إهداء
إلى الذين يمسحون دمعة قبل أن يراها أحد،
و يطفئون نار الجوع برغيف خجول،
إلى من يرممون قلوبا متعبة
بكلمة تقال كأنها صدقة ضوء،
إلى الذين يتركون على الممرات
أثر دفء لا يرى ، لكنه يحسّ،
إلى امرأة خبأت جوعها لتشبع غيرها،
ورجل خلع معطفه ليصير شتاء لفقير،
و طبيب نسي نعاسه على أعتاب الألم،
إلى الذين لا تذكر أسماؤهم،
لكن الخير ينطق بملامحهم،
ولا تعلق صورهم،
لكن الحياة تبتسم من خلالهم...
هذه القصيدة زهر شكر متأخر
لـ نجوم تمشي على الأرض،
تضيء ولا ترى،
وتحب ولا تنسب.
نجوم الأرض
ثمة وجوه تمشي
بيننا كالاطياف
تحمل أثقالنا بصمت،
دون أن تئن،
وتترك وراءها نورا
أعمق من الكلام.
هم الذين يقضون الحوائج في الخفاء،
يمدون يدا في لحظة الانكسار،
و يزرعون حياة
لا يطلبون ثمرتها.
نجوم تضيء الأرض،
لا السماء،
تتلألأ بابتسامة عابرة،
برغيف يصل جائعا،
وبثوب يُدفّئ عريانًا.
(وقفات قصيرة بعد كل مشهد تصويري)
امرأة تقسم نصف رغيفها
لطفل لا تعرفه،
رجل يخلع معطفه في عاصفة
ويتركه على كتف غريب،
وطبيب يسهر على من
لا يملك حتى شكره.
نلمس عطاياهم في كل تفصيلة:
في جرعة الماء،
في دفء الخبز،
في ظلّ الثوب…
ثم نمضي
كأننا لم نر شيئًا.
كم مرّوا أمامنا
دون أن نشكر؟
كم عبروا
دون أن نلمس حضورهم؟
غرباء في أعيننا،
لكنهم أقرب إلينا
من كل قريب.
إنهم الذين يهبون بلا ضجيج،
ويرحلون بلا انتظار…
هم نجوم الأرض
لا يطلبون سماء تُخلَّد فيها أسماؤهم،
بل يكتفون بوهج
يذوب في صمتنا.
وحين ننساهم،
لا يخبو نورهم،
بل يبقى معلقًا في أرواحنا
ليرشدنا حين يظلم الطريق
إلى مهجع الخير الذي لم يمت بعد
ولن يموت أبدا.





































