السلام عليكم قارئ هذه الصفحه ...
لعلها من المواضيع الشائكه التي كثيرا ما تطفو فوق سطح اولوياتي فتحتل ذلك الحيز من التفكير و الذي يولد افكارا متضاربه و تنتهي "باستهلاك دائم لمراكز في العقل" دون نتيجة حقيقيه ..
من العنوان - و الذي يبدو كبيرا - يهيئ لك - عزيزي الزائر - ان الموضوع سيدخل في متاهات "محظوره" ... طالما ان هناك علاقة بالدين ...
نعم يا عزيزي ... الموضوع متعلق بالدين ... و لكن لا تقلق فلن تقرأ هنا فتاوي ... فليس الكاتب بمفتي و ليس تحصيله العلمي يسمو به الي درجة مفتي .... و لكن هي افكار تتخبط في الجمجمه و تريد لنهاية عزلتها نهاية ... و لحيرتها حلا و هدايه ...
البدايه كالعاده تأتي من خبر يقرأ ... فيثير بركان الافكار .... و الاثاره هنا محلها ان خبرا منشورا في جريدة المصري اليوم القاهرية بتاريخ 24/8/2009 في الصفحة الثالثة ... يقول ان الحكومة المقاله في غزه و وزارة التعليم التابعه لها اصدرت قرار باجبار الطالبات علي ارتداء الجلباب ... و قررت تأنيث المدارس و الفصل بين الذكور و الاناث ...
و قبل يا اخي ان تنتفخ اوداجك يا اخي و تحمر وجنتاج التي طالما عهدتها صفراء و تتسرع في الحكم علي كاتب هذه الكلمات المعترض - لو صح ذلك - علي نشر الفضيله و تطبيق الشريعه ... ادعوك ان تفعلها هذه المره و "تصبر" ثم تطرح ما تقرأه علي العقل من موقع المصلحة العامه لا من موقع المتشدد و الحافظ لرأي دون تفكير و لا يري سواه
وسوف أبدأ بدايه - تحب ان تقرأها - فانا اتمني من كل قلبي ان ترتدي كل الفتيات الزي المحتشم و ان يتحول المسلمات منهن الي محجبات فهذا هو صحيح الدين و هذا هو الحق .. و الحق احق ان يتبع ... و لكن و ان كانت فكرة الاجبار في ديننا غير وارده علي الاطلاق ... و مهما بحثت فلن تجد شيئا في ديننا يتم بالاجبار ... سوي - و الله اعلم - اجبار الطفل علي الصلاة من سن العاشره لاهداف تعليميه بحته متعلقه بضرورة توضيح اهمية هذا الركن الاعظم من اركان الاسلام ...
لهذا لن اتوقف كثيرا علي هذا القرار الاجباري .... و لكني اتوقف او قل توقفت كثيرا عند قرار فصل الذكور و الاناث ... و الصدمه كانت في ذلك المبرر الذي ساقه المسؤول الحكومي "المقال" عندما قال : انه يتم الفصل بين الاخ و اخته في سن السابعه ... فكيف لا يتم الفصل فيما دون ذلك !!!!!
و لانه بقليل من العلم و بقليل من الاطلاع و بقليل جدا من الفحص ... تجد ان الفصل الذي تحدث عنه المسؤول و الموجود فعليا في تعاليم الدين هو فصل في "الفراش " و ليس فصلا في الحياة و لا فصلا في المنازل و لم يأمر الحق عز و جل مثلا ان تتحجب الاخت امام اخيها .... و انما الفصل كان في حجرات النوم فقط منعا من تحرك للشهوه المحرمه.... لا اكثر و لا اقل
و لانني دائما " مطمئن" لدين الاسلام بانه اعظم الاديان و انه يوافق الفطره ... و ان تعاليمه الحكيمه تسموا كثيرا فوق تعاليم بني البشر العقيمه .... و انه في النهاية دين يوافق المنطق تماما تماما ...
لهذه الاسباب ابدأ في عقد مقارنات بين القرارات العنتريه " للمتدينين الجدد " و بين فلسفة و جوهر الدين ...
نعود لقصة الفصل و التي طبقهاا و لا يزال يطبقها الازهر الشريف في مصر ... اسمحوا لي ان اتسائل ... و انا هنا فعلا اتسائل و ارجو ان يجيبني اي من الافاضل الذين افاض الله عليهم بالعلم و الحكمة ... شريطة ان لا يكون منتفخا الاوداج و لا محمرا الوجنتين ... و لا متحفزا او متوثبا ..
التساؤل هنا يكمن في ان سياسة الفصل لم يقرها الله في اكبر تجمع اسلامي ديني عظيم المقام عال المرتبه ... الا و هو الحج ... و الامر الالاهي للمسلمين بالطواف حول الكعبة او اعتلاء سفح جبل عرفات لم يتطرق لفصل الاناث عن الذكور ... و لم يتحدث في تقسيم الاماكن حول الكعبة المشرفه الي اماكن للاناث و اماكن للذكور ... هذا من جهه ...
الجهه الاخري ... هو ان الله عز و جل امرنا جميعا بالصلاة ... و ثمن و ضاعف جزاء صلاة الجماعه الي اضعاف مضاعفه من الصلاة في البيت ... و الامر للنساء و الذكور معا ... اي ان السيده المسلمه من حقها ان تصلي في المسجد و في صلاة الجماعة التي يؤمها الرجال ... و المفاجأه ان الصلاة في المسجد خضعت لقواعد تنظيميه لا فصليه ... بمعني ان الصفوف الاولي للرجال و الخلفية للسيدات و لم يتحدث احد عن "الفصل" بين المصلين الرجال و النساء و حتي ذلك الستار القماشي او مصلي النساء المنتشر في مساجدنا لا يوجد ما يدل عليه و الاصل ان الصلاة تتم في صفوف متراصه يتقدمها الامام ثم الرجال ثم الغلمان (فيه اقوال) ثم النساء ...
