امرأة في سن مبكر، والوجع يعتصر وجهها قبل أن تمنحه الحياة حقه. تنتظر في طابور يلتوي بلا نهاية، كأن شريط حياة يعيد نفسه بلا رحمة، يمتحن صبرها ويقيس عمق خوفها.
الممرضة، بزيها الأبيض الصارم، قسمت الطابور إلى صفوف، كأنها تصنع طقسا من الانتظار. الانتظار الذي يخفف الألم قليلا لكنه لا يمحو الخوف.
على أريكة خشبية باردة، جلس الجميع، متجمدين بين لحظات الحذر والتسليم، يراقبون خطوات بعضهم البعض، ويشاهدون الزمن يتساقط كدموع على حافة القدر.
خطوة بعد خطوة، اقتربت المرأة من الباب. كل خطوة كانت صدى داخليا، تمشي على حافة نفسها، على حافة الحياة والموت، وعلى حلم لم يولد بعد. الطابور حولها صار أفعى صامتة تلتف بالزمن، تجثم على صبرها وروحها.
تسارعت أنفاسها، وارتجف جسدها من الداخل والخارج، كأن كل خلية في جسدها تعرف أن النهاية اقتربت. رائحة المعقم والدواء اختلطت برائحة الخوف
مخلفا صمتا مثقلا بهمسات التحذير.
وعند الباب، أطلق جسدها آخر زفراته، رسالة أخيرة للعالم، وسقطت ضحية المرض الزؤام. الغرفة امتلأت بصمت رهيب، صمت يروي كل الانتظار، كل الألم، كل الفرص الضائعة، كل الأحلام التي لم تحضر.
الطابور لم يتوقف. الزمن استمر، وكأن الحياة نفسها تتحدى المصير. المرض ظل يبتسم في الظل، وحشيا، صامتا، يذكر بأن الحياة أقصر من الانتظار، وأن الوجع أعمق من كل الكلمات. كل وجه في الصف يختزن خوفا صامتا، وكل خطوة تقترب من الباب تحمل معها صدى النهاية، دون رحمة، دون وعد،
وكأن العالم نفسه يتآمر على الصبر والحياة.





































