وأنا باقرا قصة هجرة سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، ربطت ذهنيا بينها وبين المفهوم النفسي المستحدث، وهو مغادرة مناطق التعود، أو المصطلحة علميا بمناطق الراحة.
في رأيي إن نواة وبؤرة كل تراجع وتأخر في حياتنا، أساسه هو التعلق بهذه المناطق، إما خوفا من ضريبة التغيير، أو تقديسا غير مفهوم لها، برغم إن مناطق "الراحة" دي هتتحول هتتحول -حتى ولو على المدى الطويل- لأسباب للمشقة والتعاسة، وممكن توصل لإنها تبقى قنابل حالة وموقوتة للأذى الجماعي.
مناطق "الراحة" بتبدأ من الأفكار؛ ممكن نستسلم لفكرة ونسيبها تسيطر علينا، وما نبقاش قادرين نتقبل إننا نتخلى عنها، برغم كل الدلالات والشواهد اللي بتأكد ضرورة مراجعتها وتصحيحها، أو استبدالها بما هو أكثر ملاءمة. مناطق "الراحة" كمان زي ما بتتصور في الأماكن أو العادات اللي بتتسبب لنا في أذى، ممكن تجسيدها في أشخاص بيستغلونا أو بيبتزونا، وإحنا خوفا من الإقرار بالشواهد والحقايق اللي بتأكد لنا ده، وكل ما سيلي هذا الإقرار من ألم وتضحيات محتملة، مستعدين ننكر ونغمي عنينا، ونفرط في حيوات كاملة، وإحنا سايبين الناس دي تظلمنا، من غير مواجهة، أو محاولة للتغيير، أو استرداد للحق، وياريتنا بنفرط في أعمارنا إحنا بس، لا ده إحنا ممكن نفرط كمان في أعمار ضحايا غيرنا مالهومش ذنب.
النقاط دي خطرت على بالي وأنا باقرأ كلام أمل، اللي ركز أكتر على الجانب الإيجابي اللي بينتج من هجرة هذا التعلق الغير صحي، واللي لو كنا مهتمين باتباع السنة الحقيقية، لكنا عرفنا ازاي النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، قدر بإيمان ووعي وعزم، وحزم، ورحمة، يدير حياته وحياة أنصاره، بعيدا عن مناطق "الراحة"، في اتجاه التحقق، ونصرة المبدأ، والرسالة.
******************************
في بداية سنة جديدة باتمنى تكون فرصة جديدة للهجرة للرضا والسعادة والإيمان.