آخر الموثقات

  • استسلام من إستسلموا
  • طريق النهاية
  • دور لا يناسبهم
  • إفلاس حقيقي
  • الجعجعة تخسر ..
  • أحمقَ حين بادلني التجلّي والمكان
  • أمام مدينتي
  • أحبك من بعيد
  • شعورٌ ما ...
  • فجوة
  • وحدي أمامكِ
  • صرخة من خلف القضبان
  • مستقبل
  • العودة الصغرى
  • مسرحيةُ (النيلُ والقربان فداءً لأمريكا)
  •  بعثرة عشق
  • حبيب شاعر
  • وهذا الليل ..
  • حلم نور - الفصل الثاني
  • غيوم الشر - الفصل الأول
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة كيندا فائز
  5. مقايضة لا مرئية - قصة قصيرة 

في ذلك المساء، كنتُ على الشاطئ، ككل يومٍ منذ اعتزالي للعالم، وما فيه من زيفٍ وبشاعة.

نأيت بنفسي عنه واتخذتُ البحر رفيقًا وحيدًا، أشاركه رحلة بحثي عن الحقيقة عبر رسائل دوريّة أفرغ بها ما بداخلي، أودعها أمواج البحر، منتظرًا إجابة على سؤالي:

"ترى، من منّا المخطئ ومن المصيب؟"

لكن اليوم راودتني فكرة أن أكون أنا البريد الذي تذهب به الأمواج إلى المجهول.

كان الوقت آخر شهقةٍ للشمس، وأول زفرات الظلمة... والبحر فاتحٌ ذراعيه بكل ترحيب.

 

أشرق الصباح...

أيقظني شيء يتحرّك على كتفي.

نفضتُه... ففزعت.

شيءٌ ملتصق بجسدي.

أدرتُ رأسي بحذر، فرأيتُه...

وشمٌ ـ لم يكن موجودًا من قبل ـ على شكل نجمة بحر، كان بارزًا، يتحرّك ببطء على جلدي.

كان يشعّ بتوهّجٍ يشبه الغروب.

 

انتفضت، أحاول التخلّص منه، اصطدمتُ بالجدار، وضربت رأسي...

لكن الألم الحقيقي لم يكن في جمجمتي، بل... في داخلي.

شيءٌ لم أعرف ماهيّته.

 

لعدّة مرات، حدّقت فيه في المرآة، أبحث عن تفسير... لكن عبثًا.

حتى قفزت إلى رأسي لحظةٌ عشتُها أمس على الشاطئ...

نجمة بحر كانت بجانبي، لونها يتدرّج بين نحاسٍ محترق وأرجوانٍ بارد.

كان في داخلها شيءٌ ينبض.

مددت إصبعي، وعندما لمستُها... كأنني لامستُ عصب العالم.

 

صعقة، بل أشد... كأنما طُعِنتُ بنورٍ لا يُرى.

ارتجّ جسدي، واهتزّت كل ذرّة في كياني.

ثم...

هدوءٌ مفاجئ. صمتٌ كثيف.

 

تذكّرت أني عدتُ إلى المنزل منهكًا، بأصابعي المرتعشة.

أقنعت نفسي حينها بأنها مجرد هلوسة، إرهاق لا أكثر... ونمت.

 

لم تكن وهمًا، كانت السبب.

ولكن... ما وراءها؟

هذا ما عجزت عن فهمه.

 

رغم غرابة الحدث ورعبه، لم يكن أمامي سوى تجاهله.

فاللامبالاة باتت طبعي منذ زمن.

 

أكملت يومي كعادتي، حتى حان موعد تسليم رسالتي للموج وتأمّل تواري الشمس الخجول خلف الأفق.

 

ومع أول حرفٍ خططته، توهّج الوشم، وانبعث منه ضوءٌ أنار غرفتي شبه المظلمة.

عبر انعكاسه في المرآة، رأيته يتّسع رقعةً، يتّخذ شكل قلبٍ ينبض!

لم تسعفني لامبالاتي، فصرخت:

"تبًّا! ماذا يحدث؟!"

 

وما إن لمستُه، حتى سرى فيّ ذات شعور الشاطئ...

لكنني هذه المرّة فقدت الوعي.

 

 

---

 

استيقظتُ على أرضٍ لزجة، قدماي غير مستقرّتَين.

الضوء خافت، وضبابٌ كثيف يلفّ المكان.

ومن قلب المشهد... ظهرت امرأة، كظلٍّ يتقاطع مع الضوء، كائنٍ لم أستطع تحديد نوعه.

 

اقتربت، وقالت بصوتٍ متكسّر:

"خلاصك بين يديّ."

 

نظرتُ إليها مرتجفًا وبصمت، أحاول الاستيعاب.

