السلام عليكم و رحمة الله ....
استبق مقالي العجيب التالي بدفاع عن نفسي لأنه من الحكمة ان تدافع عن نفسك في الاجواء الثورية الساحقه الماحقه التي تعيشها البلاد حاليا ... فانا شخصيا سعيد بالثورة المصرية المُلهمة لغيرها .... و قطعا لا يعجبني في الثورة غير انها ثورة .... اما سلوك الثوره فهناك تحفظات بالجملة .... و يبقي المشهد داكنا و يبقي بصيص الامل باديا للعيان ...
اسمحوا لي ان اواصل دفاعي "الاستباقي" عن نفسي .... فانا - كأي مصري - عاين أطنان الفساد التي زكمت رائحتها الانوف و من بينها انفي العزيز ... كنت اتوق - كغيري - ان تتحسن الامور و تزول الغمة الجاثمة علي البلاد ... و عندما اتلمس كأي مواطن مصري ... مشروع التوريث الكبير .... اصاب باكتئاب رهيب و احباط مريع .... لان مصر العظيمه لا تستحق مشروعا كهذا .... ابدا
عندما قامت الثوره المجيده .... التي اجبرت الرئيس السابق علي التنحي و تسليم سلطاته للجيش ... كنت في قمة الفرح .... و قد غمرتني السعادة حتي اخمص قدمي ... بعد ابلغني هاتفيا بالخبر السعيد ... صديقي الحبيب الدكتور ايهاب ..... حيث كنت مستقلا قطار الاسكندرية ...
بعد قرابة تسعة اشهر من الثورة ... و منذ ايام قلائل كنت مستقلا "مترو انفاق" القاهره بصحبة احد الزملاء .... و تجاذبنا اطراف الحديث "الثوري" :) ... و اثناء تبادل الاراء ... شعرت بمشاكل منطقيه تضرب بعنف قواعد المنطق السوي لاي نقاش ....
سألته السؤال التالي : يا صديقي العزيز ... هب انك كُلفت بتأليف كتاب عن تاريخ مصر ... و من بين فصول هذا الكتاب فصل يذكر رؤساء مصر السابقين ... فماذا ستكتب ؟
فرد ردا تلقائيا مصريا جميلا "منيلا" .... سأكتب عن الرئيس نجيب و عبد الناصر و السادات ,,,, و لن اذكر اسم مبارك !!!!!! :)
سألته : و لكن مبارك كان رئيسا لمصر فعلا بغض النظر عن الثورة التي اجبرته علي التنحي !!.... و بغض النظر عن مساوئ فترة حكمه
فرد عليّ قائلا : لن اذكر "مبارك" هذا في كتاب التاريخ ...... !! ..
لم اسأله هل سيشطب هذه الفتره من كتابه .... ام سيضع صفحات بيضاء او سوداء مكان ثلاثين سنة حكمها مبارك ..... او ربما يلغي مادة التاريخ اساسا ... فمهما كانت اجابته فلن تكون ذات منطق باي حال من الاحوال ....
واصلنا ..... حديثنا الرهيب و المترو يتحرك ....مارا بمحطة نجيب ثم السادات ثم عبد الناصر ثم يتوقف في تلك المحطة التي كان اسمها "مبارك" .... و تحولت الي اسم "الشهداء" .... بعد الثورة
صدمت صديقي صدمة كبري عندما قلت له و نحن نستعد لمغادرة محطة "الشهداء" في رمسيس ... اني معترض علي ازالة اسم "مبارك" من عليها !! ..... فنظر اليّ نظرة ماحقه ثم اتهمني بأني من الفلول و اني من اعداء الثورة و ان مصيري جهنم و بئس المصير و كذا و كذا .... و لأنه صديقي فلم يرم عليّ يمين الطلاق :) و تحملني حتي آخر الرحلة ....
لم ارد ان اتركه مصدوما لفترة طويله .... فانا اعلم ان الفضول يقتله ليعرف لماذا اني معترض عن ازالة اسم "مبارك" من علي محطة مترو رمسيس .... و خصوصا انه يعرف اني كنت مؤيد بشده ازالة اسماء مبارك و عائلته من علي معظم منشآت البلاد (المكتبات , و المطارات , و الموانئ , ... الخ ) ...
لم اتركه كثيرا غارقا في فضوله الغاضب ... و قلت له ان بعض محطات مترو الانفاق تمت تسميتها باسماء رؤساء مصر جميعا... و مبارك احد هؤلاء الرؤساء (بغض النظر عن كل شئ) .... فاما ان يحصل علي نصيبه بمحطه تسمي باسمه .... او تزال كل اسماء الرؤساء السابقين من المحطات التي تحمل اسماءهم كنجيب و ناصر و السادات ....
