"الجزء الثالث و الأخير"
---
-"لا أصدق أنني ساعدتك بهذا الأمر"
-"لأنك تعلم بحبي لها يا عامر"
-"تحبها ؟كيف ؟ عندما لم تخبرها أنك متزوج؟؟؟ كنت تحبها؟؟ وعندما تركتها لأجل زوجتك أكنت تحبها؟؟ "
-"لا يا عامر كنت أحب زوجتي حينها كذلك"
-"ولِمَ طرقت بابها أيها الاحمق؟؟؟؟"
-"لأنها حنونة، وأنا كنت بحاجة لقلبها، بعد أن صفقت زوجتي الباب بوجهي"
-"وهي؟ وماذا لو عادت لك زوجتك من جديد ؟"
-"لن تعود حينما غابت عني مودة، شعرت كم كانت حياتي رائعة بها، كلها طمأنينة، ومودة لم تطلب شيئًا، لم تشكو يومًا، حتى إذا اختلفنا، كانت مشاكلنا تذوب بلحظة، شعرت الفرق حينما عدت لزوجتي""
-"أناني، ولأن كل ما أريده أن تعود مودة سعيدة ما ساعدتك أبدًا.. كن على يقين سوف تواجهني إذا كسرتها مرة أخرى، ولا أظن وقتها ستصلح لأي امرأة،
إذا خسرت صديقتي يومًا بسببك يا طارق سأقضي عليك "
أقف خلف الباب المشرع، ومعي هدية حب غلفتها بمحبتي البلهاء؛ لأتلقى لكمة قوية بهذا الحديث، الرجل الذي عاد معافى، الرجل الذي عاد ليحيي قلبي من جديد، لأعوضه شقاء المرض، والبعد وأملأ عيني برؤيته، وأتنفس محبته، تسقط هديتي أرضًا، وتميد الأرض تحت قدمي، تدور رأسي بشدة.. كم خائن لابد أن أواجه لأمر من هذه الحياة؟؟؟ وكم من المرات سوف أخذل فيمن وثقت بهم!!!! وكم من الأشخاص بحياتي يرون أنني دمية!!! ما أَمْر مواكب الحزن أَلاَ تنصب أعلامها إلا بدربي؟؟؟
وبما بقي لدي من صحوة الموت في أرض الهزيمة، دفعت الباب، ونظرت لهما ورأيتهما كلاعبان دمى، كل منهما يمسك بطرف مني، ويتلاعب كيفما يشاء، وأنا بمنتهى الاستسلام رقصت على حركات خيوطهما
لم ألتفت للألم الذي أصاب ملامح عامر وهو يقترب مني فقلت بحدة
-" أنت من حدثني عن الدار، وكم هي ناجحة" وأنت الذي أضفتني لصفحتهم، أنت دفعتني باحترافية لأتحمس للعمل هنا"
صفقت بلوعة أضغط على كلماتي البائسة
-"تعرفني جيدًا يا صديق، وتعرف أن لكلمتك وزن ومقام عندي لأنني ....لأنني كنت ..أثق بك"
أوغر الحزن قلبي، لكني أحجمت عيني عن ذرف الدمع ورفعت رأسي بقوة
-" أااااه....يا من كنت أظنه صديقي"
حاول طارق أن يقترب منى، فرفعت يدى واستوقفته محذرة
-"قف مكانك إياك أن تخطو نحوي، أنا لا أنتمى لأرض الكاذبين، أنا بأرض الخير والمحبة، وسأبقى، ولن تلوثني أنهار الكذب والمكر، والأنانية، أنا بأرض طيبة، أرض الكبرياء، أرض لن يصل كلاكما لها يومًا....أرض مودة."
******
"لا أستطيع مواجهتك، لذا فضلت أن أرسل لكِ رسالة، علني أستطيع بها أن أمرر اعتذارًا؛ بجيبه اعتراف، مودة.. منذ أن عرفتك ما كذبت عليكِ يومًا، كان ضربًا من الجنون وقتها أن أخبرك أنني أحببتك من اليوم الأول لعملنا معًا، شعرت وكأن الأمر يشبه طلب ثمن لمطاردتي لهذا الوغد الذي أذاكِ، وإصابتي بضربة سكينه حينها قبل أن أتمكن منه وأسلمه للشرطة شاعرًا بمسؤوليتي تجاهك لأنك حبيبتي، عانقتني حينها قائلة: "رب أخ لم تلده أم"، لم أخبرك أنني تقطعت ألمًا حينما أخبرتني عن طارق، إلا أنه الأهم عندي أنتِ، يكفي أن تكوني سعيدة، يكفي أن لا أفقدك كصديقة، وابتعدت، حينما نزعت عنكِ الضمادة وعاد بصرك، أتذكري ماذا قلتِ في يوم الحفلة التي فاجأتك بها... ليت طارق هنا أريد أن أراه لمرة واحدة......
