لا تجري الرياح كما تشتهي سفننا.. بل هي في الأغلب تأتي معاكسة لها.
انطوت على نفسها بعد تجربة حب فاشلة.. مستسلمة لضعفها ويأسها، تاركة الألم والحزن ينهش بجسدها، ويفتك بروحها.. فما عادت تعني لها الحياة شيئاً.. استمرت على هذا الحال قرابة العامين.. وبلحظة استجمعت قوها مقررة الإنتقام من الحياة بالمضي فيها بعزيمة، طامحة بتحقيق طموحاتها واستكمال دراستها التي أوقفتها، وإغلاق جميع الأبواب بوجه الحب الذي كان سبب تعاستها.
عادت للجامعة .. وتعرفت على أصدقاء جدد
كانت هي تدرس اللغة العربية بينما عمر " الشاب الوسيم المرح" يدرس الموسيقى، تم التعارف بينهما عن طريق أصدقاء مشتركين، كانا يلتقيان في كل إستراحة تقريباً.. وبعد عدة أشهر أصبحا صديقين مقربين جداً كان يحب حديثها نظرتها المتفائلة بالحياة، حثها له للنجاح وتشجيعها المستمر.
بدأ قلبها يخفق بحبه ولكنها أبت الرضوخ لنداء قلبها.. فهي قررت ألا تتورط بقصة حب جديدة قد تخرج منها بالفشل كسابقتها ، فكانت كتابة بعض الخواطر متنفس لها كي تخفف من فيض مشاعرها التي ما عاد القلب يقوى على إسيعابها.. وكان عمر من أكثر المعجبين بكتاباتها والمشجعين لها.. فترى بذلك عزاء أو.. أمر كافٍ ليسعدها
عمر أيضاً كان يؤلف بعض النوت الموسيقية وكانت هي أول من يستشيرها الرأي، فتفرح بذلك.. تتسأل إن كان قد أحبها وأخفى عنها ذلك كما فعلت هي، ولا تجد الجواب.. والحقيقة أنها كانت تخشى أن يحبها ويعترف بذلك!.. فتخسره، سترفضه مع أنها أحبته..فهي لن تخوض هذه التجربة ثانية وفق ما عزمت عليه أمرها
مرت أيام .. وشهور وهما لم يعترفا بالحب لبعضهما، رغم أن كل تصرفاتهما كانت تظهر ذلك، سؤاله ولهفته عليها إن تغيبت.. حتى أنه كان يظهر لها انزعاجه من بعض الزملاء الذين يتحدثون معها.. مكالماته الهاتفية ليحكي لها أمور قد حدثت معه.. كل ذلك كان يوحي بأنه أحبها لكنه لم يعترف.
اقتربت نهاية السنة الدراسية وبدأ الحزن يتملكها، كيف لها أن تقوى على فراقه وقد تعلقت به حد الشغف أنساها حبه كل خيباتها وما مر من بؤس بحياتها.. وجاءت اللحظة التي قررت أن تفتح له الباب إن جاءها طارقاً له، فما عاد بمقدورها تحمل عذاب حبها المكتوم بعد اليوم..
لكنه لم يبادر بالإعتراف لها بعد.
جاء يوم التخرج، والألم يعتصر قلبها " كيف لي أن أصبر على غيابك"..
بدأت حفلة التخرج ببعض الخطب والكلمات و... ها هو عمر يعتلي المنصة.. ماذا يحدث؟
مقطوعة موسيقية قد أعدها لهذا اليوم، متفاجئة تنظر له فهو لم يخبرها عنها.. لربما أراد أن يفاجئها بها وتكون بداية القصة التي أصبحت على أتم الإستعداد لبدأها..
وحدثت المفأجاة بالفعل!!
_معزوفتي بعنوان " سيلين"، تلك التي وضعتني على سلم الألحان ومضت، لكنها مازالت بقلبي وملهمتي.. أهدي هذه المقطوعة وكل نجاح سأنله يوماً. و...
بدأ العزف على الكمان..
وبقلبها تراقصت ألسنة النيران
ويح قلب !!.. أبت أن تفارقه الأحزان
و ويلٌ لروح.. ما انفكت تعتصرها رحى الزمان
ما بال الألم.. قد عقد صفقة اتجار بجسدها..
وتحالف معه كل آذى الأكوان
أما آن الآوان كي يتركها وحالها؟!
أما آن آوان الحب أن يريحها لمرة من ترحالها
لكن!!..
بعض القلوب لا يليق بها غير الألم
والأسود .. دون بقية الألوان..
كُتب على باب قلبها..
" حب موؤود قبل الولادة"..
وكان لبقية حياتها رمز.. وعنوان
سيلين!!.. كانت حبه الذي لم يحدثها عنه يوماً ولكنه لم يبارح قلبه للحظة.. عاشت هي أوهام حب على أنقاض حب خفي عنها..
اهتمامه ؟.. غيرته ؟.. لهفته ؟ ما كان كل ذلك؟
كان مجرد وهم اختلقته لتواسي نفسها.. وتسد شروخ قلبها الهش.. ، وجرت الرياح ايضاً بما لا تشتهي السفن
أنتهت الحفلة - وحفلة عزائها ابتدأت - ودع الجميع بعضهم...
وعادت هي لترتدي ثوب الحداد على حبها الموؤود، مقفلة الأبواب.. تاركة الحياة لمن هم بها أولى ، فمثلها لن تنعم بالحياة ما دامت تملك قلباً هشاً..
وجثت أمام أبواب السماء باكية...
ربي لا أريد غير قربك..
أطمس على قلبي، فلا يعرف حباً غير حبك..
وخذ بيدي.. يااارب
فأني ما عدت أقصد بعد اليوم باباً إلا بابك
تمت