السلام عليكم و رحمة الله
الاسفار عبر المدن و ربما البلاد ... هي من اعادتني الي احضان متعتي القديمه ، القراءه ... فعملي و معه هواياتي الجانبيه يوفران لي ترحالا دائما ... احبه ... فهو في حد ذاته - اي الترحال - عشق قديم و يتجدد دائما ...
كنت قديما اتزود بثلاث او اربع نسخ من جرائد ذات اسماء مختلفه .. لكي استعين بها في قتل السفر ذي الفواءد السبعه ! ... هذا اذا لم يسعفني القدر برفيق رحله ... يفضي كلينا لبعضنا البعض ... ثم تنتهي "العلاقه" عند محطة الوصول او تستمر لسنوات طوال ...
في العهد القريب زهدت "الجرائد" ... فكلها "نسخ" و مسوخ لكائن واحد بوجوه مختلفه ... و بعدما اصبح الحصول علي الخبر اكثر سهولة ... و بعدما اصبحت قراءة تحليل الخبر من وجهة نظر الصحيفه الناشرة ... أكثر الامور تهورا .... أصبح الهروب الي الماضي .... الي الكتب و الروايات ... هو الطريق الاكثر تحفيزا و امنا .... او هكذا أظن ..... !!
الكتب و الروايات و التي اعتقدت يوما ان الكائن "الانترنتي" قد جب عصرهما الي الابد ...
ذهبت ابحث عن مطبوعات لكتاب اعرفهم .. او علي الاقل اثق في اني سأحظي بوجبه ممتعه او مفيده من القراءه الغير ممله ... وسط وسائل المواصلات الممله ... فكان "يوسف زيدان " الذي اعتقد انه كان البدايه الصحيحه لأحياء جسد الهواية التي دفنت تحت شاهد مكتوب عليه www ...
ثم بدأت" أتجرأ" بتجربة القراءة لعشرات الناشرين الجدد اصحاب المواهب الحقيقيه ... مع ان وسائلهم الادبيه .. مزعجه !! ..
في البدايه كنت ادقق الاختيار .. حتي اصل الي الروايه المنشوده لتكون رفيقة الرحلة ... فكنت اقرأ الحواف و الحواشي و ما تحمله الصفحه الاخيره من الغلاف ... من وصف و تعليقات ... ذكرها "مشهورون" حول الرواية ... و عندنا اشعر "بنصف كيلو" من الراحه .... اشتريها ... لتدخل في "الصف" حتي يحين دور قراءتها ... ثم اكتب عنها بعض الخواطر للتأريخ و التاريخ ... و ربما التحذير !
مؤخرا قرأت ثلاث روايات ... "صندوق الدمي" لشيرين هنائي .... و "الفيل الازرق" لاحمد مراد ... و "هيبتا " لمحمد صادق ..
دعوني ابدأ مع "فيل" احمد مراد ... الازرق .... و قبل ذلك اود ان اذكر أن مراد كاتب ذائع الصيت بعد نشر روايتاه الشهيرتان تراب الماس و فيرتيجو و تحول احدهما الي عمل فني ... كنت قد تشرفت يوما بالاتصال به اي احمد مراد يوم ان اهداني صديقي احمد زكريا نسخه من "تراب الماس" المدون عليها اسمه في صفحة الشكر ... لكن مشاغل الحياة حالت دون قراءتها الي الان .. و عندما وقعت الفيل الازرق في يدي تذكرت كل هذا ... فضممتها الي قائمة القراءة ...
روايه لا تخلو ابدا من حبكه بوليسيه ممزوجه بحبات القلق و الترقب ... لكنها تصيب قارئها بدوار .. قد يكون مفيدا للبناء الروائي ... لكنه ليس مفيدا لي
الفيل الازرق بها كم لا باس به من المعلومات الوفيره عن مستشفي العباسية للامراض العقليه .. و ايضا عن تلك الامراض التي تعالجها ... اسلوبها ينم عن كاتب متمكن من قلمه .. فكرتها التي ازعم اني اتذكرها لحظه كتابة هذه السطور ان بطل الروايه كان يكافح ليثبت لرؤساءه ان الحاله التي يتولي علاجها مصابه بمرض ... لا تعترف به مراجع الطب النفسي ... و عندما تنتهي من الروايه تكتشف ان الطبيب ذاته هو المصاب بهذا المرض الذي ليس له وجود !!
