وقف متخصراً وهو ينظر للمكان من حوله، كانت الفوضى تعم المكان، الدماء في كل زاويه والجث-ث متراكمه في مكان واحد، مُشكّله ميزان ذو كفتين، الكفتين كانتا متكونتين من اكفف الجث-ث، كان مشهداً مرعباً
تقدمت فداء لتقف بالقرب منه وهي تنظر لما ينظر له:
هل وجدت شيئاً؟!
تنفس سليم بعمق ونفي برأسه:
لا كالعاده، يقوم بجريمته ويترك تلك الرسمة البشعه ويختفي دون أي دليل، لو فقط أجد دليلاً واحداً.
تقدم الشرطي منهم وأدى التحيه:
سيدي، وجدنا بالقرب من الجث-ث شئ ونريدك أن تأتي لتراه بنفسك
ركض سليم وخلفه فداء نحو الجث-ث واقتربوا من المكان الذي كان رجال الشرطه مجتمعين عنده، انحني نحو إحدى الجث-ث ليجد ورقه صغيره مطويه وموضوعه بين أصابع يد الجث-ه، ارتدى قفازاً وسحب الورقه بحذر شديد، وقف وهو يقوم بفتحها لتقترب منه فداء ونظرت بداخل الورقه معه وقرأتها بصوت مرتفع.
"انا يد العداله، أنا الميزان والسندان، أنا القاضي وانتم جميعاً في خبر كان."
نظر الاثنان لبعضهم بصدمه وتعجب، من هذا المجنون الذي يظن نفسه حكماً على الناس، ويقوم بقت-لهم بهذه الطريقه البشعه.
قام عناصر الشرطه بجمع كل الادله التي وجدوها وتم نقل الجث-ث إلى المشرحه، انتقل المحققون إلى مقر عملهم ليباشروا سير التحقيقات من خلال الأوراق والادله التي وجدوها هذه المره، فكل مره لم يكن هناك ادله سوى الجث-ث مُشكّله على هيئة ميزان العدل.
وقف سليم أمام الطاوله حيث قام بنشر كل الادله عليها:
هنا سنجد الورقه التي تركها وما دُوّن بها يدل على أنه يخطط للكثير.
سخر أشرف متهكماً:
ومجنون.
رفع سليم حاجبه:
دع تهكماتك جانباً يا سيد أشرف، لا نحتاجها الان.
رفع أشرف حاجب ونظر له:
اسمع يا سليم وضع هذه الكلمات حلقه في اذنك فقد تحتاجها، فكر بجنون وستجده بسهوله.
نظرت له فداء بتعجب:
وهل المجنون يفكر يا اشرف؟!
ضحك أشرف بقوه وهو يشير لها بعلامة الصح ليتعجبوا من هذا المجنون الذي انضم لهم منذ فتره ليست بالكبيره، تنهد سليم وأخذ ينظر بين الادله بتمعن علّه يجد شيئاً يساعده.
نظرت فداء للأوراق التي استلمتها للتو من الشرطي:
هنا كل ما يخص الضحايا، تاريخهم وعملهم واسمائهم، وياللصدف (تنظر لسليم بحاجب مرتفع) لديهم عامل مشترك.
نظر لها سليم بتعجب:
ما هو؟!
ابتسمت فداء بجانبيه:
جميعهم أعضاء في منظمةً ما، هناك علامه وُجدت على رسغ كل ضحيه، نجمه سداسيه تكاد ترى بالعين المجردة.
نظر لها سليم بنظره ذات مغزي:
نجمة داوود!!
اومئت فداء بينما قلب أشرف عينيه بعدم تقبل لما قيل، أما سليم فقد بدأ يمسك طرف الخيط وسيعمل على هذا الأساس.
في منتصف الليل دق جرس الهاتف مراراً وتكراراً بشكل ازعجه وجعله يفتح عينيه بغضب، امسك الهاتف ووضعه على أذنه يستمع للطرف الآخر لتتسع اعينه بصدمه، ترك الهاتف وركض يرتدي ثيابه ليذهب ويرى تلك المصيبه التي وقعت على رؤوسهم.
وصل لمقر عملهم ليجد المكان قد تفحم تماماً بما بداخله، اقتربت فداء منه وهي تسلمه هاتفها ليتعجب وامسكه ونظر به لتتسع اعينه بصدمه.
