سبحان الله ما هذا السُعار؟ وما هذا الأفول؟
فما أن نشرنا مادة تظهر انتهازية واستغلال رمز من رموز العلمانية، وهو الراحل الدكتور فرج فودة، وكشفنا جانبا من نمط شخصيته الابتزازية، وطيفا من حقيقة سعيه الرخيص نحو الشهرة والصيت على حساب الفكر والمبادئ والدين والوطنية، حتى خرج بعض أتباعه ومريدوه ومعتنقو فكره يتهموننا بالتعصب وعدم الإنصاف والموضوعية في الطرح والحديث، وأننا من قتل الشهيد فرج فودة؟
وسألني أحدهم صراحة: لماذا قتلتموه؟
وقال لي آخر: نعم هو كان كذلك ولكن هل دعا إلى قتل غيره كما فعلتهم به؟
لقد قرأت هذه الرود وأنا في قمة الدهشة و الاستغراب، وقلت في نفسي: ما هذا الإفك، وما هذا البهتان؟! إن القوم يخاطبونني بلفظ الجماعة، وينسبون قتل الرجل لنا، وتخيلت نفسي أمام ردودهم أنني رئيس تنظيم سري إرهابي خطير، يدبر في الخفاء ليقطع أي لسان يهاجم تياره وجماعته وتنظيمه.
لقد أصابني رعب شديد من هول التهم التي أشعرتني أنني من خطط لقتل فرج فودة، واغتياله، وضربه بالنار في وضح النهار، وان دمه في رقبتي، ومما لا شك أن هذه الاتهامات وخطابي بلسان حال الجماعة، أسلوب رخيص مبتذل، ولون من ألوان القمع الفكري والمعرفي، الذي يفعله ويمارسه كثير من أهل الإفك والزور، الذين إذا أرادوا إخراس خصومهم، هاجموهم وألصقوا بهم تهما تجعل أفواههم مفتوحة من فرط الدهشة والمصاب، فيسارعون إلى الهروب سريعا وحذف كل ما كتبوه من نقد وتصويب، خوفا من أن تصيبهم هذه التهمة التي يعاقب عليها القانون، وتجر إلى السجن جرا.
وأنا أقدر ظروف القراء من زبانية العلمانية وأنصار الفقيد فرج فودة، لأن الكلام وقعه عليهم شديد فاضح كاشف، وكان صدمة عاتية عرت طبيعة ونفسية فرج فودة وأظهرها بكثير من الخبث والمكر، وأنه رجل يلهث وراء الشهرة والمال، وبينته كذلك بهيئة الحسود الغيور الذي يأكل الغل قلبه من نجاح غيره، وأظهره كذلك بأنه لم يضع أفكاره إيمانا بها، وإنما بغية الذيوع وتحقيق المكاسب المادية من خلال بيع كتبه والترويج لها.
ولكني أمام كل هذا أحب أن أنوه وأكرر، أن انتقادي للرجل، وحديثي المبغض عنه، لا يعني أنني من قتله، ولا يعني أنني هللت لمن قتله، أو أيدت من قتله، فيشهد الله أن فعلهم هذا في إيماني أضر بالإسلام ضررا عظيما، ولم يخدم الإسلام في شيء، وأنني مؤمن أشد الإيمان أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، والقلم لا يصارع إلا بالقلم، أما سلوك القمع والفتك بالخصوم والمعارضين، فليس إلا سبيل من لا فكر لهم ولا وعي ولا رقي.. وهو عمل إرهابي لا يجب نسبته إلى الإسلام في شيء.
ثم أحب القول لهؤلاء أمام اتهاماتهم المغرضة المحرضة: إن انتمائي إلى الأزهر وثقافتي أزهرية، وإن أكبر وأكثر من انتقد فرج فودة ضد أفكاره هم علماء الأزهر، وعلى رأسهم العلامة المرموق الدكتور محمد رجب البيومي رئيس تحرير مجلة الأزهر الأسبق، وعميد كلية اللغة العربية، والذي يعد أكثر من تصدى لأفكار الرجل بحجم كثيف من المقالات العلمية الرصينة التي أبطلت وأسقطت كل دعاوية وترهاته، وإن شئت فراجع كتابه (قضايا إسلامية) .. وكذلك كثير غيره من الأعلام الذين رأوا كلام الرجل منافيا لتعاليم الإسلام وأنه يعترض ثوابته بسخف ممجوج، وإسفاف مرفوض، فهبوا في وجهه هبة الغيارى المنافحين عن دينهم وثوابته وربانية وجوده ودعوته واستقامة شريعته.
فهل كان محمد رجب البيومي من الجماعات الإسلامية؟ وهل كان من التنظيمات الإرهابية؟ وهل تجرأ خائب أن يقول له فيما بعد: إنه هو من قتل فرج فودة؟
ألا إن أتباع فرج لا يستوعبون أنه أخطأ في حق دينه بأفكاره المريضة، وأنه استكمل مسيرة المستشرقين والتغريبيين من الحاقدين على الإسلام، بل فاقهم غلوا ونكارة وفجورا.. وأما أن قتل بيد الارهابيين، فإن ذلك لا يشفع له أمام أفكاره الحاقدة.
أنا أنتقد أفكاره فقط، وحينما أنتقد أفكاره، ليس من حقك أبدا أن تحدثني عن موضوع القتل والاغتيال، إنني لا أقبل بهذا الغبش والتخبط الأرعن في الرؤية والتصور.. وارفض بشدة أي خروج على القانون أومخالفة لنظام الدولة.
أما من يعيب علينا أننا نقلب سيرة أموات وليس من المروءة ذكرهم لأنهم ليسوا في الوجود ليدافعوا عن أنفسهم، فنقول له: ذلك يكون في رجال مسوا قضايا أدبية او حياتية او علمية، أما رجل كان يحمل الكيد لمبادئ الإسلام ويبغض الشريعة، وله أتباع يؤيدون فهمه وقوله وفكره ويحملون كتبه، فالاستثناء مطلوب ومحبوب حتى ولو كان صاحبه مفقودا.. لأن تجلية الحقائق ضرورة بل فريضة.
وذهب ثالث يقول لي: ما الذي ذكرك به لقد مات كل هؤلاء من زمن، وأنا أقول لك: يا أخي لم يمت، فما زالت أفكاره تجد من المفلوتين من يعتنقها ويتقول بها.





































