أتساءل: لمَ لا يُعطي الحبُّ أبدًا جُرعاتٍ كافية، فلا نشتاقُ بعدها أبدًا؟!
يأتي الحبُّ متأنِّقًا، يُعدِّلُ رابطةَ عُنُقه، متناغمًا تمامًا مع كلِّ الظروف، يضعُ صُدفًا وهميَّة، نقاطَ التقاء، وتواريخ مميزة، وكأنَّها قدريَّة، والكثيرَ من الألعابِ السِّحريَّةِ التي تسرُّ الناظرين...
ثمَّ ماذا؟
لا يكتملُ عَرضُه، يظلُّ ناقصًا، وحينما تُسدلُ السَّتائرُ، تَظهَرُ حقيقةٌ أخرى وأخرى وأخرى، ويَتبيَّنُ أنَّ كلَّ ما سبق – أو بعضَه – كان مُفتعَلًا...
لا يأتي الحبُّ بسهولةٍ كاحتضانِ الموجِ للرِّمال، أو ضمَّةِ عتمةِ السَّماءِ للقمر، أو سُكونِ اللَّهبِ على فتيلِ شمعةٍ؛ اتِّفاقٌ بين كلِّ الأطرافِ السَّابقة على أن تكونَ البدايةُ معًا، والموتُ كذلك، فلا مَساحةَ لاشْتياقٍ أو عتابٍ أو فُروقِ توقيت... موت هاديء دون عزاء أو حداد ..
ألا يأتي الحبُّ أبدًا كحالةِ توهُّجٍ كاملة، ثمَّ رمادٍ دونَ عودةٍ وندم؟!
ألا يُوجَدُ حُبٌّ دونَ فقراتِ الكآبة، وسخافاتِ الافتقاد، ورميِ الاتهامات، وتهشُّمِ قلوبٍ تحتَ وطأةِ غباءِ عقولٍ أخذَتها العزُّة بالإثم، والعنادُ بالكِبْر، وضياعُ لذَّةِ الذِّكرى تحتَ عنوان:
"حُلوًا أنَّنا كُنَّا ذاتَ سعادةٍ معًا"؟!
ألا نتقبَّلُ في الحبِّ نِهاياتٍ سعيدةً كالبِدايات، وإنْ كانتْ فِراقًا وقورًا دون ضخب؟!