نَعِيشُ التَّعاسةَ بِرَفَاهِيَّةٍ، نَبْتَسِمُ وَشَيْءٌ فِينَا يَتَفَتَّتُ كَزُجَاجٍ رَقِيقٍ يَسْقُطُ فِي صَمْتِ الغُرُوبِ، يَتَلَظَّى بِنَارِ الغِيابِ.
الضَّحَكاتُ تَتَبَخَّرُ قَبْلَ أَنْ تُرَى، وَالتَّرَفُ لا يَسْكُنُ الصَّدْرَ المُثَقَّلَ بِالوَحْدَةِ، كَسَحَابٍ ثَقِيلٍ يَسْرِقُ النُّورَ مِنَ السَّمَاءِ.
نَمْلِكُ كُلَّ مَا يُرَى، وَنَفْقِدُ كُلَّ مَا يُحَسُّ…
لَم يَعُدْ في الدُّنيا ما يُغويني إلّا سَكينةٌ تُراقِبُني كظلٍّ هَشٍّ،
تعبتُ مِن مطاردةِ الأوهام، ومن ثقلِ الرجاءِ الذي ينهار عند أول صمتٍ كجسرٍ يَتَشَقَّقُ فوقَ نهرٍ مظلمٍ، لا يُغتفرُ له الانكسار.
أدركتُ أنّ الفرحَ لا يُستدعى، وأن الطمأنينةَ لا تُباع،
هي تُولَدُ في صمتٍ قاتل، في قلبٍ يعتصم بالخوف والغياب، وروحٍ تلتقط أنفاسها بين حطام الأيام، كشمعةٍ تتأرجح في مهبِّ عاصفةٍ لا تُعْرَفُ نهايتها.
فِي زَوَايَا الحَيَاةِ المُزَخْرَفَةِ، صدى صمتنا أَعْلَى مِنَ المُوسِيقَى، وكل ابتسامةٍ مُصطنعةٍ تَحْرِقُنَا بِلا رَحْمَةٍ، كلسعةِ شمسٍ تقتلعُ الألوانَ من الطيف، وكأنها تُذكرنا بوحشية الوقت.
نَسِيرُ بَيْنَ النَّاسِ كَأَحْرَارٍ ظَاهِرِيًّا، وقلوبنا أسرى في قفصٍ من رغباتٍ فارغة كصندوقٍ بلا مفتاحٍ، يَصْمُتُ أمام كلِّ صرخةٍ داخلية.
الغَصَّةُ تزحف بين الضلوع، تلمسنا بلا صوتٍ، وتخبرنا أننا وحيدون… وحيدون حتى ونحن نملك الدنيا كلها.
نُخفي وجعنا خلف ستر الرفاهية، ونكتب على الجدران كلماتٍ لا يفهمها إلا من يعرف لغة الصمت، كأنها رسائلٍ إلى أرواحٍ ضائعةٍ في ظلال الليل.
فالسؤال، مفتاح الخلاص:
هل نَجدُ الطمأنينةَ في ما نملك، أم في القدرةِ على الرضا بما لم نملك، حين يغيب كل ضجيجٍ ويكشف القلب عن خفاياه المظلمة؟