كنت في الأربعين من عمري عندما قرر الأطباء جميعهم
استئصال الرحم لم أكن اسمع من قبل أنه يجب إزالته لانتهاء دوره في الحياة فكل شئ يموت بانقضاء أجله ولم أكن اعلم أننا نموت علي أجزاء، كنت أود أن أموت دفعة واحدة ...
علمت أننا في زحام من النعم بعد فوات الأوان،علمت ذلك عندما أخذوني علي المشفي حين عجزوا بأن أتنفس طبيعياً مذ أن وصلت المشفي ادخلوني الطوارئ وضعوني علي جهاز التنفس الصناعي
تنفست ببطئ شديد أكاد فيه أن أختنق ...
لم أكن أعلم أن هناك أمراض لا يستطيع العلم الحديث علاجها الا بعد أن ظهرت نتأئج التحاليل المخبرية واكتشفت أن بعض الميكروبات والعدوي لن تستطيع المضادات الحيوية قتلها وقتها علمت أني هالك لا محالة فهي مسألة وقت ...
أخذت أخي الي المشفي ليقوم بجلسة الغسيل الكلوي المرهقة
أنت تعلم ماذا يتم فيها ؟ فهناك خرطومان يخرج الدم من جسدك وينفي خارجياً ويعود الس جسدك بالخرطوم المقابل وهذا يتم بعد عدة مراحل .. من تركيب الماهوكر في وريد ظاهر في جسدك سواء الرقبة أو الفخذ وبعدها يقوم الأطباء بعمل عملية لربط الشريان بالوريد لتام من خلالهما عملية الغسيل ....ما إن وضعته علي السرير وجدت طفلة في السرير المقابل يتهافت عليها أهلها والأطباء تصرخ اخرجوا بره خلينا نشوف شغلنا
كانت عيناها تزوغ كثيراً فتذكرت الآية الكريمة فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد
هل هذه ما تسمي بالسكرات...ايموت الأطفال...انا أعلم أن الخوف يكون علي كبار السن ..ولكن أغصان السنابل تموت بالاخير
قرأت عن فتاة سألت شات چي بي تي ..ماذا لو كنت أنسان لمدة يوم ؟ ماذا كنت تفعل ؟
فتعجبت من الإجابة وحينها فقط أدركت النعم الكثيرة
قال أستيقظ مبكرا ليس لشئ ولكني أحب أن أري شروق الشمس واتنفس نعم أتنفس بعمق ذرات الندي في الصباح وأشعر نعم أريد أن أشعر .. أتحسس كل شئ موجود حولي ..
لا يعرف قيمة الصحة الا الذي يفتقدها، نحن في زحام من النعم لا ندركه الا بعد فوات الأوان..