السلام عليكم و رحمة الله
هي معركة سيسطرها التاريخ بحروف من خشب .... في كتب الجغرافيا - فصل "الكومبينيشين" .... و لا ريب !! ....
معركه تمت فيها التضحيه بالغالي و الرخيص .... و الطويل و العريض ..... و من اجلها ذُرفت الدموع .... انهارا في مواسير الـ BR !!
المعركة بدأت بمناوشات "مائية" بيننا و بين البالوعه ... التي رفضت و باصرار احسدها عليه ... ان تمتص السيول المنهمرة من ... "الحوض" .. او "البانيو" ... فطفحت بكيلنا ... و بكليتنا
اتصلنا بمعالي الاستاذ الدكتور السباك ... فرد علينا سكرتيره الشخصي .. أن معاليه "محجوز" لمدة قرن قادم ... و انه لا يمكن له ان "يتنازل" لنجدتنا في الوقت الحالي ....
طلبنا منه ان يتكرم و يحيلنا الي "دكتور سباك " آخر ... فأحالنا الي سلسله من كبراء الاستشاريين في الامعاء الصحية .... لكنهم جميعا جميعا ... منحونا وعودا براقه و حاسمه بالمجئ و الكشف و التشخيص .... لكنهم لم يوفوا بعهدهم أبدا ..... و لما ابديت استغرابي الممزوج بالحنق و الغضب و الغيظ .... أفاد الزملاء أنهم - أي "الصنايعيه كده " .... لا عهد لهم ... و لا موعد !
المهم ... اثمرت بعض الاتصالات عبر المحافظات عن استيراد احدهم الذي جاء "أخيرا" ... لكنه أوصي بعملية جراحية سريعه ... حيث ان التشخصي المبدئي ... أفاد أن المواسير مصابه "بالكوليسترول" .. الذي أدي الي نزيف حاد فوق "دماغ" الجار الذي يقبع أسفل حمامنا المريض ....
في هذه اللحظات الفارقه ... دخل "حمامنا" مرحلة الانعاش .... و احتاج الي تدخل جراحي عميق و شامل ... و لان تدخلا كهذا ... يعني ازالة الارضيه ثم شبكة الصرف .. ثم الحوائط "بالمرة" ... لأن تحفظاتنا عن "السيراميك" القديم ... كانت أكبر من المتوقع ... فكان قرار "الحرب" ... الذي لا بد منه .... و لا مفر منه ... أو مناص ... حتميا
بالورقه و القلم .... وُضعت الخطه .... خطه محكمه ... دقيقه .... تجسدت فيها فلسفة تعاون الاسلحه المشتركه .... خصوصا عندما يتم تقدير الموقف بدقه و توفير "الامدادات اللازمه" .... مع استشارة بعض الذين خاضوا حروبا مماثله ... للاستفاده القصوي من كل الخبرات المتاحه ... و بعد عدة تعديلات ... أصبحت الخطه جاهزة و لم يتبق سوي ساعة الصفر ....
بكل ثقه ... بدأت المعركه .... ثم مع مرور الوقت ... بدأ نزيف ثقتي يزداد رويدا .... رويدا .... بعد ان تأكدت ان معركة "الاسلحه الفاسده" تتجسد أمامي حرفيا .... و ان خطتي النظرية المحكمه ... مكانها "مزبلة التاريخ" علي رأي الراحل "القذافي" ... رحمه الله
معالي الاستاذ الدكتور رئيس قسم المواسير الصحية المعروف اختصارا "بالسباك" ... كتب لي "روشته" بطلباته من قطع الغيار.... و لاحظت انه يشترط ان تكون طلباته جميعا من شركة واحده فقط ... ! .... لدواعي "المتانة الفائقه" علي حد ادعائه ...
هرولت الي صيدليات "الصحي" ... لابتاع ادوية حمامي الذي يئن و ينزف .... فصادفني تنوع كبير في الانواع و الاشكال ... و عندما كنت اتصل به - اي السباك - كان يشدد و بكل حزم ان لا اشتري مسمارا لا ينتمي للشركه الذي حددها سلفا !...
في المقابل ... قوبلت من متاجر بيع ادوية الحمامات بضغوط شديده ان اقنع "البيه السباك" ان اشتري من منتجات شركة كذا أو شركة كذا ... مع وعود كبيره للسباك - و ليس لي - بهدايا و امتيازات عريضه !!
حينها عرفت اللعبه .... فشركات انتاج قطع غيار الادوات الصحية تقوم باغراء السباك بشراء منتجاتها ... بأن تمنحه نقاطا نظير شراءه منتجاتها او ارغام "الزبون" ان يشتريها ... و في نهاية كل عام يتم تجميع عدد هذه النقاط التي تستبدل بهدايا قيمه للسيد السباك ... و لكي تضمن الشركه ولاء السباك التام... تقوم بتمثيليه لطيفه بان ترسل مندوبا الي شقة الشخص الذي يعمل فيها السباك ... لتقوم بمراجعة قطع الغيار التي استعملها و تتاكد انها من شركتها ثم تقوم بتجربة "كبس" للتأكد من عدم وجود تسريب في الدوره المائيه للمرفق .... ثم تمنح الزبون "مثلي" شهادة ضمان !! ... و تمنح معالي الدكتور السباك نقاطا و هدايا و حُبا و هياما ...
