نوستالجيا
رائحتها مرت من أنفي إلى فؤادي فقلبي لتفتح صندوق النوستالجيا، أرتعش وأنا أبتعد أعوام لرائحة شي البطاطا على كورنيش الإسكندرية بموسيقى البحر الذي يداعب بشرتنا بنداه الهارب بعد مشاغبته للصخور، أنا من جيل منتهى سعادته أن يقلب بصندوق النوستالجيا فيسمع تلقائيًا صوت حميد الشاعري وهشام عباس "حلال عليك" بأحد جوانب الصندوق أهرامات من كتب الجيب بين المغامرون الخمسة وملف المستقبل وأدهم صبري ..لها رائحة الورق الأصفر المعتق بسراديب الذكريات ..
بقاع الصندوق شرائط الكاسيت وطوابع البريد من كل الدول وبعض العملات القديمة والصور الأبيض والأسود التي ضاعت بعض ملامحها لكننا نكملها بشكل اعتيادي وبكل شوق ..
نحن سجناء الصندوق بإرادتنا صندوق نتنفس من خلاله شيئًا نقيًا لم يتلوث فينا ..
كل الأجيال بعدنا لن يكون لديها صندوق، لديهم بعض الهواتف الخربة مكدسة بأدراج منسية تحمل ذكرياتهم المجففة بصور ورسائل باردة...شنقت لأن "البوردة تلفت"
نحن الأوفر حظًا رغم عناء التكيف مع هذا الجنون ..
جيل يرى من خلف زجاج يسعى لتحقيق الصمت كما يجب والعزلة كما تنبغي ..أخبروه مرارًا بأنه جيل يحمل الكآبة شعارًا وهو فقط مريض اشتياق يتنفس نوستالجيا ...