 

تابعت:

"هذا ليس خيالًا."

 

دوّت كلماتها في رأسي كالصدى، وفي تلك اللحظة، رأيتُ الوشم يتحوّل...

أخذ يمتد أكثر، أصبح عينًا تتّسع بشكلٍ مفرط، كأن داخلها على وشك الانفجار.

 

قالت:

"لا تستغرب... الوشم مرآة شعورك.. وأنت الآن... خائف."

 

ضحكت ضحكةً قصيرةً باردة، وأكملت:

"وأنا... سأأخذ خوفك... وإلى الأبد."

 

جاهدتُ كي أبدو قويًا، وتعثّرت الحروف على لساني قبل أن أنطق:

"ولماذا؟"

 

أجابت وهي تستدير ببطء:

"نتّفق... وستعرف."

 

 

---

 

فتحتُ عينيّ، فإذا بي فوق سريري، وبضع أشعة شمسٍ تحاول التسلل من بين الستائر الداكنة لنافذتي.

حُلم؟!

لكن المرآة المقابلة أكدت أنه لم يكن كذلك.

ها هو الوشم... مستقرٌّ على كتفي.

 

كل ما يحدث مريب! لكنني قررت أن أتناساه...

وليكن ما يكون.

 

جاء يومٌ جديد.

لكنه مختلف عن المعتاد...

قلمي لم تحرّكه رغبتي في الكتابة، ولم أُبالِ بقصد الشاطئ.

كأن نارًا بداخلي قد خَبَت.

 

ومع لمعان الوشم، استُحضر موقف الأمس ببالي... وكلمات المرأة الضبابية:

"الوشم مرآة شعورك."

 

أدرتُ بصري نحو كتفي، فإذا بالوشم بهيئة زوبعةٍ تدور بعشوائية، ويزحف نحو صدري.

 

لم أُطِل التفكير بين حقيقة ما يجري أو بطلانه... ولمستُه.

 

 

---

 

فإذا بي في صحراء يلفّها غبارٌ بالكاد يتحرّك، أرضها زجاجية ممتلئة بمشاهد تتبدّل بسرعة.

كلّما خطوت، تجمّد مشهدٌ تحت قدمي، وتتصاعد همساتٌ مبهمة من كل اتجاه.

 

ثم، ظهرت امرأة الضباب مجددًا:

"حان الموعد... لنعقد الاتفاق."

 

ودون خوفي السابق، سألتها:

"الموعد؟!!.. وأيّ اتفاق؟"

 

قالت:

"أمنحك الراحة... وأستكمل طريقي."

 

سألتُ بصرامة:

"كيف؟"

 

أجابت:

"بكل شعورٍ تتخلّى عنه، أقترب أنا من بلوغ وجهتي."

 

كان الوشم يتوهّج، ويتغيّر دون توقف... ويزداد امتدادًا.

 

سألتها:

"لِمَ أقبل؟ وما المقابل؟"

 

قالت:

"لكل شعور تُضحّي به... ستحيا يومًا من ماضيك تتمنى عودته."

 

كان العرض مغريًا جدًّا...

اشتقتُ لصوت الموسيقى، أن يبلّلني المطر، حتى توبيخ أبي... للحظاتٍ بعينها ضاعت في زحمة تكرارها وفقدت معناها.

إذًا! ما جدوى المشاعر إن كانت تؤلمني؟... فلتذهب.

قلت بلا تردّد:

"اتفقنا."

ضحكت ضحكةً هستيرية... وهي تقول:

"بدأنا قبل قبولك."

فتكسّر الزجاج... وابتلعني.

 

 

---

 

فتحتُ عينيّ ببطء.

كنت في غرفة المعيشة.

رائحة العشاء وصوت دندنة أمي وهي تحضّره، أبي يقرأ الجريدة، وضحكات إخوتي...

بساطةٌ افتقدتها.

كنت بينهم، ولم يلحظني أحد.

لا بأس... فبعض اللحظات تكفي.

 

في غرفتي الرمادية، كان هناك فراغٌ في صدري، لا يُشبه السلام... بل اللاشيء.

تعايشتُ مع انسلال المشاعر مني، واحدًا تلو الآخر:

الحب، الخوف، القلق...

فكرةٌ مطمئنة، حتى اللحظة.

 

تتالت الأيام... بجسدٍ يشبه آلة، يتقن الحركة... مجرّد من الإنسانيّة.

لم أستطع تمييز إن كان هذا ما أريده أم...!

أفكّر دومًا، كيف انتهى بي الأمر إلى هنا؟

كيف كان كشف الأقنعة عن وجوه من ظننتهم سندًا هو السبب؟

كانوا مخادعين، أنانيين، لا يرَون إلا أنفسهم، يطؤون على قلبي كي يرفعوا أقدامهم خطوةً أبعد.