في سبيل ذلك ... تعذبت كثيرا لكي اشتري كل قطع الغيار من "ماركة" واحده ... و تعذبت اكثر عندما توقف العمل في انتظار مندوب الشركه الذي اعطي موعدا و جاء بعده بعشر ساعات .... في لفته طيبه منه انه جاء أساسا ... لانه من الطبيعي في العصر الحديث ان لا يأتي الا بعد يومين من الموعد ....
اذا سألتني : و لماذا اوافق علي كل هذا ؟ ... اقول لك ان اغضاب حيثية ضخمه بحجم "سباك" يعمل عندك ... هو حماقه كبري و مجازفه غير محمودة العواقب ...
بالمناسبة , هو خطأ قاتل فادح .... ان تقرر ان تقوم بنسف حمامك القديم ... و انت تعيش في المنزل .... ليتحول منزلك العزيز الي "حماملس" ... و تصير بواسيرك الي الهلع ... فمنها ما يصمد ... و منها ما يلبي نداء الطبيعه بغض النظر عن الابعاد ...
كان مقررا ان تتم "العمليه" ... خاطفه ... سريعه ... فتنتهي في اقل وقت ... محققه اهدافها المنشوده ... لكن الواقع كان اليما بما يكفي .... فقد سقط من حساباتي تماما ان عملية تكسير "السيراميك" القديم ... عمليه معقده .... للغايه
تبدأ العملية باتفاق ليس سهلا مع عامل يقوم بالتكسير و عامل يقوم بانزال مخلفات التكسير و سيارة تنقل المخلفات و بين هذه المراحل تفاصيل عديده ... مريعه .. ليست سلسه ... تبدأ بان العامل الذي اتفقت معه لم يأتي في الموعد .... "عادي" ...
ثم يدخل السباك ليتم عمله ... ثم يدخل عامل السيراميك ثم السباك .... ثم الانتهاء ..
الخطه الزمنية التي وضعتها لاتمام العملية تحولت من اربعة ايام الي عشرين يوما .... و ذلك لان الساده "الصنايعيه" لا يعرفون شيئا اسمه الالتزام بالمواعيد .... فمثلا اتفقت مع اربعة مهنيين لتركيب السيراميك ... كل منهم وعدني بالحضور ... و لم يحضر احد ... لتمتد معاناة اهل البيت مع حمام منفجر ....
اخيرا ... "توسلت" لعامل تركيب سيراميك لكي يتكرم و يتعطف و يتنازل و يلبي ندائي .... فوافق علي ان آخذه بسيارتي من امام منزله بمعداته كامله و اعيده بعد الانتهاء ... وافقت طبعا ... و كنت امام منزله في التزام لا يعرفه عني زملائي في العمل
بعد هذه التجربة المريره .... اطرح تساؤلين ساذجين للغايه .... الاول معني بالاخلاق المنعدمه تماما تماما ... فلا صدق و لا ضمير و لا وفاء بالعهود .... تلمسه في هؤلاء المهنيين .... اما التساؤل الثاني فهو معني بالبطاله التي يدعون وجودها ... فكلما تتحدث مع احدهم ... يقص علي مسامعك القصه الشهيرة المسماه " الحال مش ماشي و مفيش شغل" ... !!
كنت اعتقد انه في ظروف البطاله المستشرية و وقوف الحال و الاحوال ... انه ايا منهم - اي المهنيون - سوف يلبون نداء اي عمل يُطلب منهم .... لكن التجربة الواقعية لا تقول ذلك ... ابدا
خلال حديثي معهم استدرجتهم لاعرف دواخلهم و كيف ينظرون الي سلوكهم المشين من وجهة نظري .... و العادي تماما من وجهة نظرهم !! ... قال بعضهم انهم لا يلبون نداء العمل الا عندما تنتهي اموالهم و تبدأ اعراض العوز تظهر علي جلودهم .... و قال آخرون انهم يجب ان يشعروا "الزبون" ... انهم ليسوا متاحين في كل وقت ... حتي يشعر الزبون "مثلي" ... بأهميتهم القصوي ... فيقدرهم ماديا و أدبيا و أمعائيا ....
و قال آخرون ... انهم لا يحبذون العمليات الصغيرة ..... فالحمام فقط ... يعتبر عمليه صغيره من وجهة نظرهم ... هم يريدون شقه كامله ... او عمارة .... هم يريدون "مردغانه" ...
و عندما سألتهم عن رأيهم ... في الكذب واخلاف المواعيد ... و تدني الضمير الي درجة الصفر المئوي ... وجدت ان ما اقوله ليس في حساباتهم ... و ان هذه صفات عاديه و مطلوبه في عالم "المهنيين" ...
نصيحتي لكم ان تحافظوا علي مرافقكم الحيويه خصوصا الحمام ... و ان تحسبوا حساباتكم قبل اتخاذ قرار كهذا ... و ان تعلموا انكم مقدمون علي التعامل مع فئه من البشر .... تعيش علي كوكب هناك ... و ليس هنا ...
ايضا انصحكم بعدم تكسير "السيراميك" القديم .... ركبوا فوقه الجديد .... فهناك "تكنيك" لذلك ... لم يصل لمسامعي الا بعد ان وضعت الحرب اوزارها
سأختم لكم بلقطه "للبانيو" الجديد اثناء عملية "التلبيش" ... و لا تسألوني عنها ... فأنا "متلبش" ... ايما تلبش ....
تحياتي