ينبغي لك ايها القارئ ان تتفهم جيدا: ان الفصل شئ جيد و انه من منا لا يود ان تعمل اخته و زوجته و ابنته في مجتمع نسائي او يغلب عليه الطابع النسائي ... لاسباب كثيره منها بلغة هذا العصر تقليل نسبة القلق و المشاكل و الخوف و الغيره من كل ما نسمعه من مشكلات معقده في هذا العصر ...
و لكن حينما نتكلم عن شريعه و قوانين و منطق فالموضوع يختلف ... و اظن انه من حقي ان افرأ دليلا يدعوا الي الفصل ... و ان يبرر لي احد لماذا لم يتم الفصل في الحج و في الصلاة ... كشئ بديهي ؟!!!!
من الخواطر التي تضرب بقوه في "عظم جمجمتي" ما يقال بقوه و يفتي به نفر غير قليل من الفقهات في مسأله الغناء ... و عندما تقرأ كتاب "الحلال و الحرام في الاسلام " للامام الدكتور يوسف القرضاوي ... تجد ان الرجل يتحدث عن هذا الشئ ببساطه منطقيه سلسله مفادها ان الشئ (الغناء) حلاله حلال و حرامه حرام ... و هذا و الله لشئ منطقي - في رأيي
الحلال والحرام في الإسلام للعلامه الامام الدكتور يوسف القرضاوي
اعيد علي قارئي الذي اتوقع اضطرابا في الوان وجهه بين الاصفرار و الاحمرار ... ان تعلم جيدا ان ما تقرأه ليست بفتاوي و انما خواطر في صورة تساؤلات ربما تكون تجول في جماجم اخري و لا تجد متنفسا لها للخروج لمجرد الفهم ... و كاتب هذه الكلمات يود فعلا ان يفهم ؟ ..
و لعلني اليوم كنت في زيارة سريعه لاحد البنوك اتمام احدي العمليات و تطرقت مع صديقه موظفه تعمل في البنك الي الفارق بين البنوك ذات المعاملات الاسلاميه و البنوك العاديه ... لاكتشف ان القصه هي قصه مظهريه في الاصل لجعل العميل مرتاحا في تعاملاته ... لكن الحقيقه التي اكدتها الصديقه العزيزه و غيرها يفيد غير ذلك اطلاقا اطلاقا ... بان جوهر البنوك العاديه و الاسلاميه واحد ... و لا عزاء للـ ___
اذا ... نحن امام مشكله كبيره ... و هي مشكلة التخبط و عدمالحسم في كثير من الامور المتعلقه بحياة المسلمين ... و اغلب الظن اننا كمسلمين ليست لدينا النيه ابدا لتوحيد الصفوف حتي في مجال الفقه و التشريع ...
-فتري في البلد الاسلامي الواحد اكثر من هيئه ... يرأسها شيخ مخول له ان يفتي ... و تري التضاد و التناقض .... و رغم ان هذا التضاد و التناقض يمثل اجتهادا في واقع الامر ... و رحمة بالعوام المسلمين ... الا انه اصبح ارضا خصبه لزراعة اشجارا لافكار غريبه ما انزل الله بها من سلطان ....
ناهيك اذا عن كثرة الهيئات الاسلاميه الممتده في عالمنا الاسلامي ... و قرارتها الكثيره
-لذا .. يا عزيز القارئ ... اريدك ان تعلم الان اذا كنت قد وصلت الي هنا في القراءه - اريدك ان تعلم ما هو هدف هذا المقال؟
-الهدف هو التفكير في حل عملي توحدي لتقليل هذا النزيف في الفتاوي و توحيدها و توضيح ما هو رأي الجماعة فيها و ما هو غير ذلك ...
و اسمع لي - علي عجاله ان اطرح عليك حلا ... ربما يراه البعض حلا ساذجا ... او حلا كلاسيكيا او رومانسيا او سمه ما شئت لكني اراه حلا لو تم يمكن ان يتمم كثيرا من جوانب النقص في سير العمليه الشرعيه في بلاد المسلمين
الاقتراح ببساطه هو انشاء هيئه واحده فقط للمسلمين تضم تحت لوائها كل علماء المسلمين ... و يكون لها قانونها الخاص البعيد عن اية مؤثرات سياسية ... او حتي سلطه في يد شخصيه دينيه ... و ان يكون المعيار في الانضمام و الترقي و التصويت فيها معيارا اكاديميا بحتا ...
و هذه الهيئه و التي "يتفق" المسلمين فيما بينهم انها هي الهيئه الشرعيه الاولي في كل بلادهم و ان قراراتها الدينيه هي قرارات تسري علي كل مسلمي الكون ...
نأتي للمشكله الكبري و الاهم و هي كيفية صدور الفتوي .... و هي ليست مشكله فكما علمنا الاسلام - قبل ان يعلمنا النظام الديمقراطي الغربي - ان الشوري هي الاساس "و امرهم شوري بينهم"
و الشوري تقتضي مناقشة اية قضيه بين علماء الهيئه ... ثم تخضع للتصويت ... و الرأي في النهاية للاغلبيه و هنا يكون لنا فتوي واحده و صوت واحد ... و بالطبع قرار اصدره نخبه من العلماء ...
معذرة ايها القارئ علي الاحباط الذي سبته لك ..
تحياتي
:)