استقال من منصبه الأخير، وغادر المكتب بابتسامة شاحبة، لم تكن وداعا للآخرين، بل وداعا لما تبقى منه.
كل الاستعدادات كانت جاهزة، التذكرة تستريح على الطاولة تحت ضوء أصفر باهت، رحلة بلا وجهة… خطوة كان يظنها هروبا، لكنها كانت امتحانا صامتا للروح.
اختراق الهاتف للصمت كان كالصاعقة.
نغمة قديمة، مألوفة، كسمة ضحكة ضاعت في زمن بعيد.
أجاب… جملة واحدة قلب كل شيء، أيقظ الحب القديم، المعلق على صورة مقلوبة بجانب سرير النوم، تفاصيله معلقة بين الماضي والحاضر، بين ما أضاعه وما سيواجهه الآن.
سقطت التذكرة من يده، ولم يحاول التقاطها.
نظراته توقفت ، وجهان يحدقان بصمت، يحركان كل شيء دفعة واحدة—الحب القديم، الفقد، القرارات المؤجلة.
صوت داخلي صاعق:
"لن تغادر… كل ما كان ضائعا صار حاضرا.
الرحيل انتهى، والمصير بدأ."
وقف ساكنا، والضوء يرقص على الغبار، والحب المعلق على الصورة صار علامة على أن لا شيء سيكون كما كان.






































