نفذت الزجاجات وأنا لا أستطيع دونها يجب أن أذهب لأشترى، خطوط الهاتف مقطوعة بسبب تلك العاصفة، لن أستطيع طلبها، تعدى الوقت منتصف الليل ، ارهاق وتكاسل يتمدد بجسدي لكن لا يصلح أمري دون الزجاجات، انقطعت الكهرباء أيضًا، ما هذه الليلة؟؟؟ لا يهم، لابد من شراء الزجاجات، بقيت زجاجة وحيدة بالبراد، سآخذ منها بضع رشفات، ثم أذهب لابتاع المزيد، أين قداحتي الآن؟؟ لا أري أصابع يدي، صوت الرعد صاخب للغاية، سأعد حتى خمسة لينير البرق الغرفة، وأصل إلى القداحة، واحد، اثنان، ثلاثة، يا ويلى، برق شديد شق السماء حقًا، لكن لم أجد قداحتي، سأتلمس طريقى إلى البراد إذًا، دقات الساعة أعلنت الواحدة بعد منتصف الليل، لا لا.. لا تجزع، هناك محل صغير لا يغلق أبوابه الأربعة وعشرين ساعة، لا مجال للقلق، لم تنتهي الزجاجات، تبقت واحدة، هاا قد وصلت للبراد، كيف لى أن أتعرق هكذا بهذا الطقس القارس، البراد ؟؟ أين مقبضه؟؟ لا أجد مقبضه؟؟ لِمَ لا يفتح؟؟
-"لن يفتح ولن تصل لآخر زجاجة انتهت الزجاجات"
-من من يتحدث؟؟ من معي بالشقة!! وما شأنك بأمري من؟؟
لابد وأنني بكابوس، أم أنها النهاية سأموت عطشًا...
-لا لا يا أمي... لا لن نموت عطشًا بتلك الخيمة، بهذا السقيع.
ماذا أقول أنا أهذي أى خيمة، اهدأ يا غيث اهدأ، البراد سيفتح وستروي عطشك أنت ببيتك آمن تمامًا لا تقلق،
انفتح أخيراً ماذا!! ماذا؟؟ أين الزجاجة الأخيرة؟؟!!
-لا لا ..لا أريد الموت عطشًا يا أمي، ولن تموت راجية، ولا أنتِ، سأعدو بوسط الثلوج، والأمطار والرعود وأعود لكما بالماء، لا أهميه للطعام اعتدنا الجوع لكن العطش يقرح حلوقنا.
افق يا غيث، ماذا تقول، هيا هيا أنت بخير ، خذ معطفك واذهب وابتع الماء، لا جنود يُحًرموا عليك التجوال، ولا حصار يمنع عنك ابتياع ما تحتاج، ولا انتظار لمن يرمي لك ببعض العطايا، والأكثر لم تعد بالعاشرة، هيا أنت بخير يا غيث، أنت رجل الآن تجاوزت الثلاثين، الوقت متأخر، لن أتجرع ماء الأمطار من جديد، لن أضع الثلج على شفاه راجية الصغيرة، لأروي عطشها ببرودة تجمد أوصالها، لن تتحول ثانية بين ذراعي للون الأزرق وتذهب.
-مغلق؟! المحل مغلق؟؟
أمي لا تذهبي سأحصل على الماء، ذهبت راجيه فلا تتركيني وحيدًا، أتجول بين خيام الإيواء، بلا مأوى، بلا حضن، أمي سأعود بالماء، تحركي يا أمى، لِمَ تجمدتِ هكذا؟! لم تركتِ غيث بلا غيث؟؟؟ كنتِ ما بقي من الوطن يا أماه، لا زجاجات... كلما انتهت زجاجات الماء، تموت راجية، وتذهب أمس، لن ينتهي عذابي ولن أنسى كم عانيت، والآخرون بقصروهم نيام.
---
من مجموعتي القصصية الصادرة عن دار العنقاء لعام
٢٠٢٢
انتهت الزجاجات