لا رحمة في هذا العالم، كلٌّ يترصّد لحظة ضعفك، لينقضّ عليك كذئبٍ جائع، لا شفقة فيه ولا رأفة.

 

لقد أصبح عالم الوشم شاغلي الوحيد.

وفي كل مرة أزوره، أعود من ذكرى مُعاشة بفراغٍ أكبر... وحملٍ أخف...

ربما هذا أفضل.

 

 

---

 

اليوم، كنتُ في مكتبة لا متناهية، رفوفها تموج، وصوتٌ يناديني من عمقٍ ما.

تتبعته... كان يصدر عن كتابٍ فوق منضدة حجرية.

 

حين فتحته، انبعث من وشمي دخان، تجسّد بامرأة الظل، قائلة:

"اقتربت النهاية."

قلت:

"وليكن."

 

تساقطت الكتب بصوت رعد... وها أنا في مدينة الظلال.

أبنية من مشاعر منسيّة، جدران من وجوه شاحبة، وشومٌ تحلّق، تمشي، تزحف...

 

ومض الوشم ـ جسدي كله عدا قدميّ ـ مخاطبًا المرأة:

"بقي شعورٌ واحد، ويفتح الباب."

 

أجابت وهي تنظر إليّ:

"من أشعل النار، لن يخشى الاحتراق."

 

ما هو هذا الشعور الأخير؟

أحسبني فقدتُ كل شيء...

استعنت بنظري للوشم كي أرى الشعور فيه، لكني لم أجده... لقد اختفى.

حينها خطر ببالي:

ماذا لو أنني لم أقبل العرض من البداية؟

ماذا لو تراجعت الآن؟

 

وكأنها سمعت أفكاري، فقالت:

"لا مجال للتراجع...

إما أن تُتم الصفقة، أو تُمحى ذاكرتك، وتعود كما كنت... بآلامك، ووحدتك."

 

في هذه اللحظة الفارقة، تذكّرت شيئًا...

لم أفقده، بل نسيته.

 

لم أكن بحاجة إلى اتفاق.

كنت بحاجة إلى يقين... إلى إيمانٍ ينتشلني.

 

عندها، تجلّت المرأة... من رمزيتها...

لقد تكشّفت أمامي الحقيقة.

 

أنها الحياة...

هي لا تسلبنا مشاعرنا،

نحن من نختار فيمَ نصرفها.

 

شعرتُ بمياه البحر تلاعب قدميّ... مشهد مدينة الظلال بدأ بالتلاشي.

نظرتُ إلى السماء وأنا أقول:

"الإيمان... نعم... به فقط نستطيع تجاوز كل المراحل.

نجاتُنا... بين أيدينا."

 

فتحتُ عينيّ... أنا في غرفتي.

نسيمُ الصباح ينساب من خلف الستائر، لكنه ليس ككل صباح.

 

نهضت. اقتربت من النافذة التي طالما كانت مغلقة.

سحبت الستار بخفّة، فاندلق الضوء على وجهي كشلالٍ من حياة.

تنفّستُ بعمق، كأن صدري تذكّر الهواء.

وقوفي على الشاطئ منذ اليوم لن يكون للشهادة على دفن النور، بل على ولادته من جديد.

---

تمّت

إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑2الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓-3الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↑4الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة حسن غريب
9↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
10↓-2الكاتبمدونة آيه الغمري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑25الكاتبمدونة نورا شوقي200
2↑19الكاتبمدونة رشيد سبابو212
3↑17الكاتبمدونة محمد جاد78
4↑14الكاتبمدونة غازي جابر67
5↑9الكاتبمدونة خالد دومه30
6↑9الكاتبمدونة شيماء عصام124
7↑8الكاتبمدونة احمد كريدي98
8↑8الكاتبمدونة نجلاء محجوب142
9↑7الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)158
10↑6الكاتبمدونة مها الخواجه29
11↑6الكاتبمدونة سعاد سيد187
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1069
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب690
4الكاتبمدونة ياسر سلمي652
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم568
7الكاتبمدونة آيه الغمري496
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني423
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة402

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب330675
2الكاتبمدونة نهلة حمودة186862
3الكاتبمدونة ياسر سلمي178506
4الكاتبمدونة زينب حمدي168930
5الكاتبمدونة اشرف الكرم127959
6الكاتبمدونة مني امين116112
7الكاتبمدونة سمير حماد 106366
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97318
9الكاتبمدونة مني العقدة93884
10الكاتبمدونة مها العطار87397

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
2الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
3الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12
4الكاتبمدونة محمد عسكر2025-06-04
5الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
6الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
7الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
8الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
9الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
10الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10

المتواجدون حالياً

844 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع