صحيت اول امبارح على خبر حزين هو ارتقاء الشهيد خضر عدنان بعد إضراب كامل عن الطعام لمدة 86 يوم. دون علاج أو اعتناء صحي.. وللأسف دون دعم إعلامي كافي!
حسيت بالذنب بجانب الذنب اللحظي اللي باحسه كل ما أقرأ أخبار الاعتقالات والأخبار عموما..
ما اعرفش كان إيه ممكن يتعمل يقلل إحساسي بالذنب؟ بس بالتأكيد أي محاولة في حدود المتاح لرد المظالم هي الحصن والرادع لحاجات كتير قوي ممكن تهلكنا معنويا، وهو هلاك أعظم من أي هلاك مادي، وهي التحقق الحقيقي برغم أي تضحية بتبذل في سبيل ده..
وأنا باقرأ عن خضر عدنان وتفاصيل نضاله ومساعدة زوجته العظيمة ليه وكلمتها الملهمة بعد استشهاد٥، افتكرت الحوار اللي كان بيدور بيني وبين حبيبة قبلها بيوم وهي بتذاكر قصة عبد الله ابن الزبير والحوار اللي دار بينه وبين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، ابرز مقاطع النص كالآتي:
"دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر،... وقد رأى من الناس ما رأى من خذلانهم، فقال:
يا أمه: خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يا بني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامضِ له، فقد قُتل عليه أصحابك، ....
وإن كنت إنما أردت الدنيا، فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قُتل معك، وإن قلت: كنت على حق، فلما وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين، وكم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن، والله لضربة بالسيف في عزٍّ، أحب إلي من ضربة بسوط في ذلٍّ، قال: إني أخاف إن قتلوني أن يمثل9ا بي، قالت: يا بني إن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها.
فدنا منها وقبل رأسها، وقال: هذا والله رأيي، والذي قمت به داعيا إلى يومي هذا"
طبعا حبيبة كانت مستغربة إنه "إزاي أم تقدر تقول كده لابنها؟ ماكنتش خايفة عليه؟!" قلت لها: بالعكس هي كانت خايفة عليه جدا من احتمال الضعف والاستسلام، وساعتها هو هيكون اشترى الأمان الوهمي، والمكسب المؤقت قصاد خسارته لقضيته ونفسه. خاصة إن فيه ناس ضحت بنفسها عشانه.. هي هنا اختارت له الحياة الحقيقية.. الحياة في نبض قضيته وفؤ إلهام ثباته.. إنما لو كان استسلم للخوف وللإغراء المادي اللي كان بيعرضه عليه الحجاج بن يوسف الثقفي، ده ما كنش هيحميه بشكل مؤكد من التنكيل بيه بعد كده، وبالتأكيد كان هيخسّره نفسه وثقة كل من حوله وكان هيبقى ده المستشفى الحقيقي...
افتكرت الحوار ده، ولما شفت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية اللي قام بيها آلاف الفلسطينيين من أول الأطفال لغاية كل الأعمار، افتكرت كمان مقولة تميم البرغوثي:
" الأسرى يحررون الطلقاء".