و بين البدايه و النهايه عدد صفحات ضخم و تفاصيل اضخم و دوار هائل ... و لذه لا انكرها ... و حبكه بوليسية و تحكم في ظهور الشخصيات رائع حقا ...
الرواية الاخري التي عبرت عليها هي "صندوق الدمي" ... لشيرين... و لولا اني قد قرأت لها "نيكروفيليا" سابقا و التي اعجبتني علي بشاعتها ... ما كنت قد اقتنيت هذا المجلد الضخم ... الكئيب المسمي صندوق الدمي !!...
بدايتها اصابتني بالاختناق ... حتي انا عبرت عن ذلك علي حسابي علي الفيس بوك و كنت علي وشك الغاء فكرة قراءتها من الاساس ... لكن طول الرحله بدون رفيق .. جعلني انتهي منها ... بحثا عن نهاية ما ... و الحق يقال ... لم تعجبني البته ... و لا هدف يذكر تشعر به عندما تصل بك ساعات القراءه الي الصفحه الاخيره ...
فكرتها عباره عن تخيل لصندوق به دمي خشبية ... من خلالها تتحكم قوي ماسونية في هؤلاء البشر ... في كل شئ من تصرفات و ردود افعال لكي يخدموا في النهاية الهدف الماسوني الاعظم ... و في اطار هذه الفكرة ... احداث كئيبه ... غير مترابطه ... تشعر في نهايتها ان الروايه انتهت لانتهاء الورق فقط ... !..
فاذا طلبت رأيي الامين .. فلن انصحك بقرائتها ابدا ... لكني قد انصحك بالاستمتاع باسلوباو افعل ما شئت حتي لا تغضب "هنائي" ...
بالمناسبه .. قد يكون رأيي الشخصي نابع من اني في الاساس اكره "الخيال العلمي" في الافلام و الروايات ... احب كل ما هو واقعي ... لا اعرف لماذا ؟ ! .... لذا عليك ان تجرب بنفسك ...
اما مسك الختام ... فهي "هيبتا" ... لمحمد صادق ... و كنت علي وشك ان افرد لها موضوعا مستحقا و خاصا بها ... لولا ان الكاتبه البديعه زينب حمدي ... قد سبقتني بموضوع عنها ... في مدونتها في تاميكوم .... رغم اني من دللتها علي هذه الرواية ... ... و الدال علي الروايه ليس كقارئها كما تعلمون
لم اكن اعرفه - اي محمد صادق - .. و لا اذكر اني سمعت عنه ... و ما كنت مورطا نفسي في روايه مجهوله لكاتب غير معلوم ... لولا أن شيئا شدني اليها و انا اتصفحها في تلك المكتبة التي دمرت ميزانية الشهر ... و كل شهر ..
.... فكانت النتيجه ... احترام و تقدير كبيرين للرواية و كاتبها ... رغم التحفظات !
هي نوع جديد من الروايات ... يمكن القول انه كتاب "تقولب" في شكل قصه تروي ... موضوعها يمس كل رجل و كل انثي و كل علاقه
ربما لن استطيع ان اعبر عن الروايه بنفس الروعه التي كتبت بها زينب حمدي موضوعها عنها ... الا انني يمكنني القول ان الكاتب نجح باقتدار بارع .. في ان يحدثنا عن اربع شخصيات مختلفه في ازمنه زمنيه مختلفه و باحداث مختلفه .. لنكتشف في النهايه ان الشخصيات الاربع ... شخصيه واحده ... دون ان تكتشف ذلك الي في مراحل متفرقه من القراءه ...
بل "و الجديد" أن للقصة نهايتان ... الاولي كئيبه مزعجه صادمه .. و الاخري .. نهاية "عربية" ...و جميلة ... و مطلوبه ... لكي تشعرك بجمال الروايه .. و استباب اهدافها في مخيلة قارئها الغير نادم بالمرة علي كل قرش من ثمنها
انصحكم بها ... فهي وجبه روحيه مطلوبه ... مع بعض التحفظ الصارخ حول محاولة الكاتب محاكاة اسلوب الشارع المتدني في الحوار ... فنجد الكاتب يمعن في استخدام مصطلحات دارجه ... تصل الي حد الصدمه ... و تصطدم بشده مع هدف الروايه السامي .... كما حدث في اخر الصفحه 30 منها
كل التحيه و التقدير