفكار قابلة للتعديل والإضافة.
وبين مؤيد ومعارض للذكاء الاصطناعي، تمرّ حركة الإبداع المسرحي بتحوّل كبير، ومن الممكن تحقيق الموازنة بين استخدام تقنياته والحفاظ على عنصر الإبداع البشري دون مبالغة. فبدمج العنصرين معًا، ستُنتَج أعمال مسرحية أكثر تفاعلية وجذبًا للجمهور، مع الحفاظ على جوهرها الإنساني الأصيل.