حديثي أنا وصديقي جريدةٌ صباحية...
ننتقل من الصفحة الأولى وعناوين الأحداث الرئيسية، مرورًا ببرامج التلفزيون، والأخبار المخيبة للآمال،
وبين الدهشة والسخرية، يعدّل نظارته ويمطّ شفتيه...
ننتقل إلى أعمدة الأدباء؛ يُعجبني هذا ويُعجبه ذاك، وأخالفه الرأي أحيانًا، فيُصرّ أن أوافقه، إما اقتناعًا أو استسلامًا،
لكن في النهاية، الجدل معه سهلٌ، كماءٍ رقيقٍ يجري في جدول وفقًا لتيار حنون...
نصل إلى الحديث عن الأبراج والخرافات،
ذات يومٍ، تحدّثنا عن التنانين...
صديقي... رأسه مختل!
أتخيل بداخله رسمًا تخطيطيًا، تصعد أسهمه حينًا، وتهبط أحيانًا.
أنا لا أستمع إلى أفكاره، بل أصعدها....
أعتنق جنونها سرًا؛ لا بد أن يكون أحدنا أكثر تريثًا وتعقّلًا،
أما هو، فإذا بدأ الجنون لا يتوقف؛ يأخذ سرعته إلى النهاية،
أحاول أن أضع له لافتاتٍ حنونة:
ـ اهدأ.
ـ خذ أنفاسك بعمق.
ـ هل نشرب قهوة؟
وللحق، أنا معه في كل جرائم أفكاره.
أعتنق حديثه وكتاباته، وأقف خلفه وجانبه، وفقًا لتياره، لكن دون أن أعرقله أو أقيّده.
هو رائع... كما هو...
مختلٌ، مشتّتٌ بجنونٍ، يبحث عن المنطق الموؤد بأظافر أفكاره ، قاصٌّ يأسرُك، فتغمض عينيك جانبه، مُسلمًا أذنك، ولا تجد نفسك إلا مستمتعًا....
صديقي أحد أفضل الأماكن في حياتي...
أو لعله الأفضل...
وعدني أن يقصّ لي غدًا حكاية،
وأنا... أنتظر الغد بلهفة، لهفة الوصول إلى شمعةٍ تنبت في وسط وحشتي...