حين ارتقيتَ إلىٰ سماوات الضوء، ظلت رياحُ قلبي ساكنةً، وسماءُ رُوحي خاويةً من عصافيرَ تترنّم بك. تعبَتْ قصائدي بصمتٍ طويلٍ ذبحَ نبضي بمواويلِ القهر ببصماته الغليظة ... علىٰ شفاهِ العُمر لم يطاوعني القلم، انهمرَ بحبره كغُيومِ فؤادٍ مكلومٍ عليك، وحدَها الأيامُ لا تكفيني لألملِمَ شتاتَ أحلامِنا التي بقيَتْ علىٰ قيد الرّجاء، بعد عامٍ من الأحزان المتتالية. صارعتُ الزمانَ متأبطةً عطرَ ذكراك، مفتتنة بغلاّتِ الصبر التي جعلتني أصغي للِّحنِ الذي صوتُك نغمه، للبدر الذي كنتَ قمرَه، للعطر الذي كانت أنفاسُك مصدرَه ..
بدأ قلمي ببطء يطاوعني ، أركُضُ كطفلةٍ هاربةٍ إليكَ من مواجعي، أنتزع الأملَ من عيون اليأس. كم تغريني نشوةُ الحُلمِ لأطمعَ بابتكار حياةٍ جديدةٍ معك علَّني أعثرُ علىٰ لذةِ ظَفَري بأطيافك وأنتَ ترنو إليَّ من واحاتِ الحبِّ تحَلِّق كطيور النور من حولي في فجرِ اليقين .. فأرقصُ كسَنوسَنةٍ في ربيع العمر، أقتفي نورَ حكمتِكَ تقرأ عليَّ تراتيلَ السكينة ، أنثرُ عبيرَ حنيني وأنهمِرُ بأنهارِ اشتياقي إليكَ بين أنينِ دعاءٍ يؤنسُ وَحدتي . فأنا أبتاه لا أطيقُ غيابَك عني، فكيف مضَيتَ وأنتَ مَن جاءني في زمنِ القحطِ يُواسي رُوحي في هجيرِ الكونِ المشتعلِ يخاف ضياعًا في قفرِ الوديان .. يا من حضَنتَ بأجنحتك وجهَ أحزاني.. فهل تغيبُ عني يا مَن استوطنَ القلب؟؟ ستبتسم لعيوني في مواعيدِ الشمس تَوقًا للقائنا بين غيماتِ الملكوت لتنموَ عملاقًا في خلودك الرَّحب ..
يا نبيَّ القصيد، وحاملَ شعلةِ الحق، وصهيلُ خيلِكَ لا يهدأ في ساحات الغضب انتصارًا لحرية العبيد، سأهدي للنهارات نسغَ الحياة فتنقشعُ غياهِبُ الانتظارِ في محطاتِ غيابكَ لحينِ موعدِ وصولِ أمطارِكَ تسقى سنواتِ جَدبي، ويدُكَ تصافحُ مُحَيَّايَ فأزهِرُ من ندىٰ عينيك ياسَمينةً تفوحُ بالضياء .............