تلاقت العيون… والتحقت الذكريات… وبكى القلب
لم تكن تتوقع أن تراه يوما بعد كل هذا البعد… بعد كل تلك السنوات التي خبأت فيها جراحها فى أعماق صدرها وغلفتها بالهدوء كى لا ينكشف الألم
وقفت أمامه مرتبكة
تتسابق أنفاسها
كأن اللحظة تعيدها قسرا إلى زمن كانت فيه تحبه أكثر مما ينبغى
هو أيضا تجمد مكانه
كأن الزمن توقف احتراما لصدمة اللقاء
نظراته ارتجفت
وتلك الابتسامة الخفيفة التي كانت يوما تطمئن روحها
عادت الآن لتوجعها أكثر
لم يتغير كثيرا…
فقط صار أكثر صمتا
وكأن الفراق سرق من صوته شيئا
قال بصوت يختلط بالشجن:
لسه الذكريات بتطاردك؟
خفضت عينيها كي لا يفضح الدمع ارتجافها
وهمست:
الذكريات ما بتموتش… بس إحنا اللي بنحاول ندفنها
مرت بينهما لحظات صامتة لكنها كانت تعج بكل ما لم يقل
تذكرت ليالي المطر التى كان يمسك فيها يدها كأنما يحمى العالم كله
تذكر هو وعدا قطعه يوما ثم عجز الزمن عن إنقاذه كانا معا قلبين يجريان نحو الحياة…
قبل أن يختطفهما الفراق ويترك كل منهما فى طريق
ولكن… هل كانت الأقدار تجمعهما الآن لتضمد ما انكسر؟
أم لتذكرهما بأن بعض اللقاءات تأتي فقط لتوقظ الألم
اقترب خطوة واحدة
كافية لإعادة نبض قديم كان يظن أنه مات
رأى دمعتها تهرب
فمد يده ليمسحها
ثم تراجع كأن الخوف كبله قالت بصوت مكسور:
ليه رجعت؟
أجاب وهو ينظر بعيدا:
يمكن علشان أواجه غلطى…
ويمكن لأني لسه بشوفك نفس الحلم اللي قلبى
ماعرفش ينساه
انهزمت قوتها أمام صدقه
لكنها تذكرت كل ليالى الفراق التي علمتها أن اللقاء لا يكفى وحده
ابتسمت بحزن
وقالت:
يمكن اتأخرنا… والزمن ما استناناش
ترك كل منهما الآخر يمضي…
لكن القلوب تلاقت
والذكريات التحقت
والبكاء ظل سرا يسكنهما
لا هو انتهى
ولا هما نسيا






































