دخلت إلى المقهى كعادتي كل صباح محضرة ابتسامتي ..ألقيت سلامًا معطرًا على الجميع ...
واحتضنتهم بعيني ...جلست إلى طاولتي المعتادة ....جاءني صديقي النادل مسرعًا بقهوتي المرة برائحتها التي تنعش خاطري، وشطيرتي المحلاة التي تنثر رائحة الدفء، وتذكرني برائحة أمي في الصباح ...
نظرت إلى النادل مبستمة، سألته عن حاله، وقبل أن يجيب رأيت غيمة حزن بمقلتيه مرت على قلبي ....فشددت على يده، أخبرته أن كل الأحوال ستكون بخير ...ليبتسم،
ويمضي بارتياح مؤقت لكنه جيد ...
جاءت الصغيرة مع أبيها لتطلب الفطائر
المحلاة ...يطير شعرها فرحًا وتلتقي بعيني ..لأداعبها بحركات وجهي المرحة..لتأتي ململمة الهواء والسعادة بذراعيها لتضمني ...
و يلحق بها والدها معتذرًا
"فقدت والدتها بالأسبوع الماضي" ...لآخذها وأدور بها فتعلو ضحكاتها حتى تهادت دموع أبيها فرحًا ...
دلف إلى المقهى هذا العجوز المنحني المتجهم بعصاه التي تدق الأرض معلنة عدد السنوات التي مرت ...علت موسيقى عشق بالمكان فوضعت عصاه جانبًا ...لآخذ يده وأراقصه ....لتتجلى قسمات رجل أربعيني وليس فى الستين من عمره ...تضحك عيناه ويعاند وجع مفاصله وألم اشتياقه لمن رحلوا ...
ها هو صديقي الكاتب بأوراقه ونظارته يجلس غير آبه بنا ...محيطًا نفسه بهالة من الكآبة ..فخطوت نحوه ملقية أبيات من الشعر فرفع بتثاقل عينيه، وأكمل معي بيتًا من الشعر وأغلقه بابتسامة وقافية من فرح ...
حينها دخل هذا الذي يشبهنى فاتحًا بالحب ذراعيه ...يقص كيف نجح وحقق حلماً كان يستعصي ..
وجاء إلى طاولتي، جالسني ...
وقال ..سلاماً على التي من أرضي، أوجعها التعب والقلق وقلة النوم، فنثرته فرحًا حولها وعشقًا،
ابتسمت لأنني أعرف أنني من أرض أخرى ...ونظرت بساعتي إنه ميعاد جلسة علاجي الكيميائي ...فنظرت إلى شطيرتي التي لم أتناولها يومًا ...وأخدتها إلى بائعة الورد تلك التي تغمرني رغم ضيق الحال بالورد .. ومضيت