تنفست فداء بعمق:
جائتني قبل الحريق بلحظات، لم أستطع فعل شئ، وكأن الفاعل يُريدني أن أشعر بالعجز لعدم مقدرتي إنقاذ من بالداخل.
تحدث سليم بهدوء ظاهري ونظره معلق في الهاتف:
من كان بالداخل؟!
همست فداء بتأثر:
بعض من عناصر الشرطه، وأشرف.
نظر لها سليم بصدمه لتومئ له مؤكدةً ما سمعه، نعم أشرف زميلهم قد لقى حتفه في حريق مركز الشرطه المفتعل، وما جعلهم موقنون انه مفتعل هو الرساله التي وصلت لفداء على هاتفها (جيد أنكِ لستِ في الطاسة الآن، فرائحة اللحم المشوي لا تكون جيده في بعض الأحيان).
تم إخماد الحريق ولم يتبق شيئاً في المركز صالح أو شخصاً حي، كل شئ تدمر، حتى الادله.
في صباح اليوم التالي اتتهم اخباريه عن جري-مه في احد الأحياء، توجهوا سريعاً وهم منهكوا القوى نحو مكان الحادث ووجدوا نفس الشئ، الدماء بكل مكان، الجث-ث على شكل ميزان، ولكن الجديد هذه المره هي تلك العبارات التي ملئت الجدران بدماء الضحايا.
(هذا هو العدل) (رفعت الأقلام وجفت الصحف) (هذا مكان كل من يعترض) (انتم وسيله لغايةً اسمي) (وحكمت محكمة العدل) (انتم سلماً للصعود)
كان سليم مذهولاً مما يقرأ على الجدران، هذا ليس بفعل شخصاً واحداً بل هي مجموعه، أو جماعه معينه تقوم بتصفية جماعه أخرى، أو هما نفس الجماعه ويلعبون حرب البقاء للاقوي؟!
تم نقل الجث-ث للمشرحه وانتقلت التحقيقات لمكان آخر عوضاً عن الذي تم إحراقه، وأتت نتائج فحص الجث-ث نفس سابقتها، هناك علامة نجمة داوددو على رسغ الضحايا، هذه جرائم منظمه ومُرتبه بإتقان وليست بفعل هواه أو مجانين.
تقدم احد عناصر الشرطه من سليم وقام بتسليمه بعض من متعلقات أشرف التي تم ايجادها في الحريق، مفاتيح... ولاعه... سلسله من الفضه عليها رسم غير واضح، لم يهتم سليم كثيراً ووضع المقتنيات في درج المكتب خاصته وأغلق عليها، عاد بعدها للتحقيق والذي يبدوا انه سيأخذ منه الكثير من الوقت.
وزادت الجرائم، ولا يوجد ادله واضحه، كل الادله تشير لمنظمه معينه ولكن ليس هناك دليل واضح ويكفي ليتخذوا خطوه، وليس لديهم شخصاً محدداً ليتخذوا هذه الخطوه نحوه، فمثل هذه المنظمات لا تستطيع الوصول لها إن لم تكن فرداً منها.
حدثت جري-مه كالعاده وانتقل الجميع لموقع الحادث، نفس المشهد ونفس الكلمات على الجدران، ما اختلف هذه المره هو رساله بلون أسود قاتم مرسومه على احد الجدران، رساله واضحه ولكن معناها غير واضح.
(انت التالي لأنك غبي، ولا وجود للاغبياء بيننا، فقط المجانين)
ظل سليم واقفاً أمام هذه الرساله وهو يتمعن في تفاصيلها، أنت التالي هذا يعنيه هو، لأنك غبي فهذا يعنيه أيضاً فهو غبي كونه لم يستطع حل الجرائ-م حتى الآن، الجمله الثانيه مفهومه فالقا-تل يجد نفسه أفضل واسمي من الجميع لذا يقوم بتصفيتهم، فقط المجانين.... هذه الجمله تحمل الكثير من المعاني، وبالتأكيد لها سبب.
فجأه فتح سليم عينيه بصدمه وهو يسترجع كل ما مر عليه يخص هذه الجمله.