شعرت أنه مازال بقلبك، وعلمت بعدها عن سؤاله عنك مرارًا، وذهب لمنزلك القديم، ولاهتمامى بحالتك النفسية، ورغبتي في شفائك سريعًا، اتصلت به، سمعت قصته، وصدقته واتفقت معه، ليس لأذيتك غاليتي، وإنما أردت فقط سعادتك، وكل ما أرجوه أن تغفري لي، وبقلبك الوافر الحنان ترقين لحالي في بعدك، وأن اطمئن على أحوالك، صغيرتي أنا لست عابرًا وأنتِ لي لستِ بطريق أنتِ لي سبيلاً استقي منه الأمان"
كانت تلك رسالة وصلتني من عامر عبر البريد الالكترونى، قرأتها أكثر من مرة لا لأستوعب ما فيها، لكني اكتشتفت كم اشتقت لصديقي، الذي كان دومًا جانبي في أحلك لحظات الوحدة، لاحتياج مادى، لاحتياج نفسي، كان معي، لا يمل، ولا يشتكي من حمل همي، لكن كانت مفاجأتى هي اعترافه لي، كيف له أن يحبني، ويساعد غيره على الفوز بي!! كيف يمكن أن يتحمل وجعًا كهذا!! أتراه غبيًا إلى هذا الحد!!! أم يشقى لظنه أنني أحب طارق، كنت بالفعل أود أن أرى طارق بعد العملية، لكن لأخبره وعيني بعينه، أن أمره انتهى، وعندما عدت له اكتشفت أنني عدت شفقة، لشعوري أنني ظلمته، وحينما علمت أمر كذبه، كان الأمر أسهل كثيرًا من المرة الاولى، كان كمن أعطاني حبل نجاة، فهو لم يعد يعني لي، إنما تحررت تمامًا منه،
لكن ما أصابني بالخذلان أنت يا عامر، تحركت أصابعي على الأحرف كما تحركت دمعات عيني دون السقوط وكتبت
-"عامر... أتراك تعلم حقيقة الأمر، كأنني ما أحببت غيرك، قد أكون انبهرت بطارق لم يكن حبًا، باعتقادي كذلك هو لم يحبني،..أنت من تشعر بي، كنت أحبك دائمًا لكني فقط ضللت الطريق""
وفي ذات التوقيت الذي ضغطت على الرسالة لعامر تلقيت رسالة أخرى
-"عزيزتي... قد أكون كذبت عليك كثيرًا، وافتعلت أزمات أعلم أنكِ لن تثقي بي مجددًا، لكنني لم أحب غيرك، وتلك الحقيقة الواضحة بحياتي، أنتِ كنتِ لي شمسًا، أضاءت عتمتي، وبالفعل كنت أعمى رد لي بصري، حينما غربتِ عني، بقيتي داخلي كقارورة عطر سكبت بوجداني وتعتق عطرها بوتين قلبي، لا تتركيني، واغفري لي غبائي، وضلالي القديم؛ فحالي دونك سقم، وعلتي منك لا تبرأ، تعالي لقلبي، نضمد جراحنا معًا، أعلم أنني بقلبك أحيا فلا تقتليني"
تبسمت لتلك الكلمات المنمقة، وكم تبدو صادقة، وناعمه كجلد أفعى، تتسلل إليك بهدوء؛ لتفرغ سمها كاملاً داخلك دون أن تلحظ، الرد، والعتاب، وتأرجح الكلمات، قد يعد اهتمامًا، لذا من اليوم يا طارق نضبت كلماتي إليك، وبرئت تماماً من انبهاري القديم، ولك مني حظر على حسابك المزيف مثلك دون تردد أيها الأناني لعلك تفق، وتعود لبعض إنسانيتك يوماً أو لا تعود فأنت لم يعد لك بدربي
وجود ...حظر لاهتزاز صورتك حد انعدام الملامح.