أرفض تمامًا منذ بدأت بمهنة التدريس أن أكون معلمة فحسب، إن لم أكن المعلمة الأثيرة التي لا يُنسى اسمها لا يمكن أن أستمر مع الطالب، أو في المؤسسة عامة ..
ولأنني على هذا كانت الطالبات "لأنني على الأكثر أحب تدريس البنات" يتوددن لي بعفوية وأسمع أدق التفاصيل الحياتية التي لا يتخيل أولياء الأمور بإدراك أطفالهم لها ...
أحيانًا كثيرة كنت أنبه برفق أن هذه أسرار لا يجب لأحد معرفتها وإذا الأمر خطير أُطلع ولي الأمر وندير المشكلة معًا..
لكن حضرتني اليوم بعد أن قابلتني هذه الصورة ذكرى لطالبة في الصف الثالث الابتدائي، حينما أخبرتني:
" بابا هو بيضفر شعري"
فأَثنيت على الضفيرة الغير منتظمة بشكل مرتب وأنا لا أعلم أنني شاركتها سعادة خاصة، رفعت عينيها الخضراوتين وهي تهمس :
"أنا عارفة بابا بيضفر شعري وحش لكن مش بقوله عشان هو بيحب كده بفكره بعمتو اللي ماتت أصلي شبهها و كانت ديما تقوله ضفر شعري وهي رايحه مدرستها مش بيرضى هو قال كده لماما وانا سمعت.. ميعرفوش إني سمعت..بعمل زي ماما مش واخده بالي إن شعري مش حلو أوي عشان بابا ميزعلش أنا بحب بابا أوي "
عرفت بعدها أن الأب وأخته كانا يتيمين وهو المسؤول عنها قبل رحيلها طفلة ..
لم يخطر ببالي حينها سوى الزوجة التي قبلت خروج ابنتها للمدرسة بجديلتين غير مرتبتين فقط لتدعم زوجها، وعلَّمت ابنتها بالتبعية ودون اتفاق الرحمة والمحبة، وتقدير المشاعر...
الحياة الزوجية اطمئنان و ود ودعم نتاجه أطفال يحملون جوهر الإنسانية ..