فى زاوية هادئة من قاعة العزاء
جلست هند وليلى وسارة
وقد خط الزمن آثاره على وجوههن
لكن نظراتهن كانت لا تزال تحمل ذكريات سنوات الدراسة
كان الصمت ثقيلا
تخرقه بين الحين والآخر تنهيدة عميقة
هند بصوت خافت وعينين دامعتين:
هل تصدقون؟
رحلت مريم
مريم التي كانت تملأ الفصول ضجيجا و ضحكا
تجمع منا المال ولا حد يعرف مين دفع كام ومين مش معاه وتشترى الحلوى والمكسرات نلهو حتى نصل بيوتنا وتودع بعض على باب كل منا هي أول من يغادرنا
ليلى تمسح دموعها طرف طرحتها:
تذكرت الآن يوم كنا نهرب من حصة الرياضيات الأخيرة لنختبئ في الحديقة الخلفية نلعب ونلهو
مريم كانت دائماً هى من تراقب الطريق
وفى النهاية هى من تنكشف ونعاقب جميعا
سارة بابتسامة حزينة: كانت أشجعنا
أتذكرين يا هند عندما دافعت عنى أمام المعلمة سميرة الصارمة التى كانت لا تبتسم
مريم لم تترك حق أحد يضيع
انظروا إلينا الآن
كيف مرت عشرون عاما بهذه السرعة؟
هند: الدنيا شغلتنا
أنا غرقت فى ملفات المحاماة والقضايا التي لا تنتهى
ابني الأكبر أصبح في الجامعة الآن
وتصدقون؟
يدرس الهندسة كما كانت مريم تحلم دائما
كانت تشجعه
وتقوينى
ليلى: أما أنا
فالسفر أخذنى بعيدا عشت فى ثلاث دول ورغم كل الرفاهية
كنت أشتاق لجلساتنا البسيطة على رصيف المدرسة
نأكل الفشار والحلويات
ونحكى الطرفات
مريم كانت ترسل لي رسائل بخط يدها حتى بعد انتشار الإيميلات
كانت تقول إن للورق رائحة الوفاء
كانت تعشق القراءة من الكتب والجرائد
سارة: بقينا في نفس المدينة ولم نلتق إلا فى الجنازة!
درس قاس أنا قضيت عمرى فى التدريس
وكلما رأيت طالبات يضحكن في الممرات كنت أرى وجوهنا
تتساقط الدموع
هند تمسك يديهما:
رحيل مريم وجعني
لكنه أيقظني
الحياة أقصر من أن نؤجل فيها لقاءأو كلمة طيبة
ليلى: لنترك الحزن جانبا الآن
مريم كانت تكره الكآبة
لنتعاهد أن نلتقي الشهر القادم
ليس فى عزاء
بل في أماكنها القديمة
لنحكى عن أحفادنا هذه المرة
ونعود لمكالمتنا الصباحيه
الوقت الجميل كنا نقضيه ف السؤال عن بعض ومعرفه اخبار الاخرين
سارة: اتفقنا
يرحمها الله لقد جمعتنا حية
وجمعتنا اليوم لتعيدنا إلى أنفسنا







































