كانت الأمة طفلة على القمة،
ترقص على حافة العالم كما لو كانت تملك الأرض كلها،
تقلد العابرين ببراءة، تصنع من خطواتهم خطواتها،
وتضحك حين يتعثرون، معتقدة أن الخطأ حليفها الوحيد.
ثم خطرت لها فكرة:
«ماذا لو لم أعد أتابع أحدا؟»
الفكرة بريئة، لكنها فتحت أبواب الهبوط.
تدحرجت ببطء، بمرح قاتل، بلا هدى، حتى وجدت نفسها في قاع هوة لا ضوء فيها،
ولا أحد يمد يد المساعدة سوى صدى خطواتها.
خرج الباحثون عن الحقيقة،
يحملون دفاترهم المليئة بالشروحات الذكية،
ويتبادلون آراء لا تفيد إلا في رفع أجورهم الفكرية،
يفتشون عن دليل وسط الرماد كما لو كان البحث عن الحقيقة متعة استهلاكية.
وجدوا الأمة هناك،
وجهها شاحب كالقمر تحت ضباب لا ينكسر،
وعيناها تراقبانهم بصمت ساخر،
كأنها تقول: «ها أنتم… تتأملونني وكأنكم لم تكونوا سبب السقوط».
قال أحدهم:
«يبدو أنها مصابة باليرقان الوطني.»
ضحك الآخرون بذكاء متأخر،
وتبادلوا نظرات تدل على أنهم لم يفهموا شيئا بعد.
اقترب الشاب الأصغر،
يحمل أحلاما نصف مهملة في جيبه، وسألها بصوت خافت:
«هل تريدين أن نساعدك؟»
رفعت الأمة رمشا واحدا،
ابتسامة قصيرة، ساخرة، كلكمة خفيفة في وجه كل العلماء،
وقالت بلا صوت، لكنه أكثر وضوحا من أي خطاب:
«ابدأوا بأن تساعدوا أنفسكم… فمن دفعني هنا أنتم.»
ارتجف الشاب، تراجع، ونظر إلى الهوة، ثم إليها…
وفجأة، تحرك خيط ضوء رقيق وسط القاع،
يحاول التسلل رغم الظلال.
هل هو بداية نهوض؟ أم مجرد انعكاس لعبث الباحثين؟
لا أحد يعرف.
القاع لم يعد مظلما تماما،
والهوة لم تعد خانقة كما كانت…
ربما كل ما يحتاجه الأمر هو خطوة واحدة—منها، منهم، أو من روح لم تدخل المشهد بعد.
والأمة تبتسم مرة أخرى،
كما لو كانت تعرف سر النهاية التي لم تكتب بعد.






































