سألني صديقي ذات حديث:
"أيمكن لامرأةٍ أن تحبَّ رجلًا مبعثرَ الهندامِ، عشوائيًّا، يمكن أن يكون فقيرًا ومحتملًا مجنونًا؟"
كان ردّي سريعًا، وأظنه بدا لصديقي أفلاطونيًّا مثاليًّا، ليس بواقعيّ.
قلت: "نعم، تحبّه ولو كان جثّة، كما قالت ميلينا لكافكا." و أكملت
"المرأة إذا أحبت تتوج رجلها كيفما كان ملكًا"
ضحك غير مصدّق، لكنّي شردتُ...
منذ صبايَ، يشغل مخيّلتي، وحتى بعد تقدّم عمري، يشغلني درويشٌ مشعثٌ، بعباءةٍ سوداءَ ومسبحةٍ عقيقيّةٍ، لا بيت له سوى قلبي، ولا يهتمّ لأحد، عالمٌ جليلٌ لم يعلّمه أحد، عقلُه فذٌّ لا ينافسه أحد، يحبّه كلُّ من يراه، يقتسم رغيفه مع حيوانات الطريق، يبتسم لكلّ الأطفال ويُخرج كُورًا ملوّنةً من جانب رؤوسهم...
نعم، لم أردّ ردًّا لا يناسبني... خيالي ربما لكن يعيش داخلي كواقع يسعدني ...
أنا تمنّيتُ صحبةَ رجلٍ تواضع لله، مجهولٍ في الأرض، معروفٍ في السماء...
مبعثرٍ يجمع شتاتَه برِحالي...
يُعلمني .. ويقدرني ويستمع إلى كلمات لم تخرج من نطاق حنجرتي .. حكيم، متبصر بالنفوس، زاهد يرضى بما طوته المقادير ضاحكًا...
لكنّ صديقي لا يصدّق...
لا شيء سوى أنّ صديقي لا يثق بالعالم الآن، أو أنّه ما زال بالضلوعِ مشاعرُ لا تعرف المصالحَ والماديّاتِ وكلَّ هذا الجنون...
صديقي حزين، لكنه مثلي يحاول ...