(ومجنون) (فكر بجنون ستجده بسهوله) (أشرف مات في حريق المركز) (هذه متعلقات السيد أشرف من مكان الحادث) (مفاتيح، ولاعه، سلسله عليها رمز غير ظاهر)
ركض سليم سريعاً وصعد سيارته وكانت فداء معه ليتوجه نحو مقر الشرطه الجديد، دلف للداخل وقام بفتح درج المكتب وأخرج متعلقات أشرف، نظر في الولاعه وأخذ يقلبها بين يديه ليجد هناك نقش على طرفها بخط دقيق يكاد يُرى، امسك عدسه مكبره وقربها منها ليفاجأ بما وجده، نجمة داوود.
تحدثت فداء وهي تمسك منه الولاعه:
أليست تلك نفس النجمه التي وجدت على رسغ الضحايا؟!
تجاهلها سليم وهو يمسك السلسله ونظر فيها من خلال العدسه المكبره ليجد نفس الرمز، إذاً أشرف كان يخدعهم ويساعدهم في نفس الوقت.
همس سليم وكأنه يتحدث لنفسه:
أشرف كان يلعب بنا.
نبس صوت من خلفهم:
وما زال.
ألتفتوا اثنيهم ليجدوا أمامهم أشرف يضحك بجنون وهو يمسك بيديه كلتاهما رشاش، اخذ يضرب بعشوائيه لتصرخ فداء حين تمت إصابتها بينما ركض سليم وقفز عليها ليحتموا خلف احد الحوائط، اخذ ينظر لجرح فداء الذي كان ينزف بغزاره ليخرج سلاحه ويقف مستعداً لكي يرد الهجوم.
هدر أشرف صارخاً:
أنت غبي يا سليم والاغبياء لا مكان لهم بيننا، انتم جميعاً حفنه من الحالي لا بد من ابادتكم، نحن العنصر السامي، نحن المستحقون لنحكم هذه الأرض وانتم مجرد سلماً لنصل لاهدافنا.
رد عليه سليم بصراخ:
إن كنت ترى ذلك فلمَ قمت بقتل رفاقك؟!
تحدث أشرف بجنون:
أي رفاق يا احمق، هؤلاء كانوا منشقين عنا، لعبت منظمه أخرى بعقولهم واخذتهم لصفها فكان مصيرهم الموت، الموت في سبيل ظهورنا نحن.
تحدث سليم وهو يحاول التسديد عليه:
أنت مجنون، أحمق مجنون وغبي، هؤلاء سيجعلونك كبش فداء كما فعلوا برفاقك وجعلوك تقتلهم، هم لا أمان ولا عهد لهم.
هدر أشرف وهو يطلق بغضب:
أنت غبي ولا تفهم شئ، سيجعلوني احد اهم القاده بينهم إن نفذت تعليماتهم جميعها، وآخرها الآن أن اقتلك.
لمح سليم نقطه حمراء في منتصف جبهة اشرف:
يا أحمق، بل أنت الهدف.
وما هي سوى لحظات حتى وقع أشرف ميتاً بعد أن تلقى رصاصة قناص في منتصف جبهته، كان سليم ينظر نحو ذاك الذي يقف أعلى بناء في مقابلهم بسلاح قناصه والذي ألقى بشئ لامع في السماء انفجر وخلّف غبار أبيض من حوله ما إن انقش حتى اختفى ذاك القناص وكأنه لم يكن موجوداً.
همست فداء بألم وهي تقف بجواره:
ما الذي سيحدث الآن بعد موت أشرف؟!
تحدث سليم وهو يتنفس بعمق:
أشرف هو البدايه، هذا الكيان سيحتاج تكاتفنا كي نستطيع محوه من الوجود تماماً.
نظرت له فداء بتعجب:
تكاتفنا؟! اتعني نحن عناصر الشرطه!!!
نظر لها سليم بإبتسامه جانبيه:
بل عناصر العرب اجمع يا فدائي.
تركها سليم ورحل وهو موقن أن النصر لن يكون سوى بتكاتف الجميع، لن يتم محو هذا الكيان المدمر سوى بتكاتفهم وترابطهم سويه، ولن يحدث ذلك سوى حين نصدق بعضنا البعض ونساعد بعضنا البعض، لن ننتصر سوى بإتحادنا، ففي اتحادنا قوه.





































