حين أدخل مقهًى في الصباح، أشعر أنَّ الجميعَ مشغولون بالنجاة من أمرٍ ما. لا يلوِّحون بالضوء، لكنهم يمشون نحوه بخُطًى ثابتة.
وأنا مثلهم، أَنشغَلُ بالنجاة من كلِّ شيء، حتى من الكلماتِ الجميلة.
أعلم أنَّ النجاة شأنٌ داخليٌّ يخصُّني وحدي،
ومهما تكن الفرصُ عظيمةً، لا يعنيني منها إلّا الطمأنينة.
المشغولون بالنجاة لا يعنيهم أن يُفهَموا،. يُصلحون ما تهشَّم في أرواحهم بلا ضجيج، يُرمِّمون معنى الحياة بيدٍ مرتجفة،
ثم يواصلون السير، تاركين خلفهم أثرًا من السكينة.
أنا أشبه السيدة التي ظلّت تُفتِّش، في صباحٍ بعيد، في أحد مقاهي شارع محمد محمود، داخل كتابٍ ضخمٍ عن شيءٍ ما،
كما لو كانت تبحث عن كلمةٍ تُضيء لها العالم.
وحين يأست، أخرجت كريمًا مُرطِّبًا لليدين، وضعت منه قَطْرة، وظلّت تستمتع بملمسٍ ناعمٍ لا يعني أحدًا سواها.
أشبه المرأة التي لمحتُها تُقبِّل يدَ ابنتها أمام المدرسة يومًا، منذ عشرين عامًا، فظللتُ أفعل ذلك يوميًّا، وأنا أُصْحِب ابنتي إلى عالمها المؤقّت في فصولٍ هشّة.
أنا لا أشبه سوى المشغولين بالنجاة، وهذا يكفيني.