لم يعجبه منطقي ... لكنه كالعاده لم يستطع ان يرد ... لان المنطق يحتاج غالبا الي منطق يرد عليه ... لا الي عاطفه تريد ان ترد ....
ظل زميلي سائرا متجهما ... و اراد ان يغير الحديث .... و يحدثني عن اعجابه الرهيب بألبوم اليسا الاخير "الذي لم اسمعه بعد" ... فاردت ان اجهز عليه بضربة قاضيه .... فقلت له : اتعرف يا صديقي الحبيبي اني اعارض بشده اية قوانين تهدف الي العزل السياسي لمنتسبي الحزب الوطني المنحل !!!... و اريدهم ان يدخلوا اي انتخابات قادمه كأي مواطن مصري عادي ....
هنا انفجر زميلي صارخا و قال لي كلاما "كأني لم اسمعه" :) احتراما لصداقتي معه .... و اسكته بأن عزمته علي "طبق كشري" حتي "يفش " غله في "الكشري" بدلا مني :) .... و لأني اعرف ان فضوله القاتل ينتظر مني توضيحا لموقفي الرجعي الغير ثوري ... لكني آثرت ان اصمت حتي اسفزه اكثر و اكثر .... :)
و رحمة مني بصديقي ... قررت ان اوضح له .... لكني بدأت بسؤالي التالي : يا صديقي العزيز .. هل الانتخابات قبل الثورة و التي كان يكتسحها الحزب الوطني شريفه ام مزوره ؟
رد عليّ ردا مباشرا : مزورة طبعا .... مفيش كلام
قلت له : و ماذا تتوقع للانتخابات في عصر الثوره ....؟
قال لي : ستكون شريفه نزيهة باذن الله
قلت : و لماذا اذا الخوف من اعضاء الوطني في ظل انتخابات نزيهه؟! .... اليس من المفترض ان لا يختارهم الشعب ؟
قال: لا .... لا .... سينجحون
قلت : كيف سينجحون و الانتخابات نزيهه
قال : سسيشترون الناس بالمال
قلت : كلهم سيشترون الناس بالمال ؟!
قال : نعم
قلت له : كن صاحب موقف .... هل كانوا يفوزون بمقاعد البرلمان بالتزوير ام بالمال ؟
قال لي : الاتنين
قلت له : اذا كان المقعد مضمونا .... لماذا ادفع .... و اذا كانت الانتخابات نزيهه ... لماذا انفق ؟
قال : معرفش :)
قلت : و هل اغنياء مصر فقط هم من الحزب الوطني السابق .... و هل لا يوجد اي غني طامع في السلطه من خارج الحزب الوطني السابق .... و هل كل الاغنياء و مرشحي مجلس الشعب من خارج الحزب الوطني شرفاء نزهاء قادمين لتوهم من الحجاز بعد اداء فريضة الحج عاقدي العزم ان لا يدفعوا "مليما" لناخب ... و لا حتي وجبة "كنتاكي" :)
فلم يرد صديقي ....
الي هنا .... انتهي حواري مع صديقي .... و انتهت بعض الاسئله البسيطه المنطقيه .... بلا اجابات منطقيه ....
في الايام اللاحقه لحواري مع صديقي .... حلت ذكري نصر 6 اكتوبر المجيده .... و لأول مرة لم نسمع عن الطلعه الجويه الاولي .... بل لم نسمع اصلا عن قائد القوات الجويه في حرب اكتوبر .... فبعد ان كان هو المحور الوحيد لحرب اكتوبر و احتفالاتها علي مدي ثلاثين عاما .... غاب في هذه الذكري ذكراه .... و كأن "مبارك" لم يكن موجودا اصلا في هذه الحرب ... و كأنه لم تكن هناك قوات جويه كان هو قائدها
منتهي التطرف قبل الثوره .... و بعدها ..... فقبل الثوره "مبارك" هو كل شئ .... و بعد الثوره "مبارك" لا شئ !!
اتعرفون يا ساده .... لو جنبنا العواطف في حكمنا علي الامور .... و كتبنا تاريخنا بمنطق المنطق ... لكان هذا هو اللبنة الاول نحو بناء مصر العظيمه .... اما ما هو موجود اليوم ... فهو امتداد لما قبل الثورة .... اقصاء و دكتاتوريه .... و كل ما هنالك ان الادوار تم عكسها ..... فمن كانوا في السجون حكموا ... و من كانوا يحكمون سجنوا .... و الشعب بين هذا و ذاك ... يغني
مصر هي امي