على مشارف المدن،
تدفق الموج،
لكنه لم يكن ماء،
بل أجسادا تتنفس الانتظار، وتكتب على وجوهها صبر العصور:
وجوه خرجت من ظلال الخوف،
وعيون تشبه الفجر حين يجرؤ على الصعود من تحت الركام، محملة بأحلام مؤجلة.
قال طفل وهو يمسك بثوب أمه:
> "أمي، أهذا العيد؟
أم رجع القمر من منفاه البعيد؟"
ابتسمت دون جواب،
كانت الدموع تجري كأنها تتطهر بالدهشة.
ارتفعت الهتافات من قلب الأرض:
> "الأسرى تحرروا!"
"النصر عاد يمشي على قدميه!"
شيخ نحيل رفع يديه نحو السماء،
كأنه ينادي من رحلوا ليشهدوا القيامة الثانية.
صوته يرتجف بين البكاء والتكبير:
> "ها أنتم تعودون... كأن الحجارة أنجبت حريتها من جديد!"
تبادل النساء نظرات حائرة،
أحقا عادوا؟
أم أن الأمل اخترع لهم وجوهًا جديدة؟
في الزاوية،
شاعر ألقى دفتره في الهواء،
فانسكب الحبر على الغيوم،
وتحولت القصائد إلى أسراب حمام أبيض
تحوم فوق الحشود كأنها ترتل سورة الإخلاص للحرية.
الأرض ترتجف،
السماء تفتح نوافذها،
والقمر الذي نفي طويلا
يعود بوجه ملوث بالفرح والدمع.
> "هل انتصرنا حقا؟"
سأل شاب كانت يده لا تزال ملفوفة بشاش المعركة،
وعيناه تبحثان عن أثر من الماضي في الحاضر.
ردت عجوز كانت تلوح بمفتاح بيت قديم:
> "النصر ليس في راية ترفع،
بل في قلب لم يتخل عن الحلم،
وفي ابتسامة تزرع بعد ليل طويل."
ازدحمت الطرقات بالضحك والبكاء،
وامتزجت الأصوات كأنها ترتل سفر الخلاص.
الهواء مثقل بالعناق،
والسماء تقطر ضوءا جديدا،
كأنها تعيد رسم وجه الوطن،
وترسمه أيضا في أعين كل من